كثيراً من الناس أحبطهم اليأس من مصير هذا البلد حتى صاروا يعانون من عبوس جماعي ولكنى اقول للكافة دعونا ندخل العام الجديد بفكرة «ان مع البلوى وان عظمت فرصة» و «المنن فى طى المحن ، والمزايا فى طى الرزايا» فلنمنح بهذه البشائر كآبة العام المنصرم، بهذه العبارات المتفائلة اختتم الصادق المهدى امام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومى حديثه فى عيد ميلاده لهذا العام الذى درج الاحتفال به سنوياً فى مناسبة اخذت بُعداً قومياً يناقش فيها الهم العام، وقضايا الوطن وبرامج الحزب، الأ انها هذا العام اخذت طابعاً مختلفاً وحملت عنوان ?وقفة مع الذات لعام مضى وعام أت» وأضحت بمثابة «جرد حساب» لمسيرته الحافلة، والتركيز على مجريات العام الماضى من عمر البلاد وماطوته الفترة من اخفاقات وصفها الامام «بالسنة الكبيسة» والمثخنة بالجرحات، وحصر اخفاقاتها فى «9» نقاط جرت البلاد الى هاوية الضياع. اوجاع البلاد التسعة وفى مستهل حديثه عن قضايا العام المنصرم «2011» وصف السنة بالكبيسة والتى لم ير فيها السودان خيراً اتت مخيبة للأمال وقال ان اولى الخيبات انفصال الجنوب واجماع اهله كأنما العلاقة مع الشمال لا بواكى لها وولاة الأمر فى الشمال لم يقفوا على هذه الخطوة بل اطلقوا العنان لمقولات طاردة واندفع الأمر بين البلدين بالفعل ورده الى مساجلة عدائية خلقت حرباً باردة تتدحرج الأن نحو الاحتراب، والخيبة الثانية عيوب اتفاقية سلام نيفاشا التى اورثتنا ثلاث جبهات قتالية فلا الوحدة تحققت ولا السلام، والرابعة دارفور ، وقال المهدى بعد عش? سنوات من اقتتال اهل دارفور يقف سلام الاقليم فى طريق مسدود لم تفتحه اتفاقية ابوجا ولا الدوحة، وكأن مافينا لايكفينا، فالتوتر قابل للانفجار يمور فى الشرق والشمال والوسط ويوشك على الانفجار، اما الخيبة والجوع والمحل وكل المعلومات تدل على نقص غذائى انسانى، والسادسة الانهيار الاجتماعى المخيف، وتابع المهدى فى هذا العام الأغبر شهد المجتمع السودانى جرائم لم يعهدها من قبل انتشار المخدرات والأوبئة الجنسية واغتصاب الأطفال وجرائم مجتمعية تضاهى الاحتراب الأهلى السياسى، وتحدث المهدى بأسف عن النقطة السادسة «الغلو الدينى ?العلمانى المضاد، وقال رفع «انقلاب» الانقاذ شعارات ثورة المساجد والمصاحف واعلان تطبيق الشريعة «قبل الخريف» ومن ثم أجبرتهم ظروف الواقع على تنازلات بلغت قمتها اتفاقية نيفاشا ما فتح الباب لتمدد تيارات اسلامية منكفئة على نفسها ومتطرفة وجدت ارضا خصبة، بجانب الاستقطاب الحاد داخل الجسم الاسلامى صار حاداً قاد الى مواجهات بين الفكر الظاهرى والصوفى، وفى النقطة السابعة سخر المهدى من حال الحكومة وأسماها «شر البلية ما يضحك» وقال فى بلادنا لأول مرة ننعى المشروع الحضارى بالنكتة الساخرة سيرا على درب المجتمع المصرى مثل «نأك? مما نزرع» اصبحت أرجوزة «نضحك مما نسمع» و»دعوا الناس الى المساجد وعقبونا على السوق». وفى النقطة الثامنة وقف المهدى فى عنوان عيد ميلاده لهذا العام « وقفة مع الذات» وتحدث عن النقد الذاتى لتجربة حزبه فى الفترة الماضية ومواقفه من قضايا البلاد، واقر بعدد من العيوب، وقال فى الفترة الماضية وقعنا فى عيوب مهمة وهى مشاركتنا فى الانتخابات، وقال صدقنا ما جاء فى قانون الانتخابات وما احتواه من ضوابط خرقت كلها، وتابع كان علينا ان ندرك ان الأحادية المسيطرة لايمكن ان تجرى انتخابات حرة ونزيهة، وشدد ان الدرس المستفاد هو « لا انتخابات الا فى ظل حكومة قومية حقيقية او ادارة محايدة» ، ومن العيوب ايضاً انتقاده ل?عمل الجبهوى السياسى وتجربة قوى الاجماع الوطنى، وقال استمر عملنا أكثر مما يلزم بصورة هلامية ، واضاف تسمية قوى الاجماع لم تعد تنطبق على الواقع، وان التكوين السياسى المشترك مجرد من الهيكلة الفاعلة وما يصدر قرارات فوقية لا تمس الواقع، واوضح ان بعض عناصر المعارضة تحركها عوامل ذاتية وترفع شعارات تريد ان تقفز بها على المرحلة، بالاضافة الى العلاقة مع الحركة الشعبية صارت أشبه بحب من جانب واحد بينما كان الهدف الحرص على استخلاص حقوق الجنوب من المؤتمر الوطنى ثم الانصراف لبناء دولة الجنوب، وقال «هذه العوامل خلقت لنا فج?ة مصداقية فضحك الناس على أدائنا مثلما ضحكوا على الحكومة العريضة، وبصورة شخصية تحدث المهدى عن العقلانية التى يتبعها ، وقال ان كثيرين أعابوا على «النهج العقلانى» فى معالجة القضايا، والتقدم فى السن وفى الأخيرة أقول ان «العجوز» من عجز اصلا ولكنى مازلت اعطى المؤسسات التى أقودها وثقة من حوالى هى المقياس ومع ذلك فأنا حضرت كوادر مستعدة ومؤسسات قادرة على المساءلة والابدال، وتابع لكنى شخصيا مرهق، اما النقطة التاسعة والأخيرة تحدث فيها عن المستوى الشخصى بصورة أكثر ايجابية وقال انجزت فيها الكثير من المهام فقمت ب «7» ز?ارات داخلية و«17» خارجية حققت اهدافها. مشهد عام حظى عيد ميلاد الامام هذا العام بحضور كبير من مختلف قطاعات المجتمع السياسية والمدنية والسفراء والاعلاميين بجانب اسرته العريضة وجماهير حزبه وتحدث المهدى عن ميلاده ال «76» واوضح ان الاحتفال بعيد الميلاد بدعة حميدة، ونوه الى ان الذميمة هى التى تحدث أمراً فى ثوابت الدين «التوحيد، والنبوة، الميعاد والأركان الخمسة» ، وقال فى جيلى كان هذا الاحتفال غريباً ولكن أمى سنته لحسن الصدفة اتى يوم مولدى فى عيد الفطر وفى عيد ميلاد المسيح عليه السلام الذى يوافق يوم «25/11»، ومن ثم تقدم المهدى بالتهانى للأمة المسيحية بأعيادها?واستنكر حديث من يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم ووصفهم بأنهم يعيشون خارج التاريخ والجغرافيا وخارج روح الاسلام. حضور كبير وغياب لقادة الأحزاب حُظى الاحتفال بعيد ميلاد الأمام بحضور كبير لهذا العام لم يشهد له مثيلا مقارنة بالأعوام السابقة رغم انه اتى فى الفترة الصباحية وكان فى العادة يتم فى الفترة المسائية، ولكن هذه المرة شكل قادة احزاب المعارضة حضوراً ضعيفاً وغير مألوف فتتح باب التساؤلات واعطى مؤشراً لتباعد الخطى بين قوى التجمع بعد ان تردد الحديث مؤخراً عن شرخ تمدد فى جسد المعارضة، والمفارقة فى «حضور الحكومة وغياب المعارضة» فحجز القيادى بالمؤتمر الوطنى ابراهيم غندور المقاعد الأمامية جوار الصادق المهدى رغم ماتعرض له من موقف محرج فى دار حزب الأمة ?ى الفترة الماضية، بالاضافة الى رئيس حزب الوسط الاسلامى يوسف الكودة، وغابت قيادات بارزة من حزب المؤتمر الشعبى والشيوعى والاتحادى. مساعد الرئيس آخر الحضور ومن المشاهد التى علق عليها الحاضرون وصول ابن الامام مساعد رئيس الجمهورية عبدالرحمن الصادق متأخرا فى نهايات فقرات الاحتفال الا ان طابع الحميمية الأسرى بوجه خاص طغى على عيد ميلاد الامام هذا العام فظل محاطاً بأحفاده وابنائه وقيادات الحزب وجماهيره، بالاضافة الى الحضور الكبير للمشاركين هذا العام من مختلف القطاعات، وتحدث الكاتب الصحفى زهير السراج انابة عن الصحفيين والاعلاميين، وتحدث ايضا الدكتور عبدالرحيم بلال نيابة عن منظمات المجتمع المدنى وعلاقاتها الحميمة مع الأمام، وشهد الحفل النهارى فواصل غنائية تخللت الفقر?ت شاركت فيها الفنانة شروق ابو الناس والفنان الأمين خلف الله.