بترحاب وتفاؤل مشوب بالحذر والتخوف أحيانا، إستقبل أهل جنوب كردفان قرار النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ/ على عثمان محمد طه ،( نقل تجربة نجاحات لجنة الإسناد فى النيل الأزرق إلى جنوب كردفان) ، القرار صدر فى شكل توجيه للأمين العام لديوان الحكم اللامركزى /الأمين دفع الله بصفته رئيسا للجنة الإسناد المركزية، وقد شملت لجنة إسناد النيل الأزرق فى تكوينها وزراء الداخلية ، الزراعة ، الإعلام، التربية والتعليم العام، الري والموارد المائية، الكهرباء والسدود ، الصحة ، الرعاية والضمان الاجتماعى والثروة الحيوانية والسمكية ،فيما أكد البروف / الأمين دفع الله أن المشاورات مع والى الولاية مولانا أحمد محمد هارون قد قطعت مراحل متقدمة ويتوقع أن تباشر اللجنة أعمالها بجنوب كردفان خلال الأيام القادمة . اللدغ من الجحر مرتين عزا مراقبون ذلكم الفتور والتخوف والتحفظ والحذر الشديد الذى إنتاب أهل جنوب كردفان لجملة من الأسباب ، منها إهتزاز الثقة وبروز ظاهرة التشكك فى نوايا وخطوات بعض أبناء الولاية بالمركز ووصفوها ب(المريبة ) وقالوا إنها دأبت على دس السم فى اللبن ، وقد درجت على التحرك ليلا والتخفى فى جنح الظلام لتمرير أجندات خاصة بهم تتعارض مع مصالح الولاية ،ومنها المذكرة الأخيرة التى طالبت فيها جماعة بالمركز بإقالة هارون من منصبه، إعتبرها المواطنون سلبا وإنتهاكا لحقوقهم الدستورية ، إلا أن قيادات بالولاية ألجأت تخوفها من اللجان المركزية لتجاوزات عديدة سابقة جاءت تنتقص من حقوقهم الدستورية والقانونية وتتعارض مع مسؤولياتهم تجاه مواطنيهم ، مشيرين فى ذلك إلى لجنة قطبى المهدى السياسية المركزية ، التي قالوا إنها تم تشكيلها لمساعدة الجهازين التنفيذى والسياسى بالولاية فى تسيير أموره ،إلا أن بعض الأشخاص حاولوا تسخيرها لتصفية حسابات خاصة بهم بعيدة عن المصلحة العامة للولاية ، كشفتها اللجنة بنفسها عندما أعلنت عن جملة من صلاحيات وإختصاصات واسعة قد تطال تشكيل الحكومة وهيكلة الحزب وإقالة والى الولاية المنتخب أحمد محمد هارون وتعيين حاكم عسكري ،فسارعت حكومة الولاية وأعلنت رفضها فكرة اللجنة أصلا وألا تعاون معها فتم وأدها فى مهدها ، ويرى مراقبون من انه لا بد من الكشف عن مهام وإختصاصات لجنة الإسناد المركزية وتحديد حدودها وصلاحياتها لإزالة حالات التوجس والتشكك والتخوف التى إنتابت مواطنى الولاية، كما لابد من إعادة الثقة بين المركز والولاية وتعزيزها، واكتفى قيادى بالولاية بالقول (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين). لأن تتأخر اللجنة خير من ألا تأتى ولكن قيادات بالولاية تنظر لدور المركز والولايات وتجربة لجنة الإسناد المركزية فى النيل الأزرق ،قالوا ل (الصحافة) أن ما بذلته الدولة من دعم لمشروعات التنمية والخدمات والبنى التحتية ودعم العمليات العسكرية مكان تقدير وشكر ،مثمنين الدور الذى ظلت تبذله الولايات وبعض الجهات الحكومية فى الوقوف مع أهل جنوب كردفان فى خندق واحد ،إلا أنهم يروا أن عمل لجنة الإسناد المركزية فى النيل الأزرق نفسها قد شابها بعض من الإخفاقات الإدارية والتى تمثلت فى إرتفاع نفقات الصرف الإدارى من ترحيل وتنقل وغيرها، وضعف فى التنسيق والرقابة والمتابعة ، فى الوقت نفسه رحبت قيادات من جنوب كردفان باللجنة وقالوا لأن تأتى متأخرة خير من ألا تأتى ،لافتين النظر إلى إختلاف جنوب كردفان فى تركيبتها المجتمعية وطبيعتها الجغرافية عن النيل الأزرق وقالوا إن أعمال لجنة الإسناد في جنوب كردفان تحتاج لإعادة نظر وعدة ترتيبات إدارية وتنسيقية مع قيادات الولاية ،فيما طالبت ذات القيادات أن تشمل إختصاصات اللجنة إستنفار وإستقطاب مجاهدين لدفع جهود العمليات العسكرية التى إنتظمت كافة المحاور للعمل على إستئصال التمرد من جذوره بكافة أرجائها ، فيما لازال المواطن يحمل العديد من التساؤلات التى تبحث لها عن حلول فلماذا ظلت جنوب كردفان غارقة فى أتون الحرب والإقتتال ستة أشهر بالتمام والكمال دون أن تجد الحسم الكامل كما سبقتها رفيقة دربها النيل الأزرق؟، ومن المستفيد من إطالة أمد الحرب ؟ ومن المسؤول عن معاناة المواطنين والقتل والنزوح والتشريد وتفتيت نسيجهم الإجتماعى القوى المترابط منذ أزل التاريخ ؟، ثم من الذى بيده الحل ؟. تحديات دستورية وقانونية فيما قال إبراهيم محمد بلندية رئيس المجلس التشريعى بجنوب كردفان ل(الصحافة) إن جنوب كردفان تختلف إختلافا كبيرا عن النيل الأزرق من حيث طبيعتها الجغرافية الجبلية الوعرة، هي ولاية شاسعة ومترامية الأطراف وذات كثافة سكانية عالية (2.5) مليون مواطن ، بجانب شراسة وقوة وعنفوان التمرد الذى إستشرى (6) أشهر وتغلغله وسط المجتمع ، وزاد بلندية عندما إندلعت الحرب نزح أهل جنوب كردفان لمناطق ومسافات بعيدة وإستقرت معظمها لدى أهاليهم دون التصديق لإنشاء معسكرات وكانت تجربة رائدة إستفادت منها النيل الأزرق عندما إندلع فيها التمرد مؤخرا ، وإقترح بلندية (4) أطر يجب أن تشملها وتعالجها جهود لجنة الإسناد لجنوب كردفان لتحقيق أكبر قدر من النجاحات بالتنسيق والتوافق مع قيادة الولاية ،أجملها فى أن يكون الدور التكافلى قويا وفاعلا لتوفير السلع والخدمات الضرورية بجانب المساهمة فى المشروعات التنموية والخدمية والبنى التحتية ،ثانيا الدور الدستورى والقانونى لمجابهة خصوصية الولاية ولما تركه غياب أعضاء الحركة الشعبية من فراغ دستورى بجانب تعطيل أعمال المشورة الشعبية، ثالثا الدور التحاورى وذلك لوضع السلاح جانبا والإنحياز للعملية السلمية وخلق مناخ ملائم للحوار والوصول لإتفاق دائم بين المتمردين ومكونات الولاية والحكومة ،رابعا تعويض المجتمع لما فقدوه من معينات وممتلكات جعلتهم غير قادرين لمجابهة ظروف الحياة وقيد بلندية التعويضات بالإجراءات القانونية والبلاغات المدونة لدى أقسام الشرطة . دور المنظمات الأجنبية ولكن لماذا طردت الحكومة المنظمات التى جاءت منذ العام 2005 خصيصا لجنوب كردفان وقالت إنها جاءت لتنمية إنسانها ، قال بلندية إن المنظمات إنحرفت تماما عن دورها وتجاوزت إطارها الإنسانى وتدخلت تدخلا مباشرا لدعم الحركة الشعبية لوجستيا سياسيا وعسكريا وماليا وفنيا ،ساعدها فى ذلك التعامل بحسن النية فترك المؤتمر الوطنى رئاسة الجسم الذى كان يشرف على عمل المنظمات للحركة الشعبية ،وتغافل عن التحذيرات والملاحظات التى أبدتها بعض كوادره ، وقال مراقبون ل(الصحافة) إن الحال بالولاية وصل لمرحلة أن ترك المؤتمر الوطنى الكثير من المواقع الجغرافية تحت إدارة وسيطرة كاملة للحركة الشعبية عسكريا وفنيا وتحت إشراف وإدارة الحلو شخصيا حتى بلغت مرحلة التعقيد بعد أن كان يديرها من منزله وبأموال الدولة ،قال بلندية كسب الحلو خلال المرحلة الإنتقالية فرصة كاملة الدسم ففرض سيطرته الكاملة على محليات هيبان وأم دورين والبرام وسلارا وجلد وهبيلة ودلامى والدلنج وكالوقى وإمتد لأبى جبيهة العاصمة الإقتصادية وتلودى مناطق التعدين ،والمناطق العسكرية بكل من جاو والقوات المشتركة فى غياب كامل لآلية الرقابة المركزية ،إذ ساهم هذا التراخى بالإضافة للدعم والمساعدات التى ظلت تقدمها المنظمات لإشعال الولاية حربا شرسة . إيقاف عمل المنظمات وعن قرار رئيس الجمهورية منتصف أغسطس الماضى ، الذي منع بموجبه دخول المنظمات الأجنبية لتقديم أى مساعدات مباشرة لمواطنى جنوب كردفان، إلا عبر المنظمات الوطنية، دافع بلندية عن قرار الرئيس البشير بشدة وصاغ كثيراً من الدفوعات والمسوغات تؤكد أن قرار البشير صدر نتيجة حيثيات وشواهد أثبتت تورط هذه المنظمات ومشاركتها فى الحرب، فيما جزم الدكتور /سليمان عبد الرحمن مفوض عام الشؤون الإنسانية بصحة قرار الرئيس وقال ل (الصحافة) فى حينه أن القرار واضح وصريح ،والشؤون الإنسانية معنية بتطبيقه ولديها من الإمكانات ما تؤمن حاجيات إنسان جنوب كردفان ، وأضاف المفوض لن نسمح بإعطاء تصديق أو إذن لأى منظمة أجنبية للدخول لتوزيع معيناتها مباشرة على المواطنين بولاية جنوب كردفان إلا عبر المؤسسات الإنسانية الوطنية ،فيما أكدت أميرة الفاضل وزيرة الرعايا الإجتماعية تمسك الحكومة بقرارها فى ولايتى النيل الأزرق وجنوب كردفان ،فى ذات الوقت لا زالت منظمات الأممالمتحدة تطالب الحكومة بالعدول عن قرارها. وفيما تستعد لجنة الإسناد المركزية لتدشين عملها بجنوب كردفان ، كشفت الأممالمتحدة عن إحصائياتها وقالت إن (ثلاثمائة ألف) شخص نزحوا من جنوب كردفان حتى نهاية يونيو 2011 متأثرين بالإقتتال الذى لا زال يدور فيها ، و(66) ألف شخص بالنيل الأزرق منهم (37) ألف شخص عبر الحدود ووصل أثيوبيا و(30) ألف شخص عبر الحدود لدولة الجنوب ،فيما شككت الحكومة فى صحة إحصائيات الأممالمتحدة .