لم يبدِ بعض لاعبي فريق ناشئين بالمايقوما محطة 16 بالحاج يوسف حماسا لاقتراح زملائهم القاضي باجراء مران مسائي في ملعب يقع بالقرب من محطة 24 بذات المنطقة ،مرجعين تحفظاتهم وفتور حماسهم الى سببين اولهما بعد المسافة التي سيقطعونها مشيا على الاقدام ،عطفا على تخوفهم من عصابات النيقرز التي اشاروا الى انها ربما تعترض طريقهم وتدخل معهم في شجار لايملكون ادواته ولايجيدونه مثلما تفعل ذات المجموعات،مشترطين الذهاب عبر عربة حتى لايلتقون النيقرز عند عودتهم راجلين. قد يعتقد القارئ ان مختصر القصة السابقة يعود الى فترات ماضية شهدت نشاطا مكثفا لعصابات النيقرز في مختلف احياء الخرطوم خاصة الطرفية منها ،والتي ادخلوا من خلالها الرعب في قلوب المواطنين بداعي اسلوبهم الاجرامي غير المألوف للمجتمع السوداني ،و تبدو اسباب بروز تلك الظاهرة قد انتفت وهي معروفة ومن ضمنها التصدي الصارم والجاد من قوات الشرطة التي اولت القضية اهتماما كبيرا وتفاعلا واضحا ونجحت في محاصرتها قبل ان تستفحل وتصبح مهدداً امنياً خطيراً بعد ان ضربت بيد من حديد على ممارسي هذا النشاط العبثي والاجرامي ،ولكن اختفى النيقرز وبقيت ثقافتهم الوافدة التي يبدو انها استهوت بعض الشباب دون الثامنة عشر الذين باتوا يقلدون تلك العصابات في تحركهم الجماعي الذي لايقل عن عشرة افراد وحملهم لاسلحة بيضاء خاصة العصي والخراطيش ،ويقلدون النيقرز حتى في مشيتهم واسلوب ارتداء(البناطلين) وبعضهم يضع سلاسل على اعناقه ،ولم يكتفوا بتقليد النيقرز في الازياء والتحركات وحمل الاسلحة ،بل بدأت هذه المجموعات تجنح الى التفلت وتمارس على استحياء بعض ماكان يقوم به النيقرز من اجرام ،ويقتصر نشاط العصابات الجديدة على مضايقة من هم في اعمارهم امام المدارس وفي الطرقات الفرعية مساءً وفي حفلات الاعراس ،ورغم ان الظاهرة لم تأخذ شكلاً منظما الا ان بروزها بالحاج يوسف جعل الكثير من اولياء الامور يحذرون ابناءهم من الانضمام الى هذه المجموعات المتفلتة..ويحكي طالب ثانوي رفض ذكر اسمه قصته مع عصابات النيقرز الجديدة قائلا:هم شباب دون الثامنة عشر درس بعضهم معنا في مرحلة الاساس ويقطنون معنا ،ودائما يختارون ضحيتهم بعناية ويركزون على التلاميذ الذين يتمتعون بوضع اسري جيد اقتصاديا ،ومن هذا المنطلق اعترضوني عقب نهاية يوم دراسي بإحدى المدارس الواقعة في شارع واحد وطالبوني بمنحهم هاتفي الجوال وعندما رفضت ارادوا اخذه بالقوة ولكن مرور شاب كبير في العمر جعلهم يتراجعون ،ومنذ ذلك الوقت لا اسير بمفردي..ويقول تلميذ يدعي محمد ان النيقرز الجدد يختلفون عن العاصابات السابقة ،مشيرا الى ان افرادها يستهدفون من هم في عمرهم فقط، عكس العصابات السابقة التي كانت تشكل خطراً على الجميع حسبما قال. ويعتبر الباحث الاجتماعي زهير السماني بروز مثل هذه الظواهر امر طبيعي ،وقال:ذهاب عصابات النيقرز بشكلها القديم لايعني اختفاء ثقافتها التي لقيت هوىً لدى بعض الصغار المتمردين على الواقع ،ولكن مثل هذه التفلتات وقتية ولن تأخذ شكل الاستدامة والتطور لجهة ان معظمهم في سن المراهقة ويخشون اسرهم التي ان عرفت سلوكهم المتفلت ستتعامل معهم بحزم وجدية ،ومعروف ان الاطفال في هذه السن سريعو التأثر بمختلف الثقافات خاصة الوافدة وغير المألوفة والتي عبر ممارستهم لها يعتقدون انهم باتوا شبابا ورجالا لايخشون شيئا،غير ان الباحث الاجتماعي حذر من التعامل مع هذه الظاهرة بتساهل ،معتبرا ذلك سيشجعهم على تحويل الثقافة الوقتية الى ممارسة اجرامية دائمة،وقال:قد يكون نشاطهم محدوداً ولم تسجل في دفاتر اقسام الشرطة جرائم قاموا بها،لكن محاربتها يجب ان تتم مبكرا حتى لاتستفحل ،والحد من نشاطها في هذه المرحلة ليس مسؤولية الشرطة بل تقع على عاتق اولياء الامور المطالبين بمتابعة سلوكيات ابنائهم.