ان زيارة سلفا لإسرائيل تحمل في طياتها - بعد اليأس من التعايش مع نظام الخرطوم - تهديداً واضحاً لا يفوت على احد من المراقبين للأمن القومي لشمال السودان خصوصاً بعد الغارات الاخيرة التي راج ان سلاح الجو الاسرائيلي نفذها مجدداً في شرق السودان وبعد مبادرة حكومة الخرطوم بالاعلان عن توقيف جماعات كانت تنشط في تهريب السلاح والبشر بولاية البحر الاحمر ، وبالتالي فإن الثمرات المقتطفة من الزيارة بحسب طبيعة مهام الوفد المرافق لرئيس دولة جنوب السودان ستكون على هيئة دعم مادي وفني ودعم لوجستي بمنح جنوب السودان قطع سلاح متقد? ومتطور لمقابلة ما تصفه جوبا بالقصف المتواصل لطائرات سلاح الجو السوداني وتهديدها لامن الجنوب او دعونا نتصور ان جوبا ستحصل على مدافع مضادة للطيران وصواريخ متطورة يمكن ان تصل الى عمق شمال السودان ، ان حكومة جنوب السودان بعد إرتمائها القسري في أحضان الكيان الصهيوني لا تملك ارادة ايقاف شبح الحرب القادمة وهي لن تستطيع التمنع على اسرائيل متى ما طلبت اطلاق يد جهاز الموساد في اراضي الجنوب للمساعدة في تقليل المخاطر القادمة من دولة الشمال على خلفية المساعدة الفعالة للموساد في إزاحة الكابوس (أطور) من ذهن الرئيس سلفاك?ر ، ان ما نريد ان نشير اليه هو حتمية تحول المساحات الحدودية الواسعة بين الشمال والجنوب الى منطقة ملغومة وغير مستقرة لسنوات قادمات بسبب تكاثر جميع انواع الاسلحة الصغيرة والخفيفة والثقيلة على طول تلك الحدود الامر الذي يستنزف موارد كافة الاطراف بما يقوض جهود السلام التي ينشط فيها اطراف عديدون لايقاف النزاعات المسلحة في تلك المناطق من جهة ويخدم الممولين الرئيسيين لهذا النوع من الاستثمار الشيطاني من جهة ثانية . ان تقرير مشروع التقييم الأساسي للأمن البشري في السودان التابع لمسح الأسلحة الصغيرة يحلل كارثية ما يحدث في منطقة اعالي النيل - حتى قبل مقتل الجنرال أطور - باعتباره مؤشراً خطيراً لمستقبل مظلم بالقول ( يحلّل هذا التقرير جذور حركات التمرد المسلحة التي يقودها جورج أتور وبيتر قديت وغيرهم من القادة الجنوبيين في أعقاب الانتخابات التي أجريت في أبريل/نيسان 2010 - وهم قد ادعوا جميعاً أنهم يسعون إلى إحداث تغييرات منهجية في حكومة جوبا أو إسقاطها كما يقيم التقرير النهج الحالي للجيش الشعبي لتحرير السودان وحكومة جمهورية ?نوب السودان في احتواء هذه الحركات، ليخلص إلى أنه ظرفي وغير مستدام على حد سواء. علاوة على ذلك، فقد فشل هذا النهج في معالجة المظالم التي لحقت بالجماعات التي انضمت للقتال في صفوف زعماء المتمردين ضد الحكومة والجيش ومن المهم ان نشير الى ان من النتائج الرئيسية التي خلص إليها هذا التقرير انه بحلول أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول 2011، لم يكن المتمردون الرئيسيون في منطقة أعالي النيل الكبرى قد أحرزوا تقدماً ملحوظاً في تحقيق أهدافهم السياسية المزعومة ولا يزال بعض القادة الذين كانوا موالين سابقاً لبيتر قديت، فضلاً عن اث?ين من قادة الشلك، يشكلون تهديدات عسكرية فعلية باستثناء جماعات الشلك - وهو استثناء قابل للجدال والمناقشة، لا تعبّر حركات التمرد الرئيسية تعبيراً حقيقياً عن سخط المجتمعات المهمشة فقد استغلّ القادة المحليون، بدلاً من ذلك، المظالم المحلية المشروعة لحشد المؤيدين - لا سيما الشباب العاطلين عن العمل - من أجل القتال بالنيابة عنهم لتحقيق أهدافهم الخاصة على الرغم من مزاعم قادة حركات التمرد، ظلت هذه الحركات مستقلة عن بعضها البعض من الناحية العملية استقلالاً شبه تام، كما أن دوافع القادة المتمردين القائمة على المصلحة?الذاتية تجعل من أي احتمال لتوحيد صفوف التمرد في المستقبل غير مرجح . .نواصل .