يترقب معظم الناس والمهتمون ان يعلن رئيس الجمهورية عمر البشير عن حكومته الاولى فى اعقاب انفصال جنوب السودان عن الشمال وبعد ان ودع وشكر حكومته السابقة الاسبوع الماضى. وبعيدا عن الارهاصات المتواترة هذه الايام حول مشاركة او رفض الحزب الاتحادى الديمقراطى الاصل بقيادة محمد عثمان الميرغنى فى الحكومة بعد ان حسم حزب الامة القومى برئاسة الصادق المهدى امر المشاركة وقرر عدم المشاركة بشكل حاسم ، وبعيدا ايضا عن حجم الحكومة والمشاركين والمغادرين من قيادات حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى هذه الحكومة ، يتبادر الى اذهان الكث?رين اسئلة حول المطلوب من الحكومة الجديدة واولوياتها فى جدول اعمالها ، وهل سيكون هنالك فرقا بينها وبين الحكومة السابقة او الحكومات السابقة لها. ويتفق لقمان الفاضل وهو تاجر بسوق ليبيا ويوسف موسى وهو صاحب متجر اثاث فى امدرمان الفتيحاب وابتسام كمال الدين وهى بائعة شاى فى سوق امدرمان خلال حديثهم (للصحافة) على ان المطلوب من الحكومة الجديدة اولا هو ايجاد حلول سريعة وناجعة للازمة الاقتصادية التى يعيشونها. حيث يقول لقمان « مع اننى تاجر فى السوق ويفترض ان يكون وضعى افضل الا اننى اعانى معاناة شديدة مع حالة الركود ا?شديد فى السوق وارتفاع اسعار الملابس واحجام الناس عن الشراء.. ولو استمر الحال على ماهو عليه سأغادر التجارة الى مهنة اخرى لاننى لا اتحمل ان ادخل فى ديون وخسائر فى العمل بجانب الخسائر التى عليها انا الآن». اما ابتسام خريجة الجامعة والتى تبيع الشاي فتقول «اتمنى من الحكومة المقبلة ان تهتم بمعاش الناس وحياتهم اليومية ، وتقلل من الانفاق الحكومى ، وتفتح فرصاً اكبر للخريجين حتى يستطيعوا العمل ويتركوا الاعمال الهامشية التى يعملون بها». اما يوسف فيرى ان مستقبل مهنته كنجار باتت مهددة بالفناء «هنالك ارتفاع كبير فى اسع?ر الخشب ومواد الانتاج وصار من الصعب علينا نحن النجارين ان نشترى المواد من السوق بعد ان تم احتكارها بواسطة شركات الاثاثات الكبرى ، واتمنى من الحكومة الجديدة ان تهتم بامرنا ومعاشنا حتى لاتندثر مهنتنا». واستبق النائب الاول لرئيس الجمهورية على عثمان محمد طه ، تكوين الحكومة الجديدة ، واطلق عليها حكومة الجمهورية الثانية ، ووضع بعض ملامحها العامة خلال زيارته الى ولاية شمال كردفان الشهر الماضى . حيث عرفها بأنه يقصد بها توفر إرادة سياسية متجددة لإعادة صياغة اللحمة الوطنية والبناء الوطني لينهض السودان مرة أخرى أقوى مما كان عليه قبل التاسع من يوليو وهو الموعد المحدد لانفصال الجنوب عن الشمال ، واضاف خلال تلك الزيارة « فالحكومة مهما اتسعت فالرأي العام لا يقبل أن تتسع لتأخذ من الموارد ما ينبغي أن يخصص للتنمية والخد?ات، ليس مطلوباً أن يدخل كل الناس الى الحكومة، وإنما يقصد بالحوار الاتفاق على النظرة القومية لما يمكن أن يكون عليه الحد الأدنى من النظرة القومية لما يمكن أن يكون مجالاً للتوافق، ومن ثم ننطلق لبناء السودان كل من موقعه في المعارضة او الحكومة» . وفى الشهر المنصرم ايضا اماط الرئيس عمر البشير خلال الجلسة الافتتاحية لاعمال الهيئة التشريعية القومية عن بعض الملامح عن مطلوبات الحكومة الجديدة والتى قال انها ستركز على تحسين الوضع المعيشى للمواطنين والعمل على انهاء مشكلة دارفور، ووضع حد نهائى للمتمردين والمعارك فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان. ويضع المحلل السياسى والكاتب الصحافى فيصل محمد صالح خارطة طريق للحكومة المقبلة بوضع ثلاث تحديات اساسية امامها ليتم تجاوزها والعمل على انجازها. وقال خلال اتصال هاتفى مع (الصحافة) يوم امس ان هنالك تحديات سياسية وا?تصادية وامنية لابد من حلها والنظر اليها بعين الاعتبار فى الحكومة المقبلة. ويفصل صالح اكثر بقوله «بالنسبة للاوضاع السياسية فى البلاد فهنالك ازمة سياسية فى البلاد فى الوقت الراهن .. وسبب هذه الازمة وجود قوى سياسية بانها غير ممثلة وانها مهمشة ولايترك لها المجال للعمل ، ومن بين هذه القوى الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال التى يجب ان ينظر الى وضعها بطريقة مغايرة .. ولابد من وضع مواعين مناسبة لمشاركة هذه القوى فى الحكومة المقبلة». ويتابع بالقول « بالنسبة للتحدى الامنى هو وجود صراع مسلح وعسكرى فى دارفور و?بال النوبة والنيل الازرق .. وهذه المشكلات العسكرية اسبابها سياسية فى المقام الاول ، وبالتالى فان الحل يجب ان يكون سياسيا وليس عسكريا». ويرى صالح ان اكبر التحديات التى تواجه الحكومة المقبلة هو التحدى الاقتصادى والذى يجب ان يوضع فى سلم الاولويات. واردف بالقول: « التحدى الاكبر هو وجود الازمة الاقتصادية بشكلها المستفحل فى الوقت الحالى.. وما ظهر من الازمة هو قمة جبل الجليد فقط وما خفى اعظم وربما يكون اسوأ..والناس تريد وتتوقع معالجة هذه الازمة دون ان تكون هنالك زيادة جديدة فى الاسعار تثقل كاهلهم المتعب اصلا.. و?ند ايجاد هذه المعالجات لابد من وضع بعض الاعتبارات الضرورية منها الاعتراف بفشل الموسم الزراعى لهذه السنة مع شح الامطار واندلاع الحرب فى المناطق المنتجة فى جبال النوبة والنيل الازرق.. ولابد من وجود شجاعة والاعتراف بوجود مجاعة فى بعض المناطق ، لأنه فى حال تجاهل هذه الاعتبارات واستمرار الوضع على ما هو عليه فإن رد الفعل العام لن يكون عاديا وخاصة ان الناس رأت كيف انقلبت وثارت الشعوب على حاكميها فى المنطقة».