ديون السودان التي اصبحت تتراكم منذ سنوات طويلة دون معالجة جدية لها اصبحت تؤرق الجميع.. هذه الديون في الاصل كانت في حدود ثلاثة عشر مليار عندما تسلمت حكومة الانقاذ السلطة في عام 9891م، ولكن نسبة لعدم سداد وتراكم الفوائد اصبحت حوالى اربعة وثلاثين مليارا في العام قبل الماضي.. هذه الديون ظلت تسجل نسبة كبيرة من الناتج القومي الى ان جاء اكتشاف البترول وتصديره وبالتالي انخفضت النسبة كثيراً.. والسؤال الذي يخطر على بال كل شخص هو كيف استطاعت دول دون مكانة السودان في الحصول على قروض اضعاف ما اخذه السودان.. مثلاً امارة دبي التي لا تملك موارد حقيقية استطاعت ان تتحصل على قروض تعادل ستين مليار دولار.. وقد كشفت الازمة العالمية هذا الحجم الضخم من الاموال عندما اعلنت دبي عجزها عن سداد هذه الديون حسب ما هو متفق عليه.. وخلال الايام القليلة الماضية اعلنت امارة دبي انها تجاوزت الازمة ووصلت الى تسويات لسداد هذه الديون.. دون ان تأخذ وقتاً طويلاً ليتأثر اقتصادها بما جرى وتفقد ثقة الممولين للابد. وهذا يعكس امرا مهماً وهو مدى الكفاءة الادارية والفنية التي يتم بها ادارة اقتصاد الامارة التي يبلغ عدد سكانها اقل من مليون نسمة ومساحة اصغر من مساحة الثورات! نحن ظللنا نردد دائماً بان بلادنا تذخر بموارد هائلة في كل قطاعات الاقتصاد دون ان نقف في مسألة كفاءة الاداء والشفافية حيث المحك الحقيقي لنجاح الاستثمارات. ولنرجع لمسألة الديون كيف يمكن معالجة هذه الديون المستحيلة؟ السودان لا يستطيع ان يدفع اكثر من مائة مليون دولار سنوياً لخدمة هذه الديون وكان هذا في احسن الاحوال عندما تراكمت لديه متحصلات البترول التي بلغت خلال سنوات الارتفاع احد عشر مليار دولار في السنة.. وبعد الازمة العالمية خاصة هذه الايام فان السودان يعاني الامرين من عدم توفر العملة الصعبة لديه فكيف سيلتزم بدفعيات بمثل هذا الحجم الذي ذكرناه؟ على الاقل من صالح السودان ان يلتزم للدول التي ظلت تعطيه قروضا في غياب الآخرين مثال لذلك بنك التنمية الاسلامي بجدة، الايفاد «بالفاء» وهو الصندوق العالمي للتنمية الزراعية، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك صندوق النقد العربي، خاصة وان صناديق التمويل العربية ستعقد اجتماعها السنوي خلال هذا الشهر.. لذلك لا بد للسودان من ان يبدي حسن النوايا طالما ان موقفه من المنظمات الاخرى يشوبه كثير من الغموض. هنالك دول ومنظمات ذات اهمية للسودان وديونها ليست بالحجم الذي يعجز عنه السودان.. لذلك من المستحسن ان يضعها كاولوية ثانية بعد الصناديق العربية مثال لذلك ديون البنك الدولي التي تبلغ في جملتها مليارا ونصف المليار دولار حتى نهاية العام قبل الماضي، بالاضافة الى المتأخرات التي بلغت خمسمائة مليون دولار.. حتى الآن علاقتنا مع البنك الدولي لم تتأثر في المجالات الفنية كمحاربة الفقر والصحة والتعليم ولكنها متوقفة في مجال القروض.. والمعروف ان البنك الدولي من خلال ذراعه القوية الموجهة للتنمية يعطي افضل القروض في العالم وبشروط ميسرة للغاية ولكن للاسف لا نستطيع الاستفادة منها في الوقت الحاضر اما صندوق النقد الدولي فللسودان سجل سيئ معه حيث يعتبر الاسوأ من بين كل دول العالم في سداد ديونه الامر الذي بلغ حد المطالبة فيه بالانسحاب الاختياري من الصندوق وقد فطن السودان الى خطورة هذا الاجراء فبدأ سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية التي وجدت موافقة الصندوق ولكن دون ان يغير موقفه من او يبدأ باعطائه قروضا ما لم يسدد كل التزاماته تجاه الصندوق... فهل يستطيع؟!