فولكر يظهر مجدّدًا بتصريحات مثيرة عن السودان    خيوط مهمّة..تطوّرات بشأن الهجوم المسلّح في دنقلا    التعادل يفرض نفسه على قمة إشراقة والمريخ    اللجنة المشتركة بين الهلال والمريخ .. بيان مشترك    الأمل عطبرة يقدم إسترحام في العقوبات الصادرة بحقه واللجنة تجتمع الأربعاء برئاسة البحر    شاهد بالفيديو.. في لقطة مؤثرة.. لاعب المريخ يجهش بالبكاء ويفشل في إكمال حديثه عقب تسجيله أغلى هدف لفريقه    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ندى القلعة تبدي إعجابها بطفل صغير اقتحم المسرح وقدم فواصل من الرقص على طريقة "الصقرية"    شاهد بالفيديو.. الفنان سجاد بحري يظهر غاضباً ويهدد 45 مليون سوداني: (بسببكم أصيب شريف الفحيل بالجنون والنفسيات لأنه ضعيف لكن أنا بخليكم تلقطوا أكياس في الشارع وبلاش كلام فارغ)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ندى القلعة تبدي إعجابها بطفل صغير اقتحم المسرح وقدم فواصل من الرقص على طريقة "الصقرية"    شاهد بالفيديو.. الفنان سجاد بحري يظهر غاضباً ويهدد 45 مليون سوداني: (بسببكم أصيب شريف الفحيل بالجنون والنفسيات لأنه ضعيف لكن أنا بخليكم تلقطوا أكياس في الشارع وبلاش كلام فارغ)    شاهد بالصور.. "البندول" يفاجئ جمهوره ويستعد لإكمال مراسم زواجه ب(الحناء) والفنانة إيمان الشريف أول المهنئين له: (سر بالي سيرنو سار الدهب الغالي سيرنو)    شاهد بالصور.. "البندول" يفاجئ جمهوره ويستعد لإكمال مراسم زواجه ب(الحناء) والفنانة إيمان الشريف أول المهنئين له: (سر بالي سيرنو سار الدهب الغالي سيرنو)    عطل فني يتسبب في انقطاع جزئي للتيار الكهربائي ببورتسودان    عملية نصب كبرى تطال سودانيين وأصحاب بصات في مصر    فينيسيوس ينوي "خيانة" ريال مدريد.. والتوتر يشتعل    هجوم مسلح على قسم شرطة دنقلا العجوز والبنك الزراعي    السودان..كامل إدريس يعيّن 5 وزراء جدد في حكومة الأمل    الحركة الشعبية تعلق مشاركتها في صمود    السيسي: مصر تثمن تصريحات ترمب بشأن سد النهضة الإثيوبي    المجلس القومي للأدوية والسموم يبيد ادوية منتهية الصلاحية بكسلا    الخرطوم..خبر حزين لمواطني بحري    بقرار من إدارة ترامب.. "ناسا" تخفي تقارير عن التغير المناخي    الإفراط باستخدام الهواتف المحمولة يضعف مهارات تعلم اللغة عند الأطفال    اتحاد الكرة السوداني يحسم جدل مباراة الهلال الخرطوم والأمل عطبرة    اعتصام في حلة يونس غرب بربر احتجاجاً على أحواض السيانيد ومخاوف من كارثة بيئية    ميلان الإيطالي يعلن تعاقده مع لوكا مودريتش    بعد خسائر بملايين الدولارات.. "شارع الحرية" بالخرطوم يستعيد نشاطه    شاهد بالفيديو.. مشجعة الهلال الحسناء "سماحة" تهاجم اللاعب أطهر الطاهر: (ظالم وشليق.. عامل فيها نمبر ون وجيت الطيش)    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    كنانة ليست مجرد شركة أو مصنع لإنتاج السكر والإيثانول    شاهد بالفيديو.. تجار شارع "الحرية" بالخرطوم يستعدون لفتح محلاتهم التجارية بعد اكتمال الترتيبات وبدء وصول البضائع وأكثر من 80 تاجراً يعلنون جاهزيتهم للإفتتاح بعد أيام قليلة    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم توقف عدد من المتهمين بجرائم النهب بمحلية كرري    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: إلى البرهان : من القولد إلى البطانة..    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    قد يكون هنالك طوفان ..راصد جوي يُحذر من ظاهرة "شهيق الأرض": تغيرات كوكبية قد تهدد المياه والمناخ    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوحة سودانية خالصة تتحرك على طريق الرياض جدة بهرت الملايين في بلاد الحرمين الشريفين
كادت تندثر بفعل بعض المارقين على العادات
نشر في الصحافة يوم 19 - 10 - 2011

إذا ما ارتحلت في فجاج الأرض وتعرّفت على شعوب الدنيا عن قرب في ما وراء البحار والمحيطات بعيداً عن نيل الخلود رابط الإلفة بين إنسان السودان العظيم على امتداد ربوعه المترع بالطيبة والأصالة والمروءة والقيم النبيلة.. وشهدت كم من قيمة نصبت ومعان رفعت.. لوجدت السودان وطن الجمال والإنسان في كل ومكان وزمان .. ينفخ الروح في منابعها وجوانبها بنكهة التميّز ومعنى التفرُّد من خلال شخصيات مدن من المعرفة الإنسانية والحضارية التي لا تجدها إلاّ في أصحاب البشرة السمراء.
أقول ذلك وفي ذهني مازالت تتحرك لوحة سودانية خالصة على الطريق الرابط بين جدة والرياض، وبالتحديد في منطقة تدعى «المويّة».. تلهمني عظمة هذا الشعب الأبي الذي مازال يحتفظ ببريقه ونبله وأخلاقه وقيمه السمحاء في بلاد الحرمين الشريفين، وأحسبها كذلك في جميع بلاد المهجر التي بالتأكيد تتشرف بأن تستلهم منها معنى الحضارة الإنسانية الأخلاقية البحتة.
هذه اللوحة واحدة من ملايين اللوحات السودانية، ولكن ستظل عالقة بذهني وأكثرها لصوقا به، بسبب أن المناسبة كانت تهمني برغم أنها أشبعتني حزنا عميقا تضيق عنه الأرض، إذ كانت منطقة «المويّة» هذه قد أفقدتني وأفقدت أهالي قرى الوفاق وقرى الشرق السوداني الأدنى عزيزاً علينا جميعاً، ألا وهو قريبي الأخ هاشم إبراهيم الجاك ابن منطقة القصيرة بالجزيرة في حادث حركة مؤلم، لم يدع له فرصة تنفس لرؤية هذا المشهد ولو لبضعة دقائق.
وما أن انتشر الخبر ووصل الأحباب والأقارب في مدن المملكة، حتى هبّ الجميع لمكان الحادث، برغم بعد المسافات وظروف العمل وارتباطاته والتزاماته، لتفقّد «ولدنا» بمنطقة «المويّة» حيث كان عزيزنا الراحل قد لفظ آخر أنفاسه في الحال.
ولكن كل هذا الجمع الغفير من أهل الفقيد والذي هرع مسرعا لمكان الحادث لم يجد فرصة بأن يقوم بأي شكل من أشكال الواجب في هذه الحالة، لأنه ببساطة أن السودانيين القانطين في تلك المنطقة ما أن عرفوا أن الحادث أودى بحياة سوداني، حتى تركوا ما بأيديهم من أعمال وأشغال وهبوّا لنجدته ظنّا منهم أنه بإمكانهم إسعافه ومن ثم إنقاذه من الموت، ولكن كان الموت أسرع من مروءتهم، فما كان منهم إلاّ أن قاموا بالواجب نحو الميّت وكأنه من فلذات أكبادهم.
ووسط هذه المشهد المحزن، لم يجد أقارب الميت بداً من أن يقفوا متفرجين أمام إصرار هؤلاء الفئة السودانية الأصيلة وهم يقومون بواجب ستر الميت، بدءا من حفر القبر إلى ستره ودفنه من جهة، وسقاية أقارب الميت ومحاولة توفير راحة لهم في استراحة أعدوها لذلك من جهة أخرى.
وبنهاية هذا المشهد ظنّ أقارب الميت أنه بعد ذلك يتسنى لهم العودة إلى مدنهم ومناطقهم البعيدة، شاكرين لهذه الفئة هذا العمل السوداني البحت، غير أنهم وجدوا اعتراضا شديدا من سودانيي تلك المنطقة، فأثنوهم عن الرحيل والسفر حتى يكرموهم ويطعموهم، فذبحوا لهم عدد من الخراف ووفروا لهم الوجبات ومياه الشرب مع الشاي والقهوة بحماس لم ير له مثيل من قبل.
وكان بعد هذه اللوحة السودانية الخالصة، لا بد لأقارب الميت الذين حارهم المشهد أن يسألوهم: من أين أنتم في السودان، وكانت الغرابة في إجابتهم: نحن من كل السودان.. إذ أتضح أن بعضهم من دارفور وبعضهم من الشمالية وبعضهم من الجزيرة وبعضهم من الخرطوم ومدني وكل السودان .. تماما كما قالوا، فهم سودانيون وكفى!!
وعندما أذن الرحيل، فإذا بأهل الميت وجدوا صعوبة بالغة في وداعهم تماماً كما هو الحال لدى سودانيي منطقة «المويّة» الذين لم يجدوا غير الدموع وحرقة الفراق عزاءً وكأنهم أبناء بيت واحد وأب واحد وأمّ واحدة فرّق بينهم الزمن فجمعهم في لحظة وفرّقهم، ودعوهم على حالة ينتظروا فيها لحظة جمع الشمل كتلك التي جمعت سيدنا يوسف عليه السلام بإخوته في مصر المؤمنة بأهل الله.
وأمام هذا المشهد تجدني عاجزاً عن رسم هذه اللوحة السودانية كما رسمها هؤلاء الفتية، لعدم تمكنني من تصوير المشهد كاملا، فقد كانت كل الكلمات قاصرة عن وصفها، ولكن عزائي فيها أنها أعادت إلينا لوحة من أغلى اللوحات الإنسانية على وجه البسيطة التي كاد الزمن يدثرها ويرمي بها في «زبالة» التاريخ بفعل ممارسات وسلوكيات دخيلة علينا قد ارتكبها بعض المارقين على العادات والتقاليد السودانية، ولكنني أقول إن أمتنا السودانية بخير، لأن أمة هذا دأبها لن يصيبها الضيم بمشيئة الله، وإنهم على موعد مع السكون والطمأنينة والأمان والأمن و?لعيش الرغد قريباً. وتقبل الله الفقيد وألهم آله وذويه الصبر وحسن العزاء.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.