تتحدث المدينة همساً عن ظاهرة الثراء الفاحش التي غشيت في غفلة من الزمن من كانوا لوقت قريب من محدودي الدخل، وذات الأحاديث التي تدور همسا في المدينة تتردد بأصوات جهيرة في ديار الغربة التي احتضنت لسنوات طوال بعض الذين أثروا فجأة، ودون أية مقدمات، حيث أصبح الذين كانوا يشكون عنت الغربة وسوء الطالع من أغنياء البلد، أما الذين أثروا بصورة مفاجئة داخل السودان فهم كثر، والغريب أنهم لا يشعرون بأي خجل جراء هذه الثروات الضخمة التي هبطت عليهم كما المطر، وهم لا يملكون دفوعات منطقية تباعد بينهم وبين الشبهات التي ستلاحقهم أ?نما حلوا. وبعض من هؤلاء الأثرياء الجدد سارعوا لشراء المنازل الفخمة في أرقى أحياء الخرطوم، وامتلكوا فارهات السيارات، وأنعشوا من يقع تحت كفالتهم، بل أغرقوا بعض أصدقائهم في أموالهم المشبوهة. وهي ظاهرة تطرح أسئلة حتماً لن تجد إجابة في ظل عدم اهتمام الجهات المعنية بالظواهر الشاذة التي لحقت بالمجتمع، ولكن بدورنا نتساءل هل ظاهرة الثراء الفاحش التي غشيت هؤلاء لها ارتباط خارجي بعمليات غسيل أموال.. أم أن مصارف نهبت تحت طائلة التمويل، وان الأمر يمضي في صمت.. أم أن تجارة المخدرات هي التي غيرت حياتهم بين ليلة وضحاها، وأصبحوا من علية القوم؟ وهل من علاقة لجنون الأسعار وارتفاع الدولار بهؤلاء القوم؟ اللهم لا حسد.. ثم على أي شيء يحسد هؤلاء؟ على ثراء جعل كل من حولهم ينظر اليهم بغرابة وشفقة خوفا من غد أسود، ربما يجعلهم يتمنون حياة الكفاف بعافية دون مطاردة، وحينها لن ينعموا بالعافية. وإذا تركت هذه الظاهرة العجيبة الغريبة، فإن أمراضا كثيرة سوف تنتشر في أوساط المجتمع الذي لا تنقصه معاناة جديدة فوق ما هو يعاني حاليا، ولكن يبقى من واجب الدولة أن تولي اهتمامها لمثل هذه الظاهرة الخطيرة، وأن تعمل القانون الذي كان براقاً في سنوات خلت «من أين لك هذا»؟ وأن تتبع عبر أجهزة الرصد كيف دخلت هذه الأموال الى السودان، وكيف لفقراء ومعدومي الأمس أن أضحوا من الأغنياء دون امتلاك أية مقومات لمثل هذا الثراء الفاحش.. أم أن الحكومة تعرف ذلك وغيره، وهي ليست معنية بمثل هذه القضايا، حتى أسهمت هذه الظاهرة المدهشة ف? تقطيع أوصال الاقتصاد الوطني.