الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي وربيع الأسرى ... وصفقة شليط

إن الربيع العربي الذي بدأ برعد وبرق ومطر، وانطلق من تونس ليهم العالم العربي كان منظره وحدوياً، وان الشباب العربي تظاهروا من أجل الثورة العربية في كل الميادين العربية، وفي مصر تظاهر شبابها من أجل الثورة الليبية واليمنية ونادوا بالحق والمطالب الفلسطينية العادلة والمشروعة، تحرك هؤلاء في الميادين والشوارع العربية من دون وجود قائد يحرك هؤلاء الشباب، الأمر الذي يشير إلى عقيدة الوحدة والانتماء إلى هذه الأمة ومشروعها الأول «الوحدة» ذلك المشروع الذي افتقدناه، حيث بدأ البعض يدفعون باليأس والاستسلام بأنه لا وجود للعر?بة أو الوحدة، ولكن الربيع العربي أثبت الوعد الموعود.
2- في القاهرة لم يقف الشباب الثائر عند حد الهتاف ورفع الشعارات، بل تعدى الأمر إلى المطالبة باعادة النظر في كل أو بعض بنود اتفاقية «كامب ديفيد» بين مصر واسرائيل ومع اعادة النظر في اتفاقية بيع الغاز المصري إلى اسرائيل والذي اعتبر خيانة وطنية ورفع الأمر للقضاء ليقول كلمته، ولم يكتف الشباب العربي في مصر بذلك بل عقد الأمر حرق العلم الاسرائيلي والهجوم على السفارة الاسرائيلية والمطالبة بطرد السفير الاسرائيلي رداً واحتجاجاً على قتل اسرائيل بعض الجنود والمدنيين المصريين على الحدود المصرية الاسرائيلية مع المطالبة با?قصاص من اسرائيل على جريمتها هذه.
3- ان الواقع العربي على الأرض سياسياً واجتماعياً بدأ يتغير رافضاً القهر والظلم والاستبداد والطغيان والتخلف والتدخلات الخارجية. رافعاً شعارات الوحدة والحرية والعدالة والمساواة. ونحن الآن أمام ارادة شبابية عربية جديدة بدأت تتشكل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وان موازين القوة في منطقة الشرق الأوسط بدأت تتغير وتميل لصالح المشروع العربي الثوري الوحدوي. وان الربيع العربي وبزوال بعض الدكتاتوريات والتي كانت خادماً أميناً للمشروع الغربي، قد أفرز واقعاً سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً جديداً.
4- تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية بفعل الربيع العربي الثائر، وخاصة في مصر والتي بدأت تعود لدورها القيادي بعد أن فقدته لأكثر من أربعين (40) عاماً بسبب انكفائها داخلياً. بناءاً على ذلك وجدت حماس واسرائيل أنهما أمام دافع جديد ومتغير استراتيجي وأنها ربما الفرصة الأخيرة والمناسبة. وقال (نتنياهو): إنها نافذة فرص توشك أن تغلق نتيجة التطورات الجغرافية - الاستراتيجية التي أوجدها الربيع العربي والزعامات العربية الجديدة، وان هذه في نظر «نتنياهو» لا مناص منها، وان عدم تنفيذها سيسبب ضرراً أكبر على ضوء ال?حداث الجارية. وحماس من جانبها ترى أنها الفرصة السانحة والمناسبة والتي يجب عدم تفويتها بعد أن فتحت لها أبواب القاهرة والتي أغلقت في وجهها أيام الحكم السابق. وهنا تدخلت الحالة السياسية على الخط بالتوقيت والنتائج وكانت التنازلات الحماسية الاسرائيلية أمام الوسيط المصري مهندس الصفقة والاتفاق. وكانت صفقة تبادل الأسرى بين حماس واسرائيل والتي تفضي باطلاق الجندي الاسرائيلي (جلعاد شليط) مقابل عدد ألف أسير فلسطيني زائد (27) من الأسيرات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية. فالطرفان ارتضيا الاتفاق ووافقا على الصفقة في ال?اهرة للاعتبارات التالية:-
أ/ بالنسبة للقيادة الاسرائيلية وعلى رأسها رئيس الوزراء نتنياهو، تعاني من عزلة شبه دولية واضطرابات داخلية وجفاء مع محيطها العربي والاقليمي والخاصة مع الدول التي لها علاقات معها، حتى وصلت إلى اقتحام سفارتها في القاهرة وهروب سفيرها ليلاً من «عمان» وجاء التطور التركي بطرد سفيرها في «أنقرة» ليزيد من عزلتها ويوسع دائرة منتقديها داخلياً وخارجياً. وجاءت هذه الصفقة التي انتعشت الآمال فيها بعد رسالة مرنة في حماس وصلت إلى القيادة الاسرائيلية. وكانت طوق نجاة للحكومة الاسرائيلية المأزومة مع أنها كانت ترضى بأن تركع على ?دميها أكثر أمام إصرار مختطفي «شليط» لو صمدوا بضعة أسابيع أخرى بعد صمود نحو خمس سنوات وأصروا على شروطهم كاملة. واسرائيل تقول ان القرار كان لابد منه وان الثمن الذي دفع مبالغ فيه. ولكن مخاطر عدم التوقيع سوف تكون كبيرة، وخاصة ان اسرائيل وعلى مدى خمس سنوات لم تتمكن من تخليص الجندي الأسير بعد أن استخدمت كل الوسائل الممكنة من الحرب على غزة. تلك الحرب التي خلفت أكثرمن (1500) شهيد فلسطيني وتدمير معظم البنية التحتية لغزة، وقد استخدمت اسرائيل كل التقنية وأداة وأدوات التجسس. وتكالبت أجهزة مخابرات دولية واقليمية بحثاً ?ن الرجل، وبتواطؤ مكشوف من قبل شخصيات أمنية فلسطينية ساقطة. ودولة لم تتمكن من تخليص أسير وبكل الوسائل وفي أرض محدودة في قطاع غزة، لا يمكنها إلا أن تدفع الثمن البديل بدلاً من تركه يموت في الأسر وهذا لا ينطبق على الشروط الاساسية في القبيلة الاسرائيلية، والتي تخشى أن يختفي مثلما اختفى الطيار «روني اراد». وترى اسرائيل أيضاً أنها وبهذه الصفقة مع حماس - أنها توجه ضربة إلى «أبو مازن» الذي لم يحب طوال السنين الصفقة التي تقوى حماس، عقاباً له بعد سلوكه في الأمم المتحدة مطالباً بالدولة الفلسطينية.
ب/ وحماس أيضاً في حالة سياسية غير مريحة فهي قيادياً تقف على رؤوس أصابعها في «دمشق»، ولا ترى في الأفق ان لها مكاناً مريحاً في ظل الثورة التي تتسع يومياً في سوريا، ولا تستطيع أن تخرج من جلدها وتبقى صامتة على ما يجري، لأن الصمت مرفوض في الطرفين: الحكومة والثورة السورية. كما أنها في وضع مأزوم تعيشه تحت وطأة التطورات العربية والربيع العربي. فبعد أزمتها مع دمشق، دخلت علاقتها مع ايران منطقة رمادية، بعد أن قلصت طهران دعمها المالي للحركة. ولم توفر لها القاهرة الغطاء والبديل فضلاً من أن قطاع غزة أوضاعه تزداد تآكلاً.?ولم يعد الحصار يشكل هماً ضاغطاً على أحد. في وقت لجأت فيه حماس إلى وقف عملياتها العسكرية وإلى لجم باقي الأطراف لتحذو حذوها مع التزام المقاومة شعاراً يتطلبه صون موقفها في الخريطة السياسية. إضافة إلا أن حماس شعرت أيضاً في ظل المد الذي وفره استحقاق «سبتمبر» للفلسطينيين بأنها وقفت خارج الصورة. وباتت ترى في إنهاء الانقسام مزجاً لأزمتها وطريقاً يعيدها إلى مقدمة المسرح. لهذا تراجعت عن شروطها السابقة في قضية «شليط» والأسرى. لتقف في منتصف المسرح ولا تريد أن تبقى أكثر في غرفة الانتظار.
5- وأما عن الصفقة نفسها فهي تحمل الرقم «38» لعدد الصفقات التي انجزت مع الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1948م. وصفقة الجندي «شليط» والذي أسر في 2006/6/25م على تخوم قطاع غزة على يد ثلاثة فضائل فلسطينية. وصفقة الأسرى (38) سوف تتم على مرحلتين. الأول تشمل فك أسر (450) فرد بالإضافة إلى (27) أسيرة وهو كل ما في السجون الاسرائيلية من أسيرات وبالتالي ليس هنالك أسيرة فلسطينية في السجون الاسرائيلية بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. والمرحلة الثانية سوف تكون بعد شهرين من تنفيذ المرحلة الأولى وقوامها (550) أسير. ومن أص? (450) أسير في المرحلة الأولى فإن (280) منهم يقضون أحكاماً مؤبدة. وأن «247» أسير من أصل (450) أسير عادوا إلى منازلهم بالضفة الغربية وقطاع غزة. وأن (14) أسير من القدس الشرقية (6) أسرى من عرب 1948م قد عادوا أيضاً إلى منازلهم. وبموجب الاتفاق تم ترحيل مجموعة مؤلفة من (163) أسير في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بينما تم ارسال عدد (40) أسيراً في الضفة الغربية إلى دول أخرى منها تركيا. وأما حصة الفصائل الأخرى من الصفقة هي: (23) أسير من حركة فتح (6) أسرى من الجبهة الشعبية (6) أسرى من الجبهة الديمقراطية وباقي الأسرى في?حركة حماس. وأما النساء فقد تم اطلاق سراح (27) أسيرة مع ترحيل اثنين منها إلى خارج فلسطين هي: آمنة منى واحلام التميمي.
6- هذه الصفقة التي تم التوصل إليها تعتبر الصفقة رقم (38) بين الحكومات الاسرائيلية والحكومات العربية وفصائل المقاومة العربية والفلسطينية منذ العام 1948م. وان مصر كانت قد بدأتها عربياً في فبراير 1948م، وحزب الله انجز آخرها في يوليو 2008م والتي تحرر بموجبها عميد الأسرى العرب: سمير القنطار. وسوف نشير هنا لأبرز تلك الصفقات التي جرت منذ العام 1948م وحتى اليوم:
بعد حرب 1948م أجرت اسرائيل عمليات تبادل الأسرى مع مصر والأردن وسوريا ولبنان حيث كانت في أيدي المصريين (156) جندياً اسرائيلياً، وفي أيدي الأردنيين (673) جندياً وفي أيدي السوريين (48) جندياً وفي أيدي اللبنانين (8) جنود وأما اسرائيل فقد كانت تحتجز عدد (1098) مصرياً و(28) سعودياً و(25) سودانياً و(24) يمنياً و(17) أردنياً و(36) لبنانياً و(57) سورياً و(5021) فلسطينياً. في العام 1957م جرت عملية تبادل كبيرة تم بموجبها اطلاق سراح أكثر من (5500) مصري مقابل افراج مصر عن (4) جنود اسرائيليين. في العام 1968 بعد أن بقيت?صفقات التبادل تقتصر على الدول جاء دور حركات المقاومة. وجرت أول عملية تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال وذلك بعد نجاح مقاتلين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باختطاف طائرة اسرائيلية تابعة لشركة العال كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت إلى التوجه إلى الجزائر وعلى متنها أكثر من مائة راكب، تم اتمام صفقة التبادل مع دولة الاحتلال في خلال الصليب الأحمر الدولي. وأفرج عن الركاب مقابل (37) أسيراً فلسطينياً من ذوي الاحكام العالية. في مطلع عام 1971م وقعت عملية تبادل الأسرى الثانية بين اسرائيل ومنظم? التحرير حيث أطلقت اسرائيل سراح المعتقل: محمود بكر حجازي الذي يعتبر أول أسير لحركة فتح والثورة الفلسطينية وقامت بنقله إلى فلسطين مقابل اطلاق (شموئيل روز نفسر) الذي اختطفته المنظمة. وتعتبر العملية التي نفذتها حركة فتح في نوفمبر 1983م هي الأبرز في تاريخ عمليات التبادل، حيث أطلق بموجبها سراح جميع معتقلي سجن «أنصار» في الجنوب اللبناني وعددهم (4700) معتقل فلسطيني ولبناني. بالاضافة إلى (65) أسير في السجون الاسرائيلية مقابل اطلاق سراح عدد (6) جنود اسرائيليين كانوا محتجزين لدى حركة فتح. وتعتبر «عملية الجليل» التي ?فذتها الجبهة الشعبية - القيادة العامة في العشرين من مايو 1985م، والتي أطلق بموجبها سراح (1155) أسيراً فلسطينياً وعربياً وأممياً وفقاً للشروط الفلسطينية هي الأكثر زخماً. وتعتبر صفقة «شريط الفيديو» التي جرت في الأول من أكتوبر 2009م والتي أطلق بموجبها سراح (20) أسيرة، مقابل حصول اسرائيل على شريط فيديو يتضمن معلومات عن حالة جنديها جليعاد شليط المأسور في غزة منذ 2006/6/25م تعتبر هي آخر عمليات التبادل بين الفلسطينيين واسرائيل وهي العملية رقم (37). فيما سوف يسجل التاريخ ان حركة حماس انجزت ضفقة تبادل في اكتوبر في ?لعام 2011م، هي الأولى التي تم داخل الأراضي الفلسطينية.
7- غير أن هنالك الكثير من الملاحظات على الصفقة التي أنجزتها حماس والتي كان من الممكن أن تكون مكتملة أكثر لو لم تدخل الحالة السياسية على خطها بالتوقيت والنتائج، فصفقة تستثني القيادة في حركة فتح: (مروان البرغوثي) والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (أحمد سعدات). كما تستثنى القيادات العسكرية في حركة حماس مثل: (عبد الله البرغوثي، وحسن سلا، وابراهيم حامد) وقيادين كبار آخرين فعلاً صفقة منزوعة الدسم. وصفقة تقبل فيها حماس بابعاد (40) أسيراً من (203) إلى خارج فلسطين والباقين إلى قطاع غزة، كما تم ابعاد أسيرتي? إلى خارج فلسطين. هذا يخدش موقف الحركة الذي كان صائباً عندما انتقدت السلطة الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات لأنه سجل هذه السابقة أثناء موافقته على ابعاد بعض أسرى كنيسة بيت لحم إلى ايطاليا. وقد شكل غياب القادة والرموز عن قائمة تبادل الأسرى صدمة للكثيرين في الضفة الغربية. وتحول الفرح بالصفقة إلى غضب واحتجاج لدى الكثيرين خصوصاً في حركة فتح المنافسة، فهم وزير الأسرى: عيسى قرافغ: الذي قال: (أنه أصيب بخيبة أمل عندما عرف أن القائمة لا تشمل البرغوثي وسعدات وغيرهم. وكذلك حال رئيس نادي (أسير): قدورة فارس: والذي ق?ل (أنه كان بامكان حماس التوصل لهذا الاتفاق قبل ثلاث سنوات. مشيراً إلى أن موافقتها على ما رفضته منذ سنوات يضع اشارات استفهام على ماوراء الصفقة. ومن جهة أخرى أن رئيس الحكومة في غزة السيد: اسماعيل هنية قد ذكر أن هنالك أثمان باهظة تكبدها أهل غزة ومناضلوها في الفريق لاتمام صفقة تبادل الأسرى. وفعلاً لقد كانت كلفة أسر الجندي الاسرائيلي شليط باهظة جداً لو وضعت في ميزان الربح والخسارة. ما الأسماء والأرقام الواردة في كشوفات التبادل وما رافقها من شروط وشروط مقابلة، تلخص جانباً واحداً من المفاوضات غير المباشرة بين ال?انبين، ولكن المفاوضات الحقيقية جرت بالنار والدم على أرض الميدان، ميدان القطاع بطوله وعرضه وطوال سنوات أسر الجندي الاسرائيلي. لو أردنا أن نحسب «كلفة شليط» على الشعب الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة، سنجد أن الفلسطينيين فقدوا مئات الأرواح (أكثر من 1500 شهيد) من مدنيين ومقاتلين. وأضعاف هؤلاء في الأسرى والمعتقلين والموقوفين الاداريين من بينهم أكثر من (60) (ستين) نائباً ووزيراً وقيادياً في حركة حماس ذاتها، أي أن الذين دخلوا السجون الاسرائيلية جراء أسر شليط، هم أكثر بلا جدال في الذين أحرج عنهم نظير أطلاق سراح (شلي?)، وسنجد أيضاً فصولاً مريرة في الحصاد والتجويع والترهيب والتنكيل.
8- في الجانب الآخر رأى كثير من الفلسطينيين أن هذه الصفقة تتميز عن غيرها من الصفقة السابقة لتبادل الأسرى التي وصل عددها (37) صفقة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، فعلى رغم أن عدداً من الصفقات شمل أعداداً كبيرة من المشمولين في الصفقة الراهنة، إلا أن كسر بعض القواعد أو المحرمات الاسرائيلية كان الأبرز فيها، ومن قواعد اللعبة التي تغيرت رضوخ اسرائيل لشروط «حماس» ولجان المقاومة الشعبية واصرارها على اطلاق أسرى من فلسطين 1948م ومدينة القدس المحتلة، الذين طالما ادعت اسرائيل أن هؤلاء مواطنون اسرائيليون لا علاقة للف?سطينيين بهم، كما أن الحركتين اتفقتا على اطلاق من أمضوا فترات طويلة جداً في السجن ومن ذوي المحكوميات العالية جداً. وفي غضون ذلك ذكرت مصادر فلسطينية مطلقة، قالت: انما جرى هو توافق فلسطيني - اسرائيلي على عرف مصري يتضمن حلولاً وسطاً بحيث لا يأخذ كل جانب مطالبه 100% وأن الصفقة، حسب وصفه، مرضية للطرفين على رغم أن كل طرف لم يحقق ما يريده ويتمناه تماماً، وبالرغم من ذلك فإن حماس حققت 60% من مطالبها، ولفت المصدر إلى أن الصفقة تضمنت تقليص أعداد الأسرى الذين سيتم ابعادهم للخارج وعددهم قليل لا يشكل سوى 5% من مجموع الصف?ة وسيتم ابعادهم بموافقتهم شخصياً وبمحض ارادتهم. وان هؤلاء الأسرى المبعدين لهم الخيار بالعودة لاحقاً إلى غزة متى ما شاءوا وأما باقي المبعدين فسينقلون إلى غزة وهي جزء محرر من الوطن. وفي هذا الصدد أكد القيادي في حماس (اسماعيل رضوان) ان الأسرى ذوي المحكوميات العالية كانوا أمام خيارين، أما أن يبقوا في السجون حتى الموت، أو الافراج عنهم ضمن صفقة ابعاد عدد قليل منهم وهم يخرجون ليمارسوا حقهم في المقاومة ويواصلوا مسيرة نضالهم. ورأى كثير من الفلسطينيين أنه ما كان لذلك أن يتم لولا قدرة الفصيلين تأمين وصول شليط إلى مكا? آمن وابقائه رهن الاعتقال طول خمس سنوات بذلت خلالها اسرائيل جهداً كبيراً من دون جدوى لمعرفة مكان احتجازه ما شكل ذلك نجاحاً أمنياً كبيراً للفصيلين وفشلاً استخبارياً ذريعاً لأجهزة الأمن الاسرائيلية.
9- سُلطت الأضواء مجدداً على حركة حماس بعد أنباء التوقيع اتفاق لمبادلة الأسرى الفلسطينيين مع الجندي الاسرائيلي الأسير شليط، والتي ستخطف بعض الأضواء التي سلطت على الرئيس محمود عباس بعد أن تقدم بطلب للأمم المتحدة لاعلان دولة فلسطينية ولكن الاتفاق الذي وصفته حماس بأنه «انجاز وطني» شابه رفض اسرائيل الافراج عن بعض الأسرى البارزين في فصائل منافسة أخرى وأبرزهم على سبيل المثال البرغوثي من حركة فتح وأحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية. وبالرغم من عدم ادراج البرغوثي وسعدات ضمن المفرج عنهم، فإن هذا الاتفاق سيكون له صد? لدى الفلسطينيين فهم يعتبرون ال(6000) فلسطيني في سجون اسرائيل أبطال ومقاتلين من أجل الاستقلال. ومن وجهة النظر المحلية فإن توقيت الصفقة مناسب جداً لحماس إذ ان اضراب سجناء فلسطين عن الطعام مطالبين بانهاء الحبس الانفرادي يتصدر عناوين الصحف في وسائل الاعلام الفلسطينية. وتحول هذه الصفقة الانتباه لحماس التي لم تنل نفس القدر من الاهتمام في الأسابيع القليلة الماضية بعد الحملة التي شنها «عباس» لاعلان دولة فلسطينية من خلال الأمم المتحدة في مواجهة معارضة أمريكية واسرائيلية شديدة. وبالمجمل قال محللون سياسيون ان صفقة ?بادل الأسرى قد تشكل فرصة لتقوية حركة حماس على حساب المصالحة بينما يسعى «عباس للحصول على اعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة. ورأى البروفسير (وليد طلال) أستاذ التاريخ والسياسة: ان الصفقة أسهمت في تغيير قواعد اللعبة في المنطقة لا سيما ان اسرائيل كانت مرتاحة بالتسوية دون أن تقدم شيئاً والآن قامت بدفع الثمن مضطرة. وأضاف ان الصفقة تنطوي على تأكيد بأن المقاومة كفيلة باغلاق العديد من الملفات على اعتبار ان اسرائيل لم تستجب أصلاً لجهود التسوية والمفاوضات. ويضيف البروفسور «المدلل»: ان الصفقة ساهمت في تحقيق مكاسب لص?لح حماس على المستوى الدولي، ويبدو انه بات من غير المبرر استمرار الحصار على قطاع غزة واغلاق معابره وخصوصاً ان هذا الحصار فشل والمقاومة عملت دوماً على كسره، وأضاف «المدلل» ان الصفقة شكلت فعلاً انتصاراً حقيقياً لحماس وخلفها فصائل المقاومة وهزيمة لاسرائيل التي فشلت في العثور على الجندي «شليط». ومن جهة أخرى قال الدكتور: (أبو سعدة): أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر: ان صفقة تبادل الأسرى مصلحة مزدوجة لحماس واسرائيل وأوضح أن اسرائيل تريد أن تضعف «عباس» وتهمشه ولا سيما بعد الخطاب التاريخي الذي ألقاه في الأمم الم?حدة، بينما تشعر حماس أن شعبيتها تدهورت كثيراً في الفترة الأخيرة وشعبية «فتح» و«عباس» أصبحت أفضل بكثير من حماس. وتابع: ان اسرائيل تحاول لحسابات داخلية خلط الأوراق وتقوية طرف على حساب طرف، ولكنه لا يتوقع أن تؤثر الصفقة على خطوة عباس من الناحية القانونية والدبلوماسية، طلب الاعتراف بعضوية كاملة للدولة في الأمم المتحدة.
10 - وفي الجانب الإسرائيلي رحب الرأي العام الاسرائيلي بشكل لافت للنظر باقرار الحكومة الاسرائيلية صفقة تبادل الأسرة مع حماس، وغمرت عناوين وسائل الإعلام المختلفة وتعليقاتها رئيس الحكومة نتنياهو بفيض غير مسبوق في المديح، لجرأته وخصاله القيادية وبراغماتيته، وبقيت الاصوات التي ارتفعت منتقدة الصفقة، لأنها مهينة لاسرائيل وتمس الروع الاسرائيلي، خافتة في بحر التأييد الذي انعكس في الغالبية الساحقة من الوزراء التي ايدت الاتفاق، ولعب عنصر المفاجأة دوره في حشد التأييد الواسع للصفقة اذ تكتمت الحكومة على مداولات الأيام ا?أخيرة في القاهرة، واستغل نتنياهو الأمر وأدار المفاوضات عبر مندوبيه الى القاهرة، رئيس «شاباك» «يورام كوهين» ومكلف ملف الأسرى «ديفيد ميدان» بعيدا عن ضغط الرأي العام. ولعب الاعلام دوره في حشد الجماهير وغالبية الوزراء وذلك بالتركيز على أهمية عودة الجندي الى بيته مستذكرين مقولة مؤسس الدولة العبرية رئيس الحكومة الأول: «ديفيد بن غوريون» «لتعلم كل أم عبرية انها سلمت مصير ابنها بأيدي ضباط يستحقون هذه الثقة» متباهين بأن اسرائيل مستعدة لدفع ثمن باهظ لاستعادة جندي وان الصفقة تعكس انتصار التضامن الاسرائيلي، وهكذا صور ا?اعلام الموقف للاسرائيلي. وبحسب صحيفة «هارتس» فان نتناياهو تحدث شخصيا لعدد من وزرائه قبل الاجتماع لاقناعهم بأهمية تأييد الصفقة معتبرا التوصل اليها: «نافذة فرصة قصيرة المدى» وانه يتخوف من سقوط انظمة عربية في الشرق بسبب الربيع العربي، تحل محلها أنظمة اكثر تطرفاً، ما من شأنه ان يسدل الستار على الافراج عن شاليط. وفي جلسة مجلس الوزراء الاسرائيلي والتي خصصت لمناقشة أمر التبادل، قال نتنياهو: ان الاتفاق يعكس التوازن في الرغبة في اعادة الجندي والاحتفاظ على أمن اسرائيل: وأجمع المعلقون على أن تأييد رؤساء الاجهزة الأمن?ة الرئيسية، الجيش «الجنرال بيني عانش» والشيباك «يورام كوهين» والموساد «تمير بدرو» للصفقة أعطى دفعة قوية لنتنياهو لاقرار الصفقة، وذلك حيال المكانة الخاصة التي يكنها الاسرائيليون لهذه الاجهزة، علماً من ان رؤساء «الموساد» و»الشاباك» السابقين عارضا العام الماضي صفقة بمثل هذا الثمن. وقد لعب رئيس جهاز «الشاباك» الدور الاكبر في اقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بتغيير موقفه في ظل دعم جهاز «الموساد» وقاد الجيش، بالاضافة للدور الكبير الذي لعبه «يهود باراك» وزير الدفاع، بعد التوصل الى نتيجة لدى المستوى الامني والعسكري، ?ن لا يوجد اي سبيل للافراج عن «شليط» الا بصفقة تبادل تشمل أسرى كبار وذلك في اعقاب انعدام اي معلومة أمنية تقود لمكان احتجاز «شليط» وان جدوى الصفقة، صفقة اللا مفر الافضل المتاحة في الظروف الراهنة وفي غياب خيار آخر لاطلاقه. هذا ولقد كان لوزير الجيش «باراك» دور مهما في اقناع نتنياهو في الموافقة على مبدأ الصفقة ومن ثم التفاصيل، كما كان له الدور البارز في اقناع عدد كبير من الوزراء الاسرائيليين.
11 - عارض الاتفاق على الصفقة ثلاثة وزراء من حكومة مؤلفة من (29) وزيراً، وقال وزير البنية التحتية وهو أحد الثلاثة المعارضين للاتفاق: ان الاتفاق يشجع النشطاء الفلسطينيين على أسر المزيد من الرهائن وان الاتفاق رسالة بسيطة وان عمليات الخطف تؤتي ثمارها وان الارهاب يؤتي ثماره، وان الاتفاق يمثل انتصارا كبيرا لحماس. هذا وقد ذكرت صحيفة «معاريف» ان الصفقة جائزة للارهاب، وانها انتصار هائل لحماس وانها ليست صفقة انها استسلام، وانها ضربة قاضية لمساعي اسرائيل في مكافحة الارهاب ولبلورة جبهة عالمية دولية ضد الارهاب، وان الش?ية لمزيد من الاختطاف كبيرة، وان الاستسلام التالي مسألة وقت، وذكرت صحيفة «هارتس»: ان هذه الصفقة رسالة ستتغلغل في ارجاء العالم الاسلامي من حماس الى حزب الله والجهاد وغيرهما، ومن شرق آسيا وحتى جنوب امريكا ومن الصين وحتى سيناء لكل فتى لا يحتاج الى سلسلة قيادية وبنية تحتية من وسائل القتال كي ينهض ويخطف اسرائيليا يلوح به ويخبئه في مكان ما اعده وليطالب مقابله بتحرير آلاف الأسرى والسجناء.
12 - أعلن أكثر من ثلثي الاسرائيليين تأييدهم الاتفاق مع حركة حماس على الافراج عن الجندي شليط، كما أفاد استطلاع للرأي العام. وأوضح الاستطلاع الذي أجرى لحساب شبكة (10) التلفزيونية الخاصة، ان 69% من الاشخاص الذين سئلواعن آرائهم يدعمون هذا الاتفاق، فيما يعارضه 26% اما الباقون فلم يبدوا رأيا. ويؤيد الاسرائيليون هذا الاتفاق على رغم ان 62% منهم يعتبرون ان الافراج عن الاسرى الفلسطينيين سيفاقم الوضع الامني الاسرائيلي، وفيما يعتقد 32% منهم انه لن يؤثر في شيء. ورداً على سؤال عن الدوافع التي حملت رئيس الوزراء على الموا?قة على عقد هذا الاتفاق مع حركة حماس، قال 22% فقط من الاشخاص انه يتصرف فقط في مصلحة اسرائيل، ويعتقد 35% من الاسرائيليين في المقابل ان نتنياهو رضخ لضغوط الرأي العام. ويعتبر 35% انه تصرف مدفوع باعتبارات سياسية لاضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي طلب اخيراً من الامم المتحدة قبول عضوية دولة فلسطين، او لتحويل الاهتمام بحركة الاحتجاجات الاجتماعية التي تقصف باسرائيل منذ مدة. هذا وقد اجرت الاستطلاع مؤسسة «ميدغام بروحكت» على عينيه تمثيلية للشعب الاسرائيلي من (500) شخص مع هامش خطأ 5.4%.
13 - كانت مصر اللاعب الأهم في هذه الصفقة باعتبارها الوسيط المباشر بين الطرفين ومهندس الاتفاق، وقد بذلت مصر جهودا مكثفة خلال الاشهر الثلاثة الماضية في مفاوضات غير مباشرة اجرتها في القاهرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وقدمت اكثر من (20) فقرة لكسر الفجوة بين الجانبين، وكان لتحسن العلاقات بين مصر وحماس بعد الربيع العربي المصري اذ استغلت مصر تحسن هذه العلاقات بدفع حماس نحو الاتفاق، ومشترطة تقديم تسهيلات من معبر رفح الحدودي، ولكن التحول الحقيقي للمفاوضات قد حدث في (يوليو) الماضي عندما اثمرت الضغوط الدولية وتحد?دا المصرية والتركية والالمانية على حماس في ان تبدي بعض الليونة في مطالب الحركة، وبالفعل ابدى الطرفان ليونة ساهمت في جسر الهوة بينهما، وان حماس أبدت مرونة في مسألة عدد الاسرى المنوي ترحيلهم من الاراضي الفلسطينية، كما وافقت على الشرط الاسرائيلي بعدم اطلاق قادة الحركة من الضفة وبتقليص عدد الاسرى الذين سيسمح لهم بالعودة الى بيوتهم في الضفة، وفي مقابل هذه الليونة وافقت اسرائيل على اطلاق (27) أسيرة، اضافة الى الاسرى ال (1000) المتفق عليهم، ولكن اسرائيل أصرت على عدم الافراج عن القادة الرموز (VIP) وفي الساعات الا?يرة نجح الوسيط المصري رئيس المخابرات المصرية (مراد موافي)، نجح في لي ذراع الطرفين للتوصل الى اتفاق وافقت عليه حركة حماس والحكومة الاسرائيلية. والجدير بالذكر ان الفريق الفلسطيني كان يقوده: الجعبري ويضم كلا من اعضاء المكتب السياسي في حماس، صالح العروري ونزار عوض وعضو المجلس العسكري في كتائب القسام: مروان عيسى واما الجانب الاسرائيلي مثله رئيس «الشاباك» يورام كوهين، ومكلف ملف الاسرى ديفيد ميدان.
14 - في الميزان التاريخي حققت حركة المقاومة الفلسطينية انتصارا كبيرا، اذ بادرت الى خطوة تعدتها وصمدت وحافظت عليها امنيا واخضعت اسرائيل وسدت كل الطرق امامها للوصول الى جنديها الاسير. وهكذا اثبتت ان الصبر مجد وان الزمن العربي زمن الربيع العربي ينتصر على الزمن الغربي، وانه في ضوء طول النفس لا يوجد معنى للتفوق العسكري والتكنولوجي، واذا كان هكذا، فلعله مع ذلك يوجد احتمال في اخفاء اسرائيل بعد مرور عقود من الزمن.
15 - ان قضية الاسرى والمعتقلين تحتاج الى فعل نضالي فلسطيني دؤوب وغير موسمي ووفق اسراتيجية وطنية، هذه الاستراتيجية تتمثل في اقرار خطة عمل يومية وعلى مدار السنة سياسية وجماهيرية واعلامية وحقوقية، خطة تجرم اسرائيل وتذهب بها الى جميع المحاكم الدولية، خطة تعظم التضامن الدولي مع قضية الاسرى، خطة تعرف بالأسرى كأسماء واشخاص وعائلات لا كأرقام يجري ترديدها في كل مرة تندلع فيه معركة «الامعاء الخاوية» خطة كهذه لا يجوز الاستهانة بما يمكن ان تحدثه من اثر، خطة كهذه سيكون بمقدور الشعب الفلسطيني ان يحتمل اوزارها ونتائجها و?داعياتها. قد لا تصغى اسرائيل لكل ما تفترضه الخطة من اشكال نضالية وتحركات لكنها ستنزعن في نهاية المطاف، ان وجدت ان كلفة الاحتفاظ بهؤلاء الاسرى تعوق كلفة تحريرهم.
16 - نحن في زمن مختلف وصوت الجماهير العريضة مسموع وبقوة في العالم وخاصة بعد الربيع العربي وبشرط ان تكون جماهير عريضة ونضالها دؤوب ومستمر. ولعل النجاح الفلسطيني من الامم المتحدة وقبول فلسطين عضوا في اليونسكو المنظمة الدولية واقعا لنا لنرفع صوتنا عالياً، وان الربيع العربي خلق لنا واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا علينا استغلاله لنبدأ الفصل الثاني في عملية البقية الباقية (600) من الاسرى والمعتقلين.
* خبير وباحث في الشؤون العسكرية والسياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.