٭ أود في هذا لمقال توضيح بعض الحقائق حول ما جاء بالمقال الذي نشر في حلقتين بهذه الصحيفة في أعدادها الصادرة بتاريخ 91/ و02/9/1102 تحت عنوان (استميحكم عذراً مدير عام هيئة الموانيء البحرية) الذي كتبه السيد/ محمود ادريس الحبر خبير ومستشار النقل البحري والموانيء رداً على الملاحظات التي ابديتها معقباً على المحاضرة القيمة التي قام بتقديمها بالمجلس الوطني. ركز السيد/ الحبر في مقاله تركيزاً واضحاً على ما قلته بأنه لو زار ميناء بورتسودان لوقف على الكثير من المتغيرات الايجابية التي حدثت بالميناء خلال السنوات الثلاث التي اعقبت آخر زياراته اليها. وحاول الإيحاء للقاريء وكأني قصدت القول بأنه لا داعي للتحاضر أو للتحدث اذا ما قام المحاضر والمتحدث بزيارة ميناء بورتسودان، مع أني قصدت ان زيارة بورتسودان ستثري المحاضرة التي لم يساورني ادنى شك في قيمتها وجدواها. بدليل الحضور من بورتسودان لهذه المحاضرة والاستفادة منها هو أيضاً تقدير واعتراف بخبرات وتجارب المحاضر في مجال ال?قل البحري، بل ونحن نعتز بأى سوداني استطاع ان يحقق ما حققه السيد/ الحبر، الذي نثمن حرصه واهتمامه على نقل عصارة تجاربه وخلاصة خبراته بالخارج الى داخل وطنه بالتعريف والتوعية والتنبيه الى أهمية هذا المجال، وما زلنا نتطلع الى المزيد من جهده معنا في هذا الاطار. ومع تقديري الشخصي للطرح المثالي الذي جاء في المحاضرة القيمة للسيد/ الحبر أقول إنه لم يكن غائباً عن هيئة الموانيء البحرية على امتداد اداراتها المتعاقبة، والمحكومة بظروف عامة وخاصة لا أحسب أنها غائبة أيضاً عن السيد/ الحبر، وهى ظروف يصعب الانفصال عنها والفكاك منها حتى لو اردنا ذلك. وتعميماً للفائدة أرجو أن أشير الى بعض ما جاء بالنقاط التي تناولها السيد/ الحبر وأبدأ بحديثه عن بضائع العبور (المسافنةTransshipment) التي تحتاج لترتيب وليست مطلق اعادة شحن، بل تعامل يحمل العديد من المضامين عبر مسلمات تشغيلية متعارف عليها، الجاذب منها الجغرافيا (الموقع- حركة التجارة) ومتغيرات الرحلة اضافة الى سياسات الخطوط الملاحية، وهنا قامت هيئة الموانيء البحرية بزيادة تعميق المرابط واستجلاب رافعات جسرية حديثة وانشأت مناطق جديدة لاستقبال الحاويات عبر حزمة من التشجيعات التي تؤدي الى حوافز كمية (Rebate) مرتب?ة بالحركة والتداول، ومنح مناطق خاصة للوكالات (Container freight station) بل رخصت لعمليات (Ship to ship) وعمليات تزويد السفن بالوقود. أما بالنسبة (Land locked countries) فهذه قطعت شوطاً مقدراً من الناحية الاجرائية والقانونية كاتفاقيات وبروتوكولات ولكننا لم نصل الى حد الاستجابة الكاملة وذلك لدواعي أمنية واضطرابات في الحدود وما يتبعها من ضغوط. ومثال لذلك اثيوبيا التي وقعنا معها مذكرة تفاهم واتفاق عُدل ببروتوكول ولنا معها اجتماعات سنوية في هذا الخصوص، ومنحت مواقع داخل وخارج الميناء ومواقف للشاحنات. ومع ذلك ظلت الاستجابة ضعيفة لتأثرها بالمجريات السياسية. وان كانت هناك العديد من التجارب الناجحة التي تمت مع القطاع الخاص الاثيوبي وما زالت مستمرة. أما دولة تشاد فقد وقعنا معها مذكرة تفاهم في ظل اتفاقية سابقة منحت بموجبها رسوم وأجور تفضيلية اضافة لمواقع تخزينية وحزمة تشجيعات أخرى كان لها الاثر الواضح في امتصاص التوترات التي حدثت بين البلدين مؤخراً. وما زالت مساعينا متواصلة لجذب التبادل التجاري بين تشاد والدول الآسيوية الى ميناء بورتسودان بدلاً من رأس الرجاء الصالح. أما جمهورية افريقيا الوسطى فهى الاخرى وقعنا معها مذكرة تفاهم ومنحت ذات الامتيازات ونفس المزايا التي منحت لدولة تشاد ومتابعتها مستمرة ليكون ميناء بورتسودان منفذاً لتجارتها مع الدول الآسيوية. وبخصوص معدلات المناولة فهذه مقاسة والمعطيات تتفاوت وفقاً لظروف التشغيل وانماط السفن أما سلسلة الاجراءات المرتبطة بالاسرة المينائية فهى محكومة بالدورة المستندية من (مواصفات ومقاييس-حجر صحي وزراعي- جمارك) والميناء تعمل تحت مظلة المجلس الاستشاري المكون من تلك القطاعات المذكورة بالاضافة الى وكلاء التخليص ووكلاء البواخر واصحاب العمل من أجل الوصول الى صيغة النافذة الواحدة ومن بعدها السلطة الواحدة عبر EDI ونظام تبادل المعلومات CTNS عبر AMS وذلك لربط التشغيل والمستندات والمعلومات مسبقاً وصولاً للقرار التشغيلي الجم?عي. وبخصوص المناطق الحرة التجارية والصناعية للهيئة اسهامها في هذا المجال بالتشجيع وعملياً بتعديل التعريفة حتى تساعد في انسياب حركة البضائع لتلك المناطق لما تتمتع به من ميزات تفضيلية وتميزية عن السلع المحولة والمتحولة (تركيب- تصنيع). كما ساهمت الهيئة أيضاً في التعامل مع نظام المستودعات ICD في سوبا وقرى ومستودعات سكر كنانة بكوستي وذلك عبر المستند الواحد SAD هذا بالاضافة لمستودع سلوم الذي تم تجهيزه مؤخراً أو تطمح الهيئة في تشغيله قريباً عبر نظم عالمية عديدة مثل +SPC+PPP الايجار الحر وغيره كما يمكن استغلاله كساحا? لدول الجوار المغلقة. وفي مجال الانشاءات فقد قامت الهيئة بانشاء العديد من الموانئ المتخصصة كميناء الخير (دما داما) لمشتقات البترول والميناء الاخضر- مربط الحاويات الجديدة لمقالة الاجيال المتقدمة من السفن- من المقولة (السفينة تحدد شكل الميناء التشغيلي) والآن ميناء صادر المواشي المتكامل من حيث البيئة التشغيلية والبيئة الصناعية- التحويلية على نظام MIDAS والمشاركة في تشغيل ميناء بشائر لتصدير البترول وميناء كوستي النهري لربط الجنوب وتحريك الصادرات فيه بحكم تمتعه بكل وسائل الحركة البرية والنهرية والحديدية. أما نظام الحاويات بالسودان فلا خلاف بيننا فهو يحتاج للمزيد من الدراسة والتفاكر بين كافة الاطراف ذات الصلة وهذا ما نسعى اليه ونرجو ان تسمح ظروفك في المشاركة في الورشة المتخصصة لبحث نظم الحاويات بالسودان. وفيما يختص بالعمالة وثقافة العمال فإنني لم أنكر وجود العديد من مظاهر السلوك الخاطئ للعمال. وهذا الاعتراف هو الخطوة الاولى نحو المعالجة والتصحيح ولدينا جهود واجتهادات في هذا الجانب ولم نستسلم ولن نرضخ (ولم نقل ما باليد حيلة كما جاء بالمقال). أما إن كنت تريد ان تجعل من الموانيء وبين عشية وضحاها جزيرة مفصولة ومنفصلة تماماً عن محيطها ومجتمعها فهذا ما لا اتفق معك فيه. ومع هذا فإن الطفرة الكبيرة التي شهدتها الميناء في العقود الثلاثة الاخيرة والتي قفزت بطاقتها الاستيعابية من ثلاثة ملايين الى اكثر من عشرة ملايين ط? في العام وما صاحبها من تحديث لمعينات وأساليب العمل تبعها أيضاً إعداد وتأهيل وتدريب للكوادر بمختلف مستوياتها وتخصصاتها. واقول أخيراً إن هيئة الموانئ البحرية هى جزء من منظومة مؤسسات الدولة الحكومية وبكل تواضع أيضاً اقول انها من طليعة المؤسسات الحكومية اداءاً وانضباطاً ومع ذلك نحن في حالة تطلع دائم للمزيد من التجويد والمواكبة للتطورات العالمية في هذا المجال. هذا ما وددت أن أقوله توضيحاً لما جاء بمقال السيد/ محمود إدريس الحبر وأكرر ترحيبي به وأجدد دعوتي له بمواصلة جهده المقدر في تعريف المسؤولين بالدولة بأهمية النقل البحري والموانيء في حياة الناس وله العتبى حتى يرضى. ٭ مدير عام هيئة الموانيء البحرية