كعهد الخرطوم بهم لم يخلف الرئيس الاميركي باراك اوباما العهد الذي قطعه أسلافه من الرؤساء الأميركان في خواتيم الالفية الأولى، حيث أمر بتجديد العقوبات الاقتصادية على السودان عاماً آخر ولذات الاسباب والمسوغات التي تم رفعها في الاعوام السابقة وإن نقصت إحداها بانفصال جنوب السودان واكمال تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، لتصب الادارة الاميركية جل تركيزها في قانون التمديد لهذا العام على الأوضاع في دارفور فقد اعتبر أوباما أن ما يحدث في الاقليم المضطرب منذ العام 2003 يُشكل تهديداً «غير عادي وإستثنائي» للأمن القومى وال?ياسة الخارجية الاميركية، واللافت أنها ذات العبارات التي استخدمها الرئيس اوباما في اعوام سابقة مع عدم تضمين أي حوافز في قانون التمديد لهذا العام. وقال أوباما في رسالة بعث بها الى الكونغرس الاميركي قبيل يومين من انتهاء سريان قانون الطوارئ الوطني في الثالث من نوفمبر أن هذا التمديد يشمل توسعة نطاق القانون المعني فيما يتعلق بالسودان الذي تم في العام 1997 ليشمل تجميد ممتلكات بعض المسؤولين السودانيين المتورطين في الصراع بدارفور- على حد تعبيره وأوضح الرئيس الأميركي بأن الوضع في دارفور يشكل تهديداً غير عادى ?وإستثنائيا للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، مشدداً على أن تمديد العمل بهذا القانون يأتي على خلفية تصرفات وسياسات الحكومة السودانية وأضاف « لذا، قررت أن من الضروري مواصلة حالة الطوارئ الوطنية المعلنة فيما يتعلق السودان والحفاظ على القوة لفرض عقوبات ضد السودان للرد على هذا التهديد» .ويبدو أن الرئيس الاميركي كان قد أعد جميع النقاط المضمنة في الرسالة بعناية وتركيز وبعث بها الى الكونغرس قبل أن يسقط أمر التجديد تلقائياً في حال لم يقدم ذلك الطلب الى الكونغرس قبل الثالث من نوفمبر. ويبدو أن الخرطوم لم تتفاجأ بتلك الخطوة التي وصفتها بانها محاولة للإكراه السياسي بعد أن أرجعت مسألة فرض العقوبات الاقتصادية على السودان بأنها سياسية بالدرجة الأولى القصد منها ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة لكي تقدم تنازلات بشأن مواقفها السياسية خاصة تلك التي تتصل بمشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة، وأكدت وزارة الخارجية أنها عقوبات سياسية كان القصد منها وما يزال الإضرار بمصالح شعب السودان الحيوية عن طريق إعاقة تطلعاته في التنمية وعرقلة خطوات محاربة الفقر. وبدا أن لتقاطعات العلاقة بين جوبا والخر?وم تأثيراتها على واشنطن سيما وان الاخيرة قد التزمت كلياً بتحقيق السلام و ضمان وضع أمني مستقر في الدولة الوليدة التي أستبقت إعلان تمديد العقوبات بإطلاق اتهامات على دولة السودان بأنها تدعم التمرد الذي حدث الاسبوع الماضي في ولايتي الوحدة وأعالي النيل، ولا شك أن تلك الاتهامات وجدت آذاناً صاغية في الولاياتالمتحدة الاميركية، ويجيء هذا الحديث متسقاً مع توضيح الادارة الاميركية نيتها رفع العقوبات الاقتصادية عن حكومة جنوب السودان وذلك قبل إعلان الانفصال و في ظل السودان الموحد ما يعني أن العقوبات سياسية المنشأ، وذا? الناحية السياسية هي التي ما تزال أبوابها مشرعة بين البلدين على الرغم من القرارات الأخيرة فقد كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية العبيد أحمد مروح ابلاغ الادارة الاميركية الحكومة السودانية باستمرار الحوار السياسي بين الجانين وفق خارطة الطريق الأميركية وقال ل«الصحافة» « أبلغونا قبل صدور القرار أن التمديد لا علاقة له بالحوار وفق خارطة الطريق»، وكان للثقل الدولى الذي تتمتع به الولاياتالمتحدة اثر في أن تدخل الخرطوم في حوارات مع الطرف الأمريكي بهدف توضيح المواقف وتفنيد المزاعم المتعلقة بالاتهامات التي يحاول إل?اقها بالسودان حسب الخارجية. فيما اعتبر محللون الاجراء بأنه روتيني لا جديد فيه وقللوا في الوقت ذاته من تأثيره على اقتصاد البلاد الذي يعاني في الاساس من حالة انهيار تام في أعقاب انفصال دولة جنوب السودان، وعلى الرغم من تكثيف الدبلوماسية السودانية لجهودها مع المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة على وجه التحديد لالغاء العقوبات الاقتصادية المفروضه على الحكومة إلاّ أن مخرجات تلك الجهود كانت سالبة بعد قرار التمديد، وفيما تعتبر الخرطوم انها اوفت بالتزاماتها كافة تجاه المجتمع الدولي إلاّ أنه ثمة قضايا ما تزال عالقة بين الدولتين أدت الى اتخ?ذ الادارة الاميركية هذا القرار في رأي المحلل السياسي الطيب زين العابدين الذي قال ل«الصحافة» « قضايا الحدود وابيي والاصول بين الشمال والجنوب لم تحسم حتى الآن وبالتالي لا نستطيع القول أن اتفاقية السلام قد نفذت بصورة كاملة ويجب الا نخدع الآخرين بذلك « . في السياق ذاته يقود البرلمان السوداني اتصالات مباشره مع الكونغرس الاميركي لتوضيح مواقف السودان في عدد من القضايا والملفات حيث كشف رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر عن اتصالات لإجراء حوار مباشر مع أعضاء الكونغرس الاميركي بشأن المواقف العدائية التي تبديها بعض?المجموعات داخل الكونغرس حيال السودان منوها الى تصرف بعض المجموعات الممسكة بملف السودان بعدائية متهما الحركة الشعببية بتغذية تلك الجهات بمعلومات وفق اجندة معلومة الامر الذي نتج عنه مواقف عدائية ضد السودان بينها وقوفه حائلا امام اعفاء ديونه وعدم رفع العقوبات الاقتصادية عنه. لكن الادارة الاميركية أوضحت ان التلكؤ الحكومي في وضع حد للمعاناة الانسانية في دارفور يهدد الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية وهي بوضعها تلك الديباجة إنما تريد وضع المسوغ القانوني الذي يبرر التدخل في شؤون البلدان.?ويرى زين العابدين ان الوضع في دارفور ما يزال يحتاج لكثير من الفعل السياسي « الاتفاقيات لا تزال حبر على الورق، وما يزال النازحون في المعسكرات والمليشيات مسلحة» . ثمة تساؤل مشروع هنا حول ما جدوى استمرار الحوار السياسي الذي خدرت به ادارة اوباما الحكومة السودانية في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة في الخرطوم ان يكون أهم مخرجات ذاك الحوار تحديدا التوصل الى صيغة مشتركة من أجل تخفيف العقوبات الاقتصادية على السودان.