طالعني عنوان قصيدة للأخ السفير(من موسوعة أليس Alice وكنت قد انتهيت من مطالعة مجموعته قريباً ومازلت في محاولة لإصدار «قراري» حول مدى تأثير الأسفار على هذا القلم الرشيق بهدوء حتى عندما يستخدم عبارات مثل: جئت أركض ? إذ تجده بعدها ينام في : حضن دافيء، فترتخي وتستريح لتقرأ؛ فوجدتني أهمس بعبارتي المفضلة (حتى أنت يا بروتس!). فقد صدرت بأقلام النُقاد الكثير من الإدانات للأدباء والكتاب والشعراء والأساتذة والذين يكثرون الأسفار للغرب بأنهم يتأثرون بثقافات البلدان التي يعيشون فيها أهم وأثرى سنوات العطاء وينعكس هذا التأثير على الشكل والمحتوى لكتاباتهم....فنطالع جون وجوانا بدلاً عن زيد وعمرو. وهاهي أليس تُطِل علينا بالعربية والافرنجية، ,وبقلم سفير.. فماذا نقول؟ إلا ان الشاعر من الواضح قدم قصيدته بهذه التسمية ? التي لم يشرح أسبابها ولا يبدو انه يريد ان يفعل ? ليستفز ذكاء القاريء، أو ربما انها طريقته في استخدام ما أسميه ?الكتابة الجاذبة? ولا أدري ماهو المصطلح الصحيح في عالم النقد الشعري إلا انها حيلة ذكية يستخدمها الكُتاب لفهمهم التام لعقلية القاريء الذي مازال متمسكاً بثقافة الكتاب يكفيك من عنوانه. مثلي ، سيندفع كثرة من القراء للولوج لأرض العجائب بمفهوم أليس: الأجنبية؟ أم من تجوب الأرض المسحورة أو الساحرة؟ أم أليس أخرى في عالم الشعراء الثري بالثقافات والمعارف؟ أما أنا فقد انزلقت في القصيدة السردية المشوقة وبي نهم الى النهاية ، فأنا ممن يفضلون النهايات الواضحة رقصاً أو بكاء. رأيت العجب وأنا انساب مع السرد: الأشياء التي يجيش بها «يوم» أليس وليس «شخص أو صدر» أليس كما الجيشان آهات وشوق ، بل طيور ومياه! ويزيد عجبي عند الوصول الى «الخرز»! ما ذا يفعل الخرز هنا؟ من هذه الأليس التي يصفها الشاعر جزِلاً جزالة قصصية مشوقة وسمة سردية تتوفر في الأحاجي.. ولكن تظل القصيدة متمسكة بهويتها الشعرية تزخر بالإبداع الوصفي وتقدم الأطباق تلو الأخرى استجابةً لطلب لم يُفصِح عنه القاريء: كانت وريفةً ... وريقةً ... لفاء مونقةْ زرقاءَ ... مثلٍ برقِ الرمح ِ فى سحابِة الغبارْ. زاهية بلونها الأزرقِ............ ثم فتلتقي بكل زهو ريشها... ونقشِ سمْتِها الطيور في براءة ومرحمة ألله ما أروعها مدينة. الله الله ..مدينة أنت إذن يا أليس وليس هناك لَبْس! تزخر القصيدة كذلك بزخم من المفردات الثصويرية تقدم لوحات جاهزة لريشة الفنان: (هجعة المساء واندلاقة المطر) أو ( فرع دوحه الذي... يغور في التراب أو يرتقي الى معارج السماء.. سُلّماً من الدماء!! تعجّب الشاعر نفسه (!!) من هذا اللون الأحمر للدماء تسيل وتفور وترتقي ... يالعظمة التعبير! ويالجمال اللغة يطوعها الفنان لما يشاء فتأتِه تختال طائعة راضية. من مواطن الجمال الأخرى ان القصيدة تزخر بالمعلومات التاريخية والجغرافية والأنثروبولوجية للمنطقة.. أخال الشاعر سوف يجلس لها قريباً بتفاصيل أدق فتكتمل الملحمة التعليمية الجمالية . الواقع انه لو لم يسخى الشاعر بالملحوظة في ذيل القصيدة لظللنا نعجب لأمر أليس التي كبُرَت وتوردت وأزهرت وشاخت....ولا تزال... كما العطور حينما تضوع من مباخر السنين! دبلوماسية بِحَق. نسأل الله ان يدينا القوة نعيش ونشوف الكوة.