٭ سنوياً يواجه محصول البطاطس الكثير من الإشكالات، خاصة مسألة ارتفاع التكلفة ومحدودية الأراضي التي يزرع فيها، مما أدى إلى استيطان بعض أمراض المحصول في التربة وتعدد أنواع التقاوي ودخول بعضها السوق دون اعتمادها من اللجنة المختصة بهذا الأمر. ولإلقاء الضوء على كل هذه الاشكالات التقينا بالأمين العام لاتحاد مزارعي ولاية الخرطوم صديق علي أحمد، وطرحنا علية الأسئلة أدناه فخرجنا بهذه المحصلة ٭ أولاً نريد أن تحدثنا عن زراعة البطاطس في السودان وتطورها؟ ولاية الخرطوم من اول الولايات التي زرعت البطاطس في السودان عام 1937م، وكان الغرض الاساسي من ذلك تغذية معسكرات الجيش الانجليزي، وقد استمر هذا الأمر حتى نهاية الاستعمار في السودان، ثم بدا المزارعون زراعتها وتسويقها محلياً، ولم يكن السودانيون في تلك الفترة يستخدمونها في الغذاء مادة اساسية بصورة كبيرة، حيث بدأ يسوق محليا. واستمر هذا الامر حتى عام 1965م، حيث دخل البنك الزراعي مع برنامج العون الهولندي في تمويل هذا المحصول مما احدث نهضة كبيرة في زراعتها. والبنك الزراعي له دور كبير في تثبيت وتطوير زراعة البطاطس، واستمر ذلك حتى عام 1993م، حيث خرج البنك الزراعي من استيراد تقاوي البطاطس وبدأت تظهر بعض الشركات المحلية لإنتاج التقاوي محلياً، خاصة الشركة السودانية لانتاج تقاوي البطاطس التي استمرت في ذلك حتى نهاية التسعينيات، وخلال هذه الفترة بدأ التدهور في التقاوي المحلية، وهذا الأمر دفع المزارعين الى تجنب التقاوي المحلية والمخزنة واللجوء الى المستوردة، ثم بدأ ظهور شركات متخصصة في استيراد التقاوي «انعام» «واص». وبعد عام 2001م دخل بعض أصحاب الثلاجات مجال استيراد التقاوي وكذلك بعض الجهات التي لديها وكالات مع شركات هولندية لاستيراد تقاوي على حسب الاصناف المرغوبة في السودان، حيث وفرت اصناف جيدة اثبتت صلاحيتها وملاءمتها لمناخ السودان، وحققت انتاجية عالية في بعض المناطق. ٭ ما حقيقة الوضع الآن؟ الآن كثرت انواع التقاوي المتداولة ووصلت الى اكثر من 27 صنفاً، والبعض منها مازال تحت الاجراءات البحثية لكنها دخلت السوق باعتبارها تقاوي معتمدة من اللجنة الفنية للبطاطس، على الرغم من أن الاصناف المعتمدة من اللجنة لا تتجاوز ال 8 اصناف تقريبا، وهنا يدور تساؤل لماذا دخلت الاصناف غير المعتمدة السوق ؟ ٭ كم يبلغ حجم الانتاج؟ الانتاج الآن مازال في بواكيره وليس مقياساً للانتاج الحقيقي، رغم أنه أسهم الى حد كبير في خفض الاسعار، وهذا الانتاج المبكر الذي يدخل السوق مربوط بالحاجة الى السيولة لتسيير العمل في المشروعات، ومن عيوبه انه يباع باي ثمن مقارنة مع السعر الثابت وحجم الانتاج، لأن الزراعة المبكرة معنية بالمساعدة في تكاليف مواصلة العمل الزراعي، ولكن نتوقع مقارنة مع المناخ الجيد وتأسيس المحصول بصورة جيدة بالاضافة الى التقاوي المستوردة وعدم وجود شكوى من الآفات والأمراض، نتوقع أن يكون الانتاج بصورة معقولة، وهنا اشير الى اختفاء الشكوى السنوية من آفة العسلة والذبول، كما لم تصل أية شكوى من الآفة الجديدة «التوتا ابسليوتا»، فالموقف مطمئن من ناحية عدم وجود آفات وإصابات. ٭ ماذا تقول عن الشكوى من ارتفاع تكاليف انتاج البطاطس؟ الآن محصول البطاطس من المحاصيل ذات الفائدة الاقتصادية العالية بعكس محاصيل الخضر الاخرى، لكن تكاليف الانتاج عالية جدا جدا باعتبار ان جوال البطاطس زنة 50 كيلوجراماً يباع للمزارع بحوالى «200 220» جنيهاً، والفدان الواحد في الزراعة التقليدية يحتاج الى عشرة جوالات، وهذا يعني ان الفدان يكلف «2» الف جنيه، اما الفدان الذي يزرع بحسب رؤية الابحاث الزراعية الموصى بها فيحتاج الى 20 جوالاً بتكلفة تصل الى «4» آلاف جنيه، هذا بالاضافة الى تكاليف الري التي تعادل 37% من التكلفة الكلية للانتاج، كما ان جوال السماد اليوريا ارتفع الى «105» آلاف جنيه، ناهيك عن تكاليف التحضير والمبيدات والعمليات الفلاحية والحصاد. وبرقم تقديري في فترة معينة فإن تكلفة انتاج فدان البطاطس وصلت الى «5200» جنيه، وهذا الامر قبل زيادة الأسعار، أما الآن التكلفة تجاوزت هذا الرقم بكثير، بالاضافة إلى الاشكالات التي تظهر في عمليات ما بعد الحصاد، حيث تظهر مشكلة الطاقة التخزينية غير الكافية في حال اذا كانت الانتاجية عالية، وهذا الأمر يعود بالضرر على المزارع، مما يضطره الى بيع محصوله بأي ثمن باعتبار ان البطاطس لا يقبل التخزين التقليدي، مع العلم ان البطاطس ازرع على مستوى السودان، واصبحت من المحاصيل الناجحة والاساسية في ولايتي الشمالية ونهر النيل، وهذا افقد ولاية الخرطوم ميزتها في انتاجها، واصبحت تنتج في كل ولايات السودان وتتنافس في تسويقها في الخرطوم. ٭ كيف يمكن معالجة الإشكالات التي تواجه انتاج البطاطس؟ يجب إعادة النظر في التركيبة المحصولية في ولاية الخرطوم، والانتقال الى محصول آخر يحقق للمزارعين الفائدة الاقتصادية المطلوبة، والبدائل في محاصيل الخضر كثيرة، وهنا ادعو الأبحاث الزراعية والمختصين في مجال الخضر إلى ايجاد المحصول البديل للبطاطس، ففي ولاية الخرطوم الارض التي تزرع فيها البطاطس محدودة في شواطئ النيل والجزر الموجودة داخل مجرى النهر، حيث تتكرر الزراعة فيها، ولا توجد دورة زراعية يمكن أن ينتقل فيها المزارع من محصول الى آخر، الأمر الذي ادى الى استيطان بعض الامراض المرتبطة بالمحصول في التربة نتيجة الزراعة الاحادية، مما يتطلب فتح مناطق جديدة خارج المناطق التقليدية وتحويلها إلى محاصيل أخرى لإعادة خصوبة التربة. ٭ ماذا حول صادر البطاطس؟ محصول البطاطس لا ينافس خارجياً لارتفاع تكاليف الانتاج المحلي. ٭ ما حجم المساحات المزروعة بالبطاطس في السودان؟ حوالى «20» ألف فدان في ولاية الخرطوم، أما بالنسبة لكل المساحات المزروعة في السودان فتتراوح بين «40 45» ألف فدان.