لا تستغرب عزيزي القارئ لجمع كلمة فسطاط على فساطيط، فقد وجدنا بعض الأعراب والنحاة يجمعونها على هذا النحو ومنهم الشاعر سعد بن كعب الذي قال في إحدى قصائده: وقد شالت الجوزاء حتى كأنها.. فساطيط ركب بالفلاة نزول.. وكنت عزيزنا الاعز قد علمت أن إثنين من أهل زماننا هذا قد قسما العالم إلى فسطاطين... حيث كان لأسامة بن لادن زعيم القاعدة رحمه الله مقولة أعقبت غزوة منهاتن وتدمير البرجين قسم العالم خلالها إلى فسطاطين، وذلك حين ظهر على قناة الجزيرة في أول بيان له بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر ليقول للعالمين أن هذا الحدث قد قسم العالم إلى فسطاطين، فسطاط الحق «الذي هو مع بن لادن»، وفسطاط الباطل «الذي تجسده أميركا ومثيلاتها ومن لف لفها»، وعلى أثر ذلك كان طبيعياً أن ترد أميركا وهي في غمرة حربها على الارهاب التي جاءت كرد فعل لتلك?الحادثة التي تباهى بها بن لادن وأثارت ثائرة الاميركان لدرجة الجنون، فهبوا مذعورين يألبون العالم ويحشدونه لمحاربة الارهاب للحد الذي جعل رئيس أميركا وقتها جورج بوش الابن يقسم العالم إلى فسطاطين، إما معنا وإما ضدنا على حد قوله، وبالمناسبة فان نظامنا هنا كان قد إندرج في هذه الحرب واصطف خلف الفسطاط الاميركي يحارب معها الارهاب وقدم لها خدمات جليلة في هذا المضمار «عملاً لله» حيث لم يجن منه أي مكاسب أو مقابل، أولم يهتف حاديهم «هي لله هي لله ولا لدنيا قد عملنا».. إذن حتى الأمس القريب كان الناس يعرفون فسطاطين، فسطاط بن لادن وفسطاط جورج بوش الابن، وكان الناس في بلدي إلى ما قبل يوم الخميس الماضي لا يعرفون كغيرهم سوى هذين الفسطاطين هما الفسطاطين آنفي الذكر، ولكن إذا بهم يفاجأوا صباح يوم الخميس الموافق السادس من أكتوبر الجاري من العام الحالي بالدكتور قطبي المهدي القيادي بالحزب الحاكم يعلن عبر صحف الخميس عن تدشين فسطاط ثالث هو كما قال يعرِّفه، فسطاط الانقاذ وحكومة المؤتمر الوطني، يقابله فسطاط أميركا واسرائيل، وأعجب ما في فسطاط قطبي المهدي هو انه لم يترك لاحد حق ان يصبح ?ضد» كما جاء في فسطاطي بن لادن وبوش اللذين تركا الخيار لمن يختار، فقطبي لم يترك الاحزاب التي رأت عدم جدوى مشاركتها في الحكومة المنعوتة «بالعريضة» وقررت عدم المشاركة، لم يتركها لحالها وخيارها بل لاحقها في عقر دارها يكيل لها الشتائم ويمطرها بالتحذيرات لا لشيء إلا لأنها رفضت عروض حزبه البخسة معنى ومبنى للمشاركة، ويبدو أن ذلك ما أغضب قطبي الذي ربما كان كبير الأمل في مشاركة هذه الأحزاب بشروط حزبه وبالكيفية التي يراها والنسبة التي يحددها، ولكن عندما خاب أمله لم يجد منطقاً يخاطبها به غير منطق القط في الحكاية الشعب?ة الشهيرة «القط والحليب والمشلعيب» فكان أن قال يخاطب هذه الأحزاب «على الأحزاب أن تحدد موقفها بدقة، إما مع الانقاذ وحكومة المؤتمر الوطني وإما مع أميركا واسرائيل»، وعليه أعزاؤنا القراء من لم يكن منكم مع الانقاذ وحكومة المؤتمر الوطني فالمؤكد أن رئيسه ليس هو البشير ربما كان أوباما أو نتنياهو وذلك هو الخيار الذي حشركم فيه قطبي...