وأخيرا وبعد انتظار طويل قيض الله لوالي كسلا تشكيل حكومته الجديدة، والتي جاءت بتغيير طفيف طال معتمدي محلية حلفاالجديدة ومحلية وقر، وعادت ذات الوجوه، الى مواقعها القديمة.. وعلى المستوى الشخصي لم اكن متفائلا بحدوث اي تغيير يذكر باعتبار ان المصائب لا تأتي فرادى، وان فكر التغيير والاستبداد يقاوم بشدة وان الاختيار نفسه للوزارة يقوم على اسس ومعايير لم ينزل الله بها من سلطان، ويتم بطريقة (معالي الوزير) وهذه الطريقة يعرفها عشاق الدراما المصرية.. وعودا لحكومة كسلا فقد تكرر سيناريو سابق ايام الوالي صلاح علي آدم الذي انتظر الناس تشكيل حكومته في كسلا ردحا طويلا من الزمان، وكان التغيير الوحيد آنذاك ابعاد معتمد حلفاالجديدة المرحوم محمد صالحين فما اشبه الليلة بالبارحة في هذه الولاية المنكوبة التي لا تعي النصح الا في ضحى الغد...! وقدر لحلفا ان تدفع ثمن وعيها وجراءتها ومبادرتها لتغيير واقع بائس لا ينكره الا مكابر، الا ان التضحية التي قدمتها حلفا هذه المرة كبيرة بإحالة الاستاذ/ احمد عبداللطيف أكفأ واقدر وأقدم سياسي ليس على مستوى ولاية كسلا بل على مستوى الاقليم الذي يمتد من شلاتين الى الخياري، خبرة طويلة في العمل السياسي والاداري استمدها من العمل كضابط اداري في مختلف محليات ومجالس الولاية، ثم تدرج في العمل السياسي ايام الاتحاد الاشتراكي حتى اضحى الرجل الثالث في الاقليم الشرقي آنذاك، هذا كله فضلا عن معرفته بثقافات القبائل التي تسكن هذا الاقليم وتجربته الثرة والعميقة في معرفة عادات وتقاليد هذه القبائل بفضل تواصله معها في مختلف المناسبات.. مع عفة اليد واللسان يشهد بها القاصي والداني... ولعل التشكيل بهذه الصورة الباهتة رسالة لجماهير المؤتمر الوطني بحلفاالجديدة التي وصلت بشكواها في وقت سابق حتى رئاسة المؤتمرالوطني ووضعت مطالبها، وتأكيدا ان حلفا لا تمثل في مخيلة السيد الوالي واعضاء المكتب التنفيذي للمؤتمر الوطني الا ملف امني او صداع دائم وربما بهذا الفهم جيء بمعتمد جديد بخلفية امنية ليخمد التوتر الذي يحدث بين الفينة والاخرى. التغيير أيها الإخوة بالمؤتمر الوطني بكسلا وغيرها من الولايات هو مزاج عام فرضته حالة الإفلاس السياسي وضالة المردود والعطاء عند الحاكمين، وفرضه الربيع العربي الذي اقتلع انظمة سياسية متكلسة كانت تعتقد انها محمية بأجهزة الامن، وقديما قالت العرب من مأمنه يأتي الحذر، التغيير يعني ضخ دماء جديدة من اصحاب الأفكار والمبادرات الجديدة.