لكل واحد مهنة يعمل فيها تنتج من حاجة المجتمع لتقسيم العمل بين افراده، ومنذ ان بات الانسان يزرع ويحصد انتاجه وزاد من مساحة ارضه وحظي بخير وفير، احتاج لمن يعاونه، ومن هنا ظهرت مهنة «العتالة» التي اعطت تعريفا جديدا لقوة العضل التي تجد لها مكانة في نفوس البعض .. غير ان تصريفات الحياة التي تغيرت كثيرا بفعل الاختراعات والتكنولوجيا المستحدثة، القت بظلالها على مهنة «العتالة»، «الصحافة» تسترجع ماضي المهنة وترفع مكانة من رفع الاثقال بيديه عاليا. يعتبر ميناء بورتسودان مركزا رئيسا للعتالة، وكان الميناء يجتذب الآلاف ممن يرغبون في البحث عن لقمة العيش الكريم. وفي تقرير اجراه الزميل صديق رمضان للصحيفة العام الماضي عن مشكلات مهنة «العتالة» قال حامد محمد آدم رئيس نقابة عمال الشحن والتفريغ خارج البواخر: للأسف الشديد تواجه هذه المهنة ظروفاً بالغة التعقيد بداعي التحديث الذي انتظم العمل في ميناء بورتسودان، بالإضافة الى الخصخصة. ولم يعد «العتالي» صاحب دخل عالٍ مثلما كان في الماضي، فقد أثر دخول الآليات في الشحن والتفريغ عليه سلباً، وقلص من مساحات عمله السابقة. ورغم ذلك كان الوضع جيداً نسبياً، إلا أن ما طرأ على عمليات التخليص دق المسمار الأخير في نعش المهنة، حيث تحولت معظم عمليات التخليص إن لم يكن جلها إلى محطتي سوبا وقري، وتراجع حجم العمل في ميناء بورتسودان والتخليص في الخرطوم جعل الكثيرين بلا عمل، ففي الماضي عندما كانت عمليات التخليص تتم في بورتسودان كان «العتالي» يستفيد من تفريغ الحاويات لكشف الواردات، وبعد ذلك يقوم بإدخالها، وأخيراً يشحنها في الناقلات التي لم تكن كثيرة قبل أعوام، وقلتها كانت تتيح فرص عمل واسعة لعمال الشحن والتفريغ بالميناء وفي المخازن الخارجية وهكذا. وفي ذلك الوقت لم يكن «العتالي» وحده المستفيد، بل أعداد كبيرة من العمالة المساعدة كالعدادين والمراقبين والخفراء وأصحاب اللواري والسواقين وبائعي المأكولات والمشروبات وغيرهم من أصحاب المهن. وبعيداً عن بورتسودان وفي وسط السودان في ميناء كوستي النهري، كادت مهنة «العتالة» ان تواجه المصير نفسه، وان كانت مهنة «العتالة» في بورتسودان قد قلل من شأنها التطور التكنولوجي فإن «عَتَالة» كوستي «هد حيلهم » شلل السكة حديد، اذ كان للسكة حديد دور في إيجاد آلاف فرص العمل ل «العتالة»، بيد ان انفصال الجنوب دق آخر مسمار في نعش «العتالة» فقد توقفت الصنادل عن الذهاب جنوباً محملة بالمواد التي تشحن داخل الصنادل التي يستغرق شحنها بالبضائع اياما عديدة من جهود «العَتَالة»، ومع توقف محالج القطن بالجزيرة والنيل الابيض واجهت المهنة ظروفاً بالغة التعقيد رمت بها في غياهب النسيان. وتميزت مهنة «العتالة» في السودان بقوة العضلات، وكان يضرب المثل ب «العتالي» نسبة لقوته الجسمانية والعضلية، وكان هناك اعتقاد لدى الكثيرين بأن «العتالي» لا يمرض، وفي ذلك يقول المثل «العتالي يقع مرة واحدة» دلالة على قوته، وتميزت المهنة بقوة تكافل كبيرة، فاذا مرض «العتالي» او تقاعد يتكفل جميع العتالة بدفع «كومه» أي نصيبه من أجرة عملهم. واشتهر «العَتَالة» بترديدهم الاغاني والجلالات ومن اشهرها عبارة «قوم معاي يا زول» التي يرددها «العتالي» الذي يحمل الجوال، ويأتي الرد من «العتالي» الذي استلم لتوه الجوال «ما بنوم»»، وعبارة «قام من نومو» ويرد العتالي الآخر «لقى كومو» وهناك عبارة «قوم معاي» ويذكر اسم العتالي الآخر .