لم تجد ظاهرة إهتماماً كبيراً وتداولاً مثيراً فى الفترة القريبة مثل ظاهرة الغلاء والتى إستشرت بالسودان فى الفترة الأخيرة وبصورة لم يسبق لها مثيل ، حيث طالت جميع السلع الإستهلاكية وحتى السلع الكمالية شهدت إرتفاعا كبيرا فى الأسعار ،وهذا مما جعل السلطات سواءالإتحادية أوبولاية الخرطوم خاصة ،تعمل على إيجاد حل لهذه الظاهرة والتى أقلقت مضاجع المسؤولين دونها من الظواهر ،فحتى أحداث جنوب كردفان والدمازين الأخيرة لم تسبب صداعاً للحكومة كما فعلت ظاهرة الغلاء. الحكومة الإتحادية ممثلة فى مؤسسة الرئاسة وكذلك مجلس الوزراء أوليا أمر إرتفاع أسعارالسلع خاصة الضرورية إهتماماً ملحوظاً ،تارة بالبحث عن أسبابها ومرة بالسعى لإيجاد وسيلة ناجعة تعمل على الأقل لتثبيت الأسعار وإيقاف زحفها، فقد وجه الأستاذ على عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية الجهات ذات الصلة بإيجاد حلول لهذه المشكلة . حكومة ولاية الخرطوم تناولت القفاز من غيرها من الحكومات بإتخاذها خطوة جادة من خلال تحديد مراكز لبيع بعض السلع الضرورية وبأسعار مخفضة حيث ركزت على اللحوم سواء حمراء أو بيضاء، فقد حددت أكثر من (14) مركزا لبيع اللحوم الحمراء وبأسعارترواحت ما بين (14) جنيه لكيلو العجالى ،و(20-24) لكيلو الضأن، كما نجحت فى توفيرأكثر من خمسين مركزاً لبيع الفراخ فى مختلف محليات الولاية وبأسعار معقولة ،وقطعا هذا سيخفف كثيرا على المواطنين ،و من الملاحظ أن الولاية خصصت آلية للمعالجات? الإقتصادية والإجتماعية وهى التى قامت بدور كبير من أجل تجهيز مراكز البيع بالأسعار المخفضة،وهذا مما يشير إلى أن حكومة ولاية الخرطوم جعلت من قضية الغلاء قضيتها الأولى فى هذه المرحلة . مواطنو الولايات الأخرى كانوا ينتظرون أن تحذوا حكومات ولاياتهم حذو حكومة الخرطوم وذلك بتوفير مراكز لبيع السلع الإستهلاكية خاصة أنها شهدت إرتفاعا فى أسعارها أكثر مما حدث فى الخرطوم ،ومازال بعضها يباع بذات الأسعار ، وحتى الإنخفاض الذى شهدته بعض السلع كان طفيفا لم يحس المواطنون به خاصة من ذوى الدخل المحدود ، فكيلو اللحمة العجالى مثلا إنخفض من (24)ج إلى (20) ج ،وكيلو لحم الضأن من (30)ج إلى (28)ج، وهذا مما يستدعى أن تعمل هذه الحكومات على المساهمة فى تخفيف?عبء الغلاء على مواطنيها ،خاصة أنها جاءت بالإنتخاب ووفق برنامج كان أهم بند فيه هو توفير حياة كريمة للمواطن . عدد من المواطنين الذين إلتقتهم (الصحافة) إتهموا حكومات الولايات بالتقاعس عن واجبها تجاه مواطنيها ، حيث ذكرالمواطن أحمد الطيب من مواطني كوستى أن معظم حكومات الولايات تتعامل مع المواطن بإنتهازية وأنه عبارة عن بقرة حلوب لها لتغذية خزائنها عبر الجبايات والرسوم التى تفرضها عليه . يذهب حسن الصادق من سكان ربك الى أن ما قاله بعض الولاة قبل إنتخابهم عن حرصهم على تخفيف أعباء المعيشة كان أكاذيب ،مشيرا إلى أن معظمهم ضربوا بوعودهم عرض الحائط بمجرد وصولهم إلى كرسى الحكم. عائشة على من منطقة الكوة قالت إن مواطنى الولايات تضرروا أكثر وعانوا بصورة أكبر من ظاهرة الغلاء بصورة مباشرة ، وأضافت أنه ورغم شكاوى المواطنين من عدم مقدرتهم على مجاراة السوق إلا أن ذلك لم يجد آذاناً صاغية وسط حكومات الولايات . المواطنون بالولايات ينتظرون أن تقوم جمعية حماية المستهلك بدورها بالضغط على حكومات الولايات لتخصيص مراكز لبيع السلع بأسعار مخفضة أسوة بولاية الخرطوم ، فقد ذكر المواطن حسن الطاهر (معلم) أن جمعية حماية المستهلك هى قومية وليست ولائية حتى تقتصرجهودها على ولاية الخرطوم ، ودعا القائمون على أمرها بالإتجاه للولايات للوقوف على ما يواجهه المواطنون من ظلم وإهمال من جانب الحكومات . أخيرا فإن القرار الذى إتخذته حكومة ولاية الخرطوم بتخصيص مراكز لبيع اللحوم بأسعار مخفضة فى جميع المحليات جيد لأنه يخدم المواطن وبصورة مباشرة ،إلا أنه اعتبر الخطوة الأولى لمشوار طويل من المعالجات الإقتصادية ، والتى لن تصبح ناجعة ونهائية إلا بفتح الحكومة الإتحادية والحكومات الولائية أبوابها لدخول مستثمرين فى الزراعة واللحوم ، فلا يعقل أن تعتمد دولة بحالها على منتجين تقليديين ينتجون ويبيعون حسب حاجتهم المادية ، فلابد من تشجيع الإستثمار فى هذين المجا?ين وهذا لن يأتى إلا بتغيير قوانين الإستثمار الحالية والتى وضح أنها ومن خلال تطبيقها فى السنوات الماضية أنها عقبة أكثر من أنها تعمل على تسهيل مهمة المستثمرين إضافة لجشع وفساد بعض المسؤولين والذين كانوا السبب الأساسى في نفور وهروب الكثير من المستثمرين ، ولانذهب بعيدا فقبل ايام فشل مزاد لبيع قطع إستثمارية بمحلية القطينة وذلك بسبب فرض ضريبة 20%على كل من يرسو عليه المزاد ،فماكان من المستثمرين القليلين الذين حضروا المزاد إلا وأن غادروا الموقع ، وهذا يؤكد ماذهبنا إليه وإذا لم ?تتغير هذه المسائل فلن يحدث حل جذري لأزماتنا وعلى رأسها الأزمة الإقتصادية، وبدون ذلك فستصبح كل المعالجات وقتية وسرعان ماترتد الأمور .