ابرز مظاهر الحراك الذى يميز المشهد السياسى السودانى الحالى هو توقيع عدد من التحالفات وحدوث عدد من التفاهمات عبرت عن حدوث تقارب بين عدد من الاحزاب والمجموعات السياسية العاملة فى ساحة العمل العام ، ففى جانب الحركات المسلحة شهدت كاودا يوم 11/11/2011 توقيع ما عُرف بتحالف الجبهة الثورية السودانية التى تتكون من اربع حركات مسلحة ثلاث منها من دار فور هى حركة العدل والمساواة وقع عنها احمد تقد لسان امين التفاوض والسلام وحركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور وقع عنها ابو القاسم إمام الحاج نائب رئيس الحركة و?ركة تحرير السودان قيادة منى اركو مناوى وقع عنها د. الريح محمود نائب رئيس الحركة والرابعة هى الحركة الشعبية قطاع الشمال التى وقع عنها رمضان حسن رئيس وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال ووزير المالية السابق بجنوب كردفان وأحد قيادات الحركة بجنوب كردفان وقد اعلن هذا التحالف حسب البيان السياسى الذى وقعه المذكورون اعلاه تنسيقا سياسيا وعسكريا كاملا لاسقاط النظام وتكوين حكومة وحدة وطنية مدتها ست سنوات تضطلع بوضع دستور إنتقالى يتضمِن ثلاث مبادئ هى : أ- حل قضايا السودان وتأمين خصوصيات المناطق التى تضررت بالحروب والنزاعات ب- اجراء احصاء سكانى عام وفقا للمعايير والرقابة الدوليين ت- اجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات وفقا للمعايير والرقابة الدوليين كما يرى التحالف ان يتناول الدستور تسعة اهداف تخاطب قضايا الهوية ونظام الحكم وكفالة الحريات العامة وسيادة حكم القانون وحدد ست مبادئ عامة للحكم منها الفقرة (6) التى تدعو لفصل الدين عن الدولة ومنطوقها : «إقرار دستور وقوانين قائمة على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين فى السياسة » التحالف الثانى محوره المؤتمر الوطنى واطرافه خمسة عشر حزبا وجماعة سياسية قابلة للزيادة هى التى كونت الحكومة الحالية وهو تحالف مبنى على برامج بعضها معلن وموقع عليه «المؤتمر الوطنى والاتحادى» والبعض تفاهمات غير معلنة تمثل إتفاق الحد الادنى واهم ثمرات هذه التحالفات والتفاهمات إرتقاء اثنين من ابناء السيدين الى القصر مساعدين للرئيس فى خطوة ثبتت الوراثة ولكنها بالطبع عجزت عن الحفاظ على القداسة حيث لاقى تعيين ابناء السيدين انتقادا لاذعا وسخرية كبيرة فى الشارع السودانى حسب ما اظهرت الاستطلاعات والتعليقات الصحفية ال?ى تميزت بالجرأة الشديدة على السيدين بل وصل الامر الى حد الهتاف ضد القرار وبالطبع المؤتمرالوطنى لا يلام على ذلك إذ ان ترشيح المشاركين هى مسئولة وحق الحزب المشارك ولا يحق للمؤتمر الوطنى ان يتدخل الا فى حدود المفاضلة بين الخيارات المطروحة التفاهم الاخر هو بين المعارضة التى لم تحمل السلاح ولم تشارك فى حكومة القاعدة العريضة وابرز اركانها الشعبى والشيوعى وبعض الفعاليات الاخرى وقد ظهر ذلك من خلال المشاركة الكثيفة لهذه المعارضة فى مؤتمر الشعبى بولاية الخرطوم ، تأملتُ هذه التحالفات جميعا فلم اجدعبارة جامعة لوصفها انسب من المصطلح الذى اطلقه الدكتور عبدالله على ابراهيم على انصار ودعاة الهوية الافروعربية فقد وجه د. عبد الله على ابراهيم نقدا لاذعا الى اصحاب هذا التوجه وسماهم ب «تحالف الهاربين» ذلك لانهم يتوارون خلف المكون الافريقى ليبخسوا قسط الثقا?ة الاسلامية الاوفر حظا فى السودان حسب تعبير د.عبد الله على إبراهيم ، ولا شك ان تأمل اى من التحالفات التى اشرنا اليها يكشف انها تقوم على جملة من المتناقضات التى تجعل استمرارها امرا عسيرا إن لم يكن مستحيلا ونرجو ان نقدم من خلال هذه المداخلة رؤيتنا لهذه التحالفات 1) تحالف الجبهة الثورية السودانية تتكون هذه الجبهة من اربعة تنظيمات يجمع بينها كراهية المؤتمر الوطنى وسعيها لاسقاطه واستبداله بحكومة وحدة وطنية «على حد تعبيرهم» ومعروف ان ثلاثة من هذه الحركات هى من حركات دار فور ذات التاريخ الطويل فى الانقسام والتشظى حتى ان احرص الناس على المتابعة يعجزه ان يحصى عدد هذه الحركات المسلحة ما يعنى انها تستبطن كثيرا من عوامل الخلاف واذكر انه بعد صدور الكتاب الاسود و انشقاق الاسلاميين المدوى خرج بعض الناشطين الى الولايات ليطرحوا قضية العدالة فى توزيع السلطة والثروة وعندها سمعنا لاول مرة ضرورة الخروج عن المؤتمر ا?وطنى وتكوين تنظيم جديد يعبر عن المهمشين وضرورة حمل السلاح لانتزاع حقوق المهمشين لكن العقلاء من الناس وخاصة فى كردفان ورغم اتفاقهم حول معظم ما طرح رفضوا فكرة حمل السلاح ضد الدولة او الانشقاق وتكوين تنظيم جديد اعتبارا بتجربة الحركة الاسلامية إذ ان فشل القيم الحاكمة للحركة الاسلامية والارث التربوى الطويل الذى تحتضنه فى المحافظة على الوحدة و عصمة الناس من الانشقاق كفيل بان يجعلنا نقدر صعوبة المحافظة على وحدة اى تنظيم يقوم على اسس هشة وقد صدقت قراءة هؤلاء إذ بدأت هذه الحركات فى الانشطار الاميبى كما اظهرت كث?را من الاضطراب فى المواقف السياسية جعل بعضها يوقع اتفاقا «ابوجا» يدخل الحكومة بموجبه ثم يخرج «لا نحمل فشل الاتفاق للحركات وحدها لكن نشير الى عدم نضج الرأى السياسى» بعض هذه الحركات عدو بعض عداوة وصلت الى حد المواجهة العسكرية ولقد رأينا كيف ان السبب الاساسى لعدم تطور اتفاق الحكومة الاطارى مع حركة العدل والمساواة وتحويله الى إتفاق شامل هو ليس موقف الحكومة إذا ان الحكومة بدأت فى التنفيذ واطلقت صراح بعض المحكوم عليهم بالاعدام من الحركة وهى تعرف انهم سيعودون الى الميدان وقد فعلوا، السبب هو اصرار حركة العدل والمس?واة على عدم الاعتراف بالحركات الاخرى وجعل التفاوض مع الحكومة حصريا عليها ، بل حتى المجموعات غير المسلحة مثل حزب العدالة انشطر الى ثلاثة اجزاء حيث كون كل من زعمائه الثلاثة مكي بلايل وامين بنانى ولام اكول حزبه الخاص، تحالف الجبهة الثورية نوع من انواع الهروب من المشاكل الكامنة والاسئلة المؤجلة مثل سؤال الهوية فكثير من الناس يتساءل هل توقيع العدل والمساواة على هذا الميثاق الذى فيه إعتراف بعلمانية الدولة يعنى تحول فكرى للحركة وهل لتوقيعها علاقة بتخلصها من بعض القيادات ذات الاصول العربية مثل محمد بحر نائب?رئيس الحركة والجنرال علي وافي احد القادة الميدانيين البارزين المعتقل الان فى جوبا ؟ هل هذا التحالف هو هروب من المشاكل الداخلية للحركة ؟ تصاعدت الخلافات الداخلية فى الحركة بعد عودة خليل من ليبيا واتهم محمد بحر خليل بتحويل حركة العدل والمساوة لشركة مقاولات أمنية، تنفذ أجندة شخصية وقبلية، وتبادر لتصفية كل المنادين بالإصلاح قال بحر : «يتم استدعاء الوحدات من خليل مباشرة باعتباره القائد الأعلى «تحركوا عشان تنقذوني وما تكلموا الوحدات الأخرى لأن المهمة سرية» وبهذه الطريقة غرر بعدد كبير من أبناء الشعب وعدد من ا?شرفاء الذين لديهم قضايا وطن.. الآن هو خرج وللأسف ترك هؤلاء الشباب موجودين في ليبيا، منهم من قُتل بالقذف، ومنهم من مات في الصحراء بالعطش، ومنهم حتى الآن مجهول الهوية، هذا الأمر عندما تم اكتشافه من قبل القادة الميدانيين الذين استنفروا هؤلاء الشباب، كانت مسألة صادمة جدا وغير أخلاقية بأي حال من الأحوال. وعندما طالبنا بالإيضاحات اكتشفنا أن الأخ الشهيد عزالدين بجي كان مع خليل في ليبيا، ورفض أن تتحول الحركة إلى مرتزقة فتمت تصفيته، وما أثير عن تسميم خليل هي إشاعة فقط، وعندما بدأنا نتحدث عن إصلاحات حقيقة قاموا أوشو? بإخواننا القادة الثمانية الموجودين في جوبا عبر تقارير كاذبة، بأن هؤلاء عملاء لحكومة الخرطوم، والقصد منه أن تقدم حكومة الجنوب على إعدامهم، علما بأن هؤلاء هم الركيزة الأساسية في الميدان من حيث الخبرة والسند «واكد بحر كذلك فقدان أجهزة الحركة لشرعيتها بعد انتهاء امدها منذ الخامس من مايو 2009» راجع لقاء الشرق الاوسط مع محمد بحر نائب خليل المنشق هكذا قدم بحر نقدا لاذعا لخليل واتهمه بتحويل الحركة الى مرتزقة فى اشارة الى مشاركة قوات من الحركة فى الدفاع عن القذافى. قال محمد بحر:«كل من يخالف خليل في الرأي حول كي?ية إدارة المؤسسة، فهو عميل للمؤتمر الوطني، لكن دعنا نقول إن الذي يسعى إلى تحويل مؤسسة نضالية مثل حركة العدل والمساواة إلى مجموعة مرتزقة، فهو الذي خان دماء الشهداء وباع قضيتهم». كانت الخلافات بين الثوريين كبيرة قادت بعض القادة الى سجون جوبا كما ذكرنا والانتقادات موجعة جعلت مستشار الحركة ابو بكر القاضى يقول : ظروف «الحرب» كانت عذرا ليبقى الرئيس فرانكلين روزفيلت 4 دورات رئاسية متتالية و تواجد رئيس الحركة القسرى بليبيا منذ مايو 2010 وحده يكفى لتأجيل انعقاد المؤتمر العام اما فى شأن الاتهام بتبديد اموال الحرك? فيقول ابوبكر القاضى : الحركات لا تحكم بقانون الشركات -- ولا توجد حركة تمسك دفاتر حسابية منتظمة ومدققة هذه الخلافات الداخلية العنيفة والمتصاعدة هى التى جعلت العدل والمساواة تهرب الى التحالف مع الحركات العلمانية ذات النعرات القبلية اما مناوى فهو يوقع فى التحالف هروبا من عجزه فى اقناع بعض قياداته ومن وقع معه فى ابوجا بنقض ابوجا والرجوع الى خيار الحرب والان الحكومة الاخيرة ممثل فيها بعض ممن وقع على ابوجا ، اما عبد الواحد فتقديرنا انه لجأ الى هذا التحالف هروبا من العزلة التى ضُربت عليه بعد انكشاف علاقته مع ?سرائيل. توقيع الحركة الشعبيية قطاع الشمال والتى مثلها رمضان حسن هو هروب من فشلها السياسى وسوء تقديرها للموقف واختيارها للخيار العسكرى للتعامل مع الازمة فى جنوب كردفان والنيل الازرق فنحن ندرك تماما ان الحركة الشعبية فى جنوب كردفان هى التى بدأت الحرب وسعت الى اغتيال الوالى احمد هرون ولجنة امن الولاية رغم ان هرون كان متساهلا جدا وكريما مع الحركة الشعبية اكثر من اللازم الامر الذى عرضه لانتقاد اعضاء حزبه فى المركز والولاية فقد كان يصر حتى بعد انطلاقة الرصاصة الاولى انه انفلات امنى محدود والحلو سوف يوقفه بل رم?ان حسن الذى وقع هو وزير المالية والحلو نائب والى يملك فيتو فى كثير من الاشياء مما ينفى التهميش بل عقار فى النيل الازرق كان هو الوالى تجدد الحرب فى جنوب كردفان مسئولة عنه الحركة الشعبية وهو احد مظاهر فشلها السياسى لقد كسبت الحركة بالسلام ونافست فى الانتخابات الاخيرة منافسة حقيقية لكنها الان تعرض النسيج الاجتماعى لخطر التمزق وتعرض حياة المواطن المعيشية للضيق والضنك فهى اوقفت مشروعات التنمية ودمرت البنية التحتية وزادت معاناة المواطنين الابرياء وحولت اراضيهم الى مسرح للحرب واستنسخت الجانب القبيح من حركات ?ارفور، ثم تملأ الدنيا ضجيجا بدعاوى الابادة نحن شعب جنوب كردفان ضد الحرب ونطالب بوقفها واللجوء الى الحوار وسبق ان طالب مؤتمر الادارة الاهلية فى كادقلى بوقف اطلاق النار وطالب بذلك ايضا الوسيط الاثيوبى واستجابت الحكومة واعلن الرئيس وقف اطلاق النار من جانب واحد لم تستجب له الحركة 0الان نطالب الحركة بإعلان وقف اطلاق النار وسيخرج ابناء جنوب كردفان الى الشوارع مطالبين باستجابة الحكومة ووقف اطلاق النار، تحالف الحركة الشعبية جنوب كردفان مع حركات دارفور هو تحالف هاربين ، هاربين من اداء سياسى ضعيف وفاشل هاربين م? مسئولية وطنية تجاه الاعمار والتعايش المشترك لقد سبق ان طالبنا بتوقيع حلف فضول فى جنوب كردفان يؤسس لعقد اجتماعى لا حلف فجور يدمر الحياة الاجتماعية والاقتصادية من اجل وظائف سياسية (2) تحالف المؤتمر الوطنى مع احزاب القاعدة العريضة هذا التحالف هو اخراج جديد لتحالف احزاب التوالى السياسى مع المؤتمر الوطنى لم يضف اليه الا دخول الاتحادى الاصل الذى شهد تراجعا كبيرا فى كسبه السياسى حيث خرجت منه جماعات وافراد البعض انتمى للمؤتمر الوطنى والبعض كون حزبا سياسيا تحالف مع المؤتمر الوطنى واشترك فى الحكومة، فالاتحادى الاصل ارد ان يهرب من ادائه السياسى الضعيف فالتحق بالحكومة رغم صدى عبارات «سلم تسلم» التى استقرت فى ذاكرة الشعب السودانى، تابعت بدقة استطلاعات الصحف حول تعيين ابناء السيدين وهل يمكن اعتبارهم إضافة وتمثيلا للشباب لكن بكل اسف الذين است?لعت اراءهم نفوا علاقة السبطين بقضايا الشباب ولو استثنيا عبد الرحمن الصادق المهدى الذى كانت له نشاطات فى المعارضة فجعفر الصادق لم تعركه السياسة لكنه جاء ليتعلم الحلاقة فى رؤوس اليتامى وكأن المشاركة مقصود بها اتاحة فرصة تدريب لهذا الشبل الذى لم يقو عوده بعد.. المؤتمر الوطنى بدوره هرب من تحمل المسئولية وحدة وكفاه وزرا انفصال الجنوب على الاحزاب المشاركة طالما انها هربت من مسئوليات المعارضة ان لا تهرب من مسئوليات الحكم وعليها ان تواجه التحدى كتفا بكتف مع المؤتمر الوطنى فالشعب لا يقبل ان يتنصل احد من مسئولياته و?دعى انه مهمش كما قال مناوى من قبل مظهر اخر من مظاهر الهروب الذى برز فى الحراك السياسى هو تحالف من بقى من المعارضة وسوف نكتب عنه الاسبوع القادم لكن قبل ان اختم هذه المداخلة لا بد من التعليق على حراك اخر فقد شهدت الصحف تصريحات وبيانات ترد على (نية ) البعض اصدار مذكرة حول الاوضاع فى جنوب كردفان والتى اختزلها بيان اتحاد شباب المؤتمر الوطنى فى مؤامرة تحاك ضد والى الولاية مولانا احمد محمد هرون والذى نشهد انه وال عالي الهمة واسع النشاط قاد حركة تنمية غير مسبوقة لكن المسئولية العلمية والاخلاقية تفرض علينا ان نقيًم المرحلة الحرجة التى تمر بها ال?لاية ونقترح تدابير وتوصيات ندفع بها الى جهات اتخاذ القرار فى الولاية والمركز لاصلاح الحال والانطلاق قدما الى الامام وإذا اصاب الوالى شيئا من الرذاذ فليس مقصودا فى شخصه ولا ينبغى شخصنة القضية وعلى الوالى ان يقبل بما سنطرح حتى لو من باب المثل السائد عندنا فى كردفان «الحاكم تندل» اى مكان لرمى الوساخة فليعلم المتوترون اننا ماضيون فى اعداد رؤية حول ازمات الولاية يكون الوالى اول المستهدفين بها اما ماقرأناه من بيان ركيك المعنى والصياغة فلن نلتفت اليه جنوب كردفان وطننا الصغير ولن نرهنها لاحد ولن تكون النملة احك? منا عندما قالت لاهلها محذرة «ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون» التحية للاخ احمد هرون فهو اخ وصديق وتقبل الله اجتهاده لكن لن يلغى ذلك رأينا ورؤيتنا المستقلة حول الازمة ولن يكون هناك تراشق فى الصحف الا مجبورين.