التفسير الوحيد لزيارة رئيس دولة جنوب السودان للخرطوم هو إبداء الرغبة في التعاون مع حكومة السودان وهي رغبة نفسرها إما انها ناتجة عن ادراك تام من قبل السيد سلفاكير ميارديت باهمية تمتين العلاقات مع حكومة الخرطوم من منطلق الحفاظ على مكاسب الدولة الجديدة وتجنب المشكلات الاقتصادية والامنية التي يمكن ان تتسبب في تأزيم الاوضاع الداخلية لحكومة بلاده او ربما تكون الخطوة - وهو اعتقاد راسخ - مبادرة جنوبية لتنفيذ نصائح غربية بالجلوس مع حكومة الخرطوم وعلى مستوى الرئاسة لتحديد المسؤوليات الجسيمة التي تفرضها الظروف الراهن? وما اذا كان الطرفان يملكان الارادة الكافية لتعزيز العلاقات بين الشمال والجنوب انطلاقاً من مناقشة القضايا العالقة . إن الاصابع الامريكية واضحة في زيارة السيد سلفاكير فهو منذ وقت قصير نفذ زيارة للولايات المتحدةالامريكية وقابل الرئيس اوباما وحظي بقبول دولة جنوب السودان كعضو جديد ضمن منظومة الاممالمتحدة خلال المداولات الاخيرة للمنظمة الدولية ومن الواضح ان نقاشاً مستفيضاً تم في واشنطن حول القضايا العالقة مع حكومة الخرطوم وكيفية معالجتها. وبرأي ان النقاش اخذ منحىً يتهم قيادات في الخرطوم تنشط في تصعيد التوترات بين الطرفين فيما تمت الاشارة الي ان الرئيس البشير يبدو متعاوناً ومتعايشاً مع الدولة الجديدة وهو مستعد لتقديم كافة ا?دعم والاسناد لاخوته في الجنوب بيد ان التصعيد الخطير في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وتفجر الاوضاع فيهما جعل من المستحيل العبور بقضايا الحوار بين الطرفين من مربع الاستقطاب الحاد الى بر الامان . ولكن ترى ماذا دار في نقاشات الطرفين داخل الغرف المغلقة ؟ ان المراقبين يؤكدون ان قضية الاعتراف بوجود حزب للحركة الشعبية في شمال السودان هو الضامن الوحيد لعدم تفجر الاوضاع مستقبلاً في مناطق النزاع الحالية والاعتراف بالحركة الشعبية قطاع الشمال يعني الجلوس مع قياداتها لادارة حوار وانهاء الصراع وهو عين ما تطالب به الولاياتالمتحدةالامريكية طرفي اتفاقية السلام الشامل باعتبار انه ما تزال هنالك قضايا عالقة وانه يرجى من تحسين العلاقات بين الجانبين الاسهام في تنفيذ المتبقي من بنود الاتفاق الشامل وانه ليس بمقدور الج?ات الضامنة لاتفاقية نيفاشا اصدار شهادة ( استيفاء تنفيذ ) لصالح الخرطوم مالم تتم تسوية تلك القضايا العالقة كما ان واشنطن ترى في تحسين العلاقات بين الشمال والجنوب مدخلاً لتحسين اقتصاديات الطرفين وقد راج قبل وصول السيد سلفاكير الى الخرطوم تصريحات على لسان سفيرة واشنطن بجوبا تتعلق بالدعوة الى (تقاسم) عائدات النفط بين الخرطوم وجوبا . ومن شأن التفاهم حول ايقاف التصعيد بين الطرفين انهاء القتال الدائر حالياً في مناطق النزاع بالاضافة الى الاتفاق حول سحب قوات الطرفين من منطقة أبيي طالما انهما ارتضيا الحل الدولي ، كذلك يمكن للطرفين انهاء الحرب الاعلامية المستعرة بينهما فتوقف الخرطوم حملتها ( التطهيرية ) وتوقف الحركة حملتها ( الدولية ) التي انتظمت القارة الامريكية ومعظم دول الاتحاد الاوربي وغيرها من البلدان والرامية الي كسب الدعم والتأييد ضد الخرطوم ، ولكن هل ناقش المؤتمرون بقاعة الصداقة وسط الخرطوم كافة هذه القضايا ؟ ام ان النقاش انحصر حول ك?فية اقتسام عوائد النفط ؟ واذا ذهبت النقاشات بين الطرفين لتدور حول المسائل الاقتصادية فإن المسائل الامنية ربما تأتي لاحقاً بطريقة انسيابية فتتوقف كافة طبول الحرب تبعاً لذلك فهل يتوقع المراقبون نجاح زيارة رئيس حكومة جنوب السودان في حسم وحل كافة القضايا العالقة بين الجانبين ام ان فشل الزيارة سيقود الى المزيد من التصعيد ويفتح الباب واسعاً امام تطويل امد الصراع ؟