٭ أود في هذا المقال لفت نظر الجهات المختصة بشؤون النقل والموانئ البحرية والتجارة الخارجية وقطاع الخدمات لفحوى المحاضرتين اللتين قمت بتقديمهما في دار المهندس والثانية في قاعة المحاضرات بالمجلس الوطني التي تمت بالتنسيق مع كل من وزارة النقل ورئيس لجنة النقل بالمجلس الوطني بحضور عدد من المختصين في القطاعين العام والخاص وبعض أعضاء المجلس، كما اود الاعتذار عن تأخير كتابة هذا المقال منذ تقديم المحاضرة الثانية وذلك لاسباب خاصة، كما اود ان اشكر المسؤولين في دار المهندس ووزارة النقل على اتاحتهم الفرصة لتقديم المحاضرتين. وحيث ان عرض المحاضرة قد تم على هيئة رؤوس مواضيع بعرضPower Point Presentation فسوف اقوم بسرد للمواضيع التي تمت مناولتها حتى يتمكن القاريء من مقارنتها مع واقع الحال في المواني البحرية، وعما اذا كانت مطبقة فعلياً ولا داعي للتحاضر والتحدث حولها كما ورد في ملاحظات مدير عام هيئة المواني البحرية الموقر الذي اقتصرت معظم او جل ملاحظته على ان مقدم المحاضرة ما كان ليقدمها لو قام بزيارة بورتسودان في الوقت الراهن، علماً بأن زيارتي العمل اللتين قمت بهما واجتمعت فيهما مع كافة قطاعات وإدارات الهيئة في بورتسودان وسواكن قد تمت في اواخر عام 8002، عند اعدادي واحد زملاء المهنة لدراسة وتقييم المواني البحرية والنقل البحري كجزء من الدراسة الممولة من البنك الدولي بعنوان: sudan master transport plan up to 2034 ،ارجو عزيزي القاريء وخاصة المختصين ممن يعملون في مجال الاستيراد والتصدير ووكلاء السفن والمخلصين وغرفة التجارة والصناعة والمنطقة الحرة وجمعية رجال الاعمال والمسؤولين في وزارة النقل والمالية والمراقبين المتخصصين في الشؤون الاقتصادية، التمعن في المواضيع والتفاصيل التالية ذات العلاقة بالمواني البحرية والإدلاء بآرائهم فيما اذا كانت هذه المواضيع معمولاً بها في المواني وانه لا داعي للتحاضر بشأنها كما ورد في ملاحظات مدير عام هيئة المواني البحرية. - اولاً: تعريف الميناء كما ورد في المحاضرة تم توضيحه منذ البداية على انه التعريف الاولي لكلمة ميناء، أما التعريفات اللاحقةالحديثة.. التي نعرفها جيداً- لم يكن موضوع المحاضرة ولا الوقت المحدد لها ولا مستوى الحضور يسمح بالحديث عنها، فهذه أمور اكاديمية بحتة كتعريف السفينة وغيره. - ثانياً: هل يقوم ميناء بورتسودان بعمليات إعادة الشحن Transshipment التي تعود بإيرادات وخدمات اضافية لمعظم مواني المنطقة والعالم وبالتالي لم يكن هنالك داعي للتحدث بشأنها لو زرت ميناء بورتسودان في الوقت الراهن؟ - ثالثاً: هل حققت المواني السودانية عمليات ترانزيت ناجحة وعلى الوجه الاكمل للدول المجاورة المقفلة Land Locked Countries والتغلب على العقبات التي تقف حائلاً امام ذلك النشاط الذي يحرك أنشطة اخرى وإيرادات اضافية ناهيك عن الفوائد الاقتصادية الاخرى بأول دولة تسعى للاستفادة من خدمات الترانزيت على المستويين. - رابعاً: هل استكملت الهيئة كفاية التشغيل والاجراءات الحديثة للعمل كأن تعمل المواني 42 ساعة لعدد 7 أيام في الاسبوع لكافة العمليات وخاصة محطة الحاويات وكافة عمليات استلام وتسليم الحاويات والبضائع وتسديد الرسوم والاجور واستكمال الاجراءات الجمركية والادارات الاخرى لتخليص البضائع وتحقيق معدلات مناولة الحاويات ( حاوية/الساعة/ الرافعة القنطرية) المعروفة اقليمياً وعالمياً وتحقيق المعدلات الاقليمية والعلمية لاستكمال اجراءات الحاوية المملوءة فيما يتعلق باجراءات المواني واجراءات الادارات الحكومية الاخرى ذات العلاقة وعدم القول بأن إجراءات الادارات الحكومية الاخرى- بما فيها الجمارك- ليست من اختصاص هيئة المواني إذ طبقاً للإدارة الحديث فان كلما يعيق مرور الحاويات والبضائع في مدد قياسية نمطية معروفة هو من صميم مسؤوليات ادارات المواني. وهل أنظمة التشغيل Operatig Systems وانظمة الادارة Management Systems في محطة حاويات بورتسودان مطابقة او حتى مشابهة لما هو متبع في المواني الاقليمية (جدة، المواني المصرية) ان لم نقل الدولية، بالاضافة الى الحاويات والشاحنات المنتشرة في ساحات الميناء التي اتمنى ان تكون قد اختفت في ميناء بورتسودان حيث انها تعتبر من مؤشرات تخلف المواني. هل قامت هيئة المواني بايجاد الحلول لكل هذه الامور المتعلقة في نهاية المطاف بكفاءة التشغيل وانه لا داعي للتحاضر لشأنها كما ورد في ملاحظة مدير عام هيئة المواني الموقر. - خامساً: هل تم ايجاد الحلول لمشاكل العمالة بما فيها الاستقرار الوظيفي والنفسي وقيام الهيئة بإيجاد الانشطة الاضافية بمشاركة القطاع الخاص لاستيعاب جزء من تلك العمالة الفائضة وهل يتم التدريب على الموقع لوسائل وسبل زيادة الكفاءة وانتاجية العمالة بصورة منتظمة واستخدام أجهزة ومعدات تسهل على عمال الشحن والتفريغ من اعمال العتالة بالصورة التي تتم في ميناء بورتسودان والتي لا تجد مثيلاً لها إلا في القليل من مواني دول العالم الثالث بسبب طبيعتها الشاقة وفي طقس حار ورطب كما هو الحال في بورتسودان. هل تم ذلك ولا داعي للتحاضر بشأنه. - سادساً: أما بخصوص تعرفة الرسوم والاجور وبناء على الدراسة التي قمنا بإعدادها فان ميناء بورتسودان يعتبر من اكثر مواني المنطقة تكلفة ناهيك عن الكفاءة، وبناء على ذلك فقد تحدثت عن ضرورة مراجعة وتحديث سياسات تسعير خدمات ميناء بورتسودان وهيكل التعرفة وفئاتها لتتناسب مع التطورات في المواني الدولية فيما يتعلق بسياسات وهياكل التعرفة ولخدمة أهداف المواني فيما يتعلق بجذب البضائع والمستخدمين الجدد والخطوط الملاحية الدولية والسفن الاجنبية للمواني السودانية. كما يجب تحديد ووضوح الهدف من الرسوم والاجور وفيما اذا كانت خدمات المواني تقدم بهدف الحصول على إيرادات من الرسوم والاجور- يذهب جزء كبير منها كقطع لوزارة المالية (كما افاد بذلك سيادة وزير الدولة لوزارة النقل)- ام ان خدمات المواني تقدم لتحفيز وتسهيل التجارة الوطنية وتسهيل منافسة الصادرات السودانية في الاسواق العالمية ( المواني المصرية ومواني دبي كمثال) وبذلك تتناسب فئاتها مع تلك الاهداف. واود هنا التأكيد على ان رسوم ميناء بورتسودان المرتفعة وتأخير استلام البضائع وكثرة وتكلفة إجراءات البضائع والحاويات فيه تؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع وتزيد من أسعارها كما هو الحال في الاسواق السودانية حيث يدفع المستهلك في نهاية المطاف ثمن ذلك. هل تقوم هيئة المواني بتحقيق كل ذلك وانه لا داعي حتى التحدث بشأنها اذا ما زرت بورتسودان في الوقت الراهن، كما ورد في ملاحظة مدير عام هيئة المواني البحرية الموقر. - سابعاً: مراجعة وتحديث قانون وإجراءات المواني البحرية Port Rules And Regulationsليتضمن مواداً تسمح وتسهل استحداث انشطة اضافية لعمل المواني السودانية، ومواءمة قانون وإجراءات المواني مع المستجدات التشريعية والتنظيمية الوطنية والاقليمية والدولية. - ثامناً: ثقافة العمل في المواني السودانية موضوع في غاية الاهمية ويعتبر كاحدى المؤشرات السالبة، فالتأخير في بدء نوبة العمل ولو لدقائق محدودة وإنهاء ساعات نوبة العمل قبل الوقت المحدد والتسيب والتأخير في فترات الراحة والعبادة وتغيير النوبة تعتبر جميعها من الممنوعات في المواني ذات الإدارة الحديثة حيث انها تؤثر سلباً على انتاجية النوبة وانتاجية الرصيف والميناء بصورة عامة.. واذكر عندما كنت مدير عمليات في احدى محطات الحاويات بمنطقة الخليج في ثمانينيات هذا القرن كانت هناك لحظات ودقائق تعمل فيها النوبتان معاً حتى يتم التسليم والاستلام بدون اي توقف للعمل وهكذا كانت المحطة تحقق معدلات كفاءة وانتاجية عالية، ومن خلال زياراتي العديدة لكافة مواني الخليج العربي ومواني الشرق الاوسط وعدد كبير من المواني العالمية (اوربا، امريكا والشرق الاقصى) نجد ان ثقافة وعادات العمل تكاد تكون موحدة وفي كثير من الاحيان خاصة في دول الخليج العربي ودول الشرق الاوسط عامة لا تمت بصلة لثقافة العمل خارج أسوار المواني حيث أنها مرتبطة بأنظمة إدارة وتشغيل تسيرها كالساعة السويسرية كما يقال. وهنا كان رد مدير عام هيئة المواني بأن عمالة المواني هى أصلاً عمالة سودانية لها نفس ثقافة العمل خارج أسوار الميناء وكأنه يقول ليس باليد حيلة وهذا في اعتقادي خطأ شائع حيث ان ثقافة العمل بالمواني يجب ان ترتبط بثقافة وأنظمة العمل المتبعة في المواني الاقليمية والدولية وليس بما هو متبع في الادارات الحكومية الاخرى خارج نطق المواني البحرية. هل يمكن القول بأنه لا داعي للحديث عن هذا الشأن اذا زرت ميناء بورتسودان مؤخراً. - تاسعاً: الاشادة بما قامت به وحققته هيئات المواني السابقة وكذلك الدولة فيما يتعلق بالبني التحتية للمواني والمحطات المرافقة لها بما في ذلك البني التحتية قيد الإنشاء، مبيناً ان توفير البني التحتية في حد ذاته لن يؤتي ثماره ما لم تتوفر الادارة الحديثة ذات الادوات التكنولوجية المتبعة في إدارة المواني العالمية والاقليمية مؤخراً وإلا فان عادات وانمة واساليب العمل السيئة سوف تنتقل برمتها الى الارصفة والتوسعات الجديدة وبذلك يبطل الفائدة من انشائها وما تكبدته الدولة من مبالغ طائلة لتنفيذها. - عاشراً: مساهمة هيئة المواني في اقامة وتطوير المناطق الحرة التجارية والصناعية لدعم تجارة الترازنيت براً للدول المجاورة المقفلة وإعادة الشحن بحراً وذلك بمنح المناطق الحرة كافة التسهيلات والخدمات بما في ذلك العمالة كما هو الحال في المنطقة الحرة في جبل علي بدولة الامارات العربية المتحدة وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في المواني السودانية والمناطق التابعة لها بما يساهم في حل مشكلة العمالة التي تواجه هيئة المواني حيث ان إيجاد فرص عمل جديدة هو الحل الامثل والتحدي لهيئة المواني في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل العمالة، كما ان سياسة الاستغناء أو الابقاء على العمالة الفائضة عن العمل يعتبر مؤشراً لضعف الإدارة، هل تم ذلك ولا داعي للتطرق والحديث حول هذا الموضوع. - أحد عشر: نظراً لأن استراتيجيات تطوير المواني تعتمد أساساً على الدراسات الميدانية المتخصصة، فقد تحدثت عن أهمية قيم هيئة المواني باعداد دراسة تحليلية لحركة البضائع المستقبلية Future Cargo Traffic Analysis Studyفي المواني السودانية لتحديد الاحتياجات المينائية المستقبلية. بما في ذلك نوعية (بضائع عامة، صب، حاويات، مواشي، اسماك الخ) وعدد وحجم الارصفة أو المواني التي تحتاجها الدولة مستقبلاً والاهداف والمناطق التي سوف تخدمها، وان الاسلوب المتبع لدراسة كل مشروع بمفرده بمعزل عن الاحتياجات المينائية الكلية للدولة مستقبلاً يؤدي وادى على المستوى الاقليمي خاصة في بعض دول الخليج قبل اكثر من 02 عاما الى الانفاق على مشروعات مينائية لم تتناسب واحتياجات الدولة وكذلك مع ما يسمى بمجتمع النقل البحري من سفن ومشغلين للمواني وإهدار الاموال في غير مكانها واولوياتها. هل يمكن لزيارة حديثة لميناء بورتسودان ان تغير من ذلك المقترح. * خبير ومستشار النقل البحري والمواني رئيس قطاع النقل البحري والمواني بالأمم المتحدة سابقاً - الفلبين