في عدد الصحافة بتاريخ 2 يناير 2012م تحت عنوان «الاعتدال يتراجع». كتبت طارحاً ومعقباً على الإعلانات التي نشرت في بعض المواقع في أعمدة الكهرباء الأسمنتية وزعتها جماعة مجهولة متطرفة تحرم الاحتفال أو المشاركة برأس السنة الميلادية والكرسماس. وأيضاً أشرت الى المتحدث في التلفاز القومي يحذر من الاحتفال برأس السنة الميلادية والكرسماس.. الخ. فعلاً حسب ما أثرت بأنها ظاهرة غريبة وشاذة على المجتمع السوداني ذي النسيج الاجتماعي المتميز الشفاف والطاهر والمحبة المتبادلة بين المسيحيين والمسلمين في السودان تاريخياً وحالياً هي مفخرة للشعب السوداني العظيم ومفخرة وتميز عال اجتماعي وديني يفتخر به كل سوداني. وكما أقوله للمصريين دائماً بأن ما يحدث في مصر بين بعض المسلمين والمسيحيين «دي ما عندنا في السودان رغم وضوح اللون في السودان». وأقول لهم الحمد لله لم اسمع في حياتي استفزازا أو تجريحاً من مواطن سوداني على عقيدتي. ورغم ان حكومة الانقاذ إسلامية التوجه، إلا أنها حافظت على هذا النسيج الاجتماعي. في أعيادنا يحضر المسؤولون في الدولة وقادة الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية وبعض الشخصيات الوطنية المسلمة للتهنئة الرسمية بأعيادنا في رئاسة الكنيسة وفي الأحياء يحضر جيراننا وأحباؤنا الى منازلنا ويهنئوننا بالعيد السعيد. أيضاً نقيم كل عام إفطار رمضان في احدى مؤسساتنا الاجتماعية والدينية. ويحرص السيد الرئيس عمر أحمد البشير على الحضور وندعو معظم الزعامات السياسية والدينية والاجتماعية ويلبي غالباً الآلاف هذه الدعوة السنوية ويلقي فيها الرئيس خطاباً يشيد فيه بالمناسبة ويقدر هذا الافطار الذي تلتقي فيه جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي السوداني، كما نحتفل نحن المسيحيون مع جيراننا وأحبائنا وزملائنا بالأعياد الإسلامية من فطور رمضان معهم الى مناسبات الأعياد، وهم يحتفلون معنا في مناسباتنا أيضاً. كتاب الأب فيلوثاوس فرج "مساحات الود والاحترام بين المسيحية والإسلام"، كتب المقدمة لهذا الكتاب علماء مشهود لهم، البروفيسور حسن مكي، والبروفيسور الطيب زين العابدين، والبروفيسور عبد الهادي تميم وآخرون من علمائنا الأجلاء. هذا الكتاب مرجعية طرح فيها النسيج الاجتماعي السوداني. بعد صلاة رأس السنة في كنيسة الشهيدين بالامتداد وعلى مطلع العام الجديد أخذت في سيارتي زوجتي ومعها أخاها المغترب في كندا وشقيقتها مغتربة في استراليا وأفراد عائلتهم الى شاطئ النيل ليروا بعينهم احتفالات المسلمين والمسيحيين برأس السنة الميلادية. وفعلاً كان الاحتفال ضخماً جداً، مئات الآلاف من العائلات والشباب على ضفة النيل بالخرطوم وآلاف من السيارات على شارع النيل، أُستقبلنا من عدة مواطنين بالتحية والمعايدة بحرارة وبشاشة من الشباب. استغرقت رحلة ال 10 كلم من كبري توتي حتى كبري المنشية ساعتين، فكانت هذه الرحلة أفضل اجابة عملية لأقربائي المغتربين بأن السودان على خير والمحبة وافرة بين المسلمين والمسيحيين والنسيج الاجتماعي على خير، فقلت لهم هذا هو الشعب السوداني كان وبقي وسوف يبقى هكذا. تجدر الاشارة بأن عشرات من أحبائهم وجيرانهم المسلمين حضروا للسلام عليهم، وكل يوم يشرفنا المزيد من أحبابهم للسؤال والسلام عليهم. أشيد بالخاتمة بمقالتكم التي تطالب فيها المؤسسات الرسمية والاجتماعية والإعلامية والسياسية والعلمية والتربوية بمواجهة هذا التراجع والتشدد الإسلامي، غير المبرر والضار بالتسامح والنسيج الاجتماعي الذي تميز به السودانيون دوماً فيجب الحفاظ عليه، كان ردهم "انتم عايشين هنا نحن هناك نفقد هذه العلاقة الاجتماعية المميزة في السودان"، فكل عام والسودان وأهل السودان بخير وسعادة ومحتفل بكل الأعياد والمناسبات الدينية والتاريخية وأهمها ذكرى استقلال السودان العظيم. المستشار د.م جون جندي