٭ لقد بدأ العد التنازلي للانتخابات والتي مرجعيتها اتفاقية نيفاشا الموقعة في كينيا عام 5002م بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية (المؤتمر الوطني) والتي في مرجعيتها قيام الانتخابات بعد ثلاث سنوات من توقيع الاتفاق في ظل النظام القائم بالمشاركة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، بل في نفس فقرة الانتخابات والتي في طي الاتفاق تقول ان الانتخابات تقوم بعد نهاية الفترة الانتقالية إذا رأى الطرفان ذلك (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) ليس هناك ذكر للقوى الوطنية بتاتاً، سواء قوى المعارضة (التجمع الوطني) التي كانت في تحالف مع الحركة الشعبية، ولا القوى الوطنية التي رجعت الى حضن الوطن على اتفاق عودة النظام الديمقراطي (حزب الامة- الاتحادي الديمقراطي). رغم هذا فإن القوى الوطنية صدقت ما قيل عن التحول الديمقراطي وذهبت بعيداً في الآمال، فسجلت احزابها وسجلت ناخبيها في السجل الانتخابي، وقبل ذلك ذهب الذاهبون الى الاحصاء، وكل هذه الانشطة تمهد الى التحول السلمي الديمقراطي. ولكننا كنا نرى ان التحول الديمقراطي يكون على غير هذه الاسس التي يسيطر على كاملها المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، بل كتبنا المقالات تلو المقالات نحذر من الوقوع في هذا الشرك الخفي الذي لا يُرى بالعين المجردة، أسررنا واعلنا لقادة أحزابنا الا تلقوا بأيديكم الى التهلكة، لا تكونوا في عمل أنتم لستم شركاء فيه، ولكن اخوتنا في الاحزاب بلعوا الطعم، وذهبوا مع الشريكين الى أبعد حدود، من مشاركة بالآراء في التسجيل الانتخابي وبالافكار التي تم تأييد معظمها في مفوضية الانتخابات وكيف تم اختيار شخصياتها، بل أن هناك أسماء داخل هذه المفوضية تمت تذكيتها من أحزاب معارضة، بل ذهبت الاحزاب لابعد من ذلك، من ترشيح للدوائر الجغرافية والولائية والنسبية والمرأة ورئاسة الجمهورية وانفقت أموالاً تصل الى الملايين في ذلك السعي، والمفوضية الانتخابية من جانبها قامت بكل ما يليها من تكاليف من تأهيل للضباط الذين يقومون بضبط العملية الانتخابية، وطباعة لكشوفات، واوراق ومستندات التصويت، والحكومة قامت من جانبها بكل ما ييسر سير العملية برمتها، وقام الإعلام المحلي والدولي بواجبه بإشعار المجتمع بوظيفته. بعد كل هذه التجهيزات وغيرها لبلوغ المرام الانتخابي نسمع ببعض الاحزاب تتقهقر الى الوراء طالبة تأجيل الانتخابات! يا عجبي! بعد كل هذه الاموال التي صرفت والطاقات التي اهدرت تطالبون الآن بتأجيل الانتخابات، والله إنه لأمر يقف الحليم منه حيران، على ماذا كنتم تراهنون؟ على الاقدار التي يُمكن بين عشية وضحاها تغيب فيها شمس المؤتمر الوطني! أم على شيء آخر لا نعرفه. لقد كتبتُ مقالاً قبل ثلاثة شهور بعنوان الانقاذ والصولجان والمال والانتخابات، حذرت فيه الاحزاب من السعي وراء السراب، وان لا يغشوا أنفسهم ومجتمعهم وأن يرفعوا يدهم من هذه العملية الانتخابية، وأن تُترك بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ولنرى كيف تقوم الانتخابات بكيفيتهم تلك، كان وقتها اذا اتخذت القوى الوطنية قرار المقاطعة كما اتخذه حزب البعث العربي الاشتراكي، لعمل الشريكان ألف حساب للعملية برمتها، ولكن بعد أن مشيناها خطى كتبت علينا، فمن كتبت عليه خطى مشاها، لأنه وبكل بساطة، ربما يرى المراقبون ان الاحزاب قيمت نفسها بعد التدشينات ورأت أن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ربما يكسبان الجولة فلذلك رأت القوى الوطنية التراجع (جرسة)، وهذا التردد ما لا نريده لأحزابنا التي كانت تطلب التعجيل بالانتخابات وليس التأجيل، لا خيار غير المضي قُدماً حتى نهاية السكة، فالإنسان يتعلم من اخطائه وليس من أخطاء الآخرين. لقد فقدت أحزابنا للاسف المصداقية أمام الشعب، استدرجها المؤتمر الوطني بكل وسائله التي نعرفها والتي لا نعرفها، الضمائر المستترة والظاهرة حتى اوصلها الى هذه المرحلة، قالت الاحزاب لابد من إزاحة القوانين المقيدة للحريات وطالبونا بالخروج في المظاهرات فخرجنا بعد أن تركنا الوصايا تحت الوسادة وشربنا دخان (البنبان) وطوردنا في شوارع الموردة حتى دخلنا جحور الضب ووجدنا من قياداتنا الوسيطة أمام تلك الجحور، واذا بقياداتنا الكبيرة تقابل الرئيس البشير في مساء ذلك اليوم ، قيل لنا لابد من حل مشكلة دارفور، فذهبنا الى الدوحة والتي لا زلنا فيها، وهى من الشروط الاساسية لدخول الانتخابات ورغم أن المشكلة لم تحل واذا بأحزابنا تسحب شعاراتها الانتخابية. يجب المضي قدماً في العملية الانتخابية مهما كان الثمن، فقط التركيز على ممارسات المؤتمر الوطني المتوقعة، وليبقى الجميع في الدفاع ولا داعي (للأقوال أو الاهداف) فإذا ما قُبض متلبساً بالجريمة عندئذ الحق للاحزاب الانسحاب. ثانياً عليها التركيز علي مرشح واحد في كل الدوائر الجغرافية وترشيحات الولاة ورئاسة الجمهورية وهذا أنجع سلاح لهد حيل المؤتمر الوطني حتى يرعوي. أما الانسحاب فإنه كارثة انتخابية وإهدارات مالية هكذا ربما نرجع للمربع الاول وسوف تبدأ الانقاذ من جديد ولا طاقة لاحزابنا لخلعها، وارجو الا تلتفتوا للمجتمع الدولي فهو لا علاقة له بشؤونا الداخلية، هو يطلب مصالحه والانقاذ غير مقصرة في هذا المجال. حتى لا يفوتني، الى اخي وصديقي الكاتب الكبير الحصيف يوسف عبد المنان، بلغني أنك قلت في خيراً في عمودك اليومي، رغم عدم لقائي بك شهورا عددا ويعلم الجميع ان لا مال لي ولا خيل اهديها، ولا سلطان يدفع عني، وهذا وحده يؤكد صدق قلمك وقوة عزيمتك في قول الحق، والى ان ألقاك وأقرأ مضامين ما كتبته، لك تقديري وحبي، ودام الاخاء.