لفت نظري الحوار الممتاز الذي أجراه الزميلان أسامة والتقي مع رئيسة المفوضية الحكومية لحقوق الانسان والتي تم تكوينها مؤخراً على خلفية القرار الرئاسي الصادر بهذا الخصوص ،فقد اشتمل الحوار على اسئلة جوهرية ظلت تقلق نشطاء حقوق الانسان حول مدى استقلالية المفوضية وتوافقها مع مبادئ باريس الموجهة لتكوين وعمل مفوضيات حقوق الانسان الوطنية ، بيد ان اكثر ما لفت نظري هو حديث السيدة آمال التني عن ضرورة حيادية واستقلالية المفوضية وقولها عن طبيعة الاشخاص الذين تمت تسميتهم اعضاءاً بالمفوضية وما اذا كانوا يتمتعون بالحيادية والاستقلالية وعدم الانتماء الحزبي ( المفوضية قد تم تكوينها من قبل رئاسة الجمهورية ولهم معاييرهم في الاختيار، وقد اخترت ضمن الآخرين.. وأقول بكل صدق إنني أعرف بعض الأعضاء معرفة شخصية، أما بعضهم الآخر فلم التقه إلا داخل المفوضية.. لذا ليس لي العلم بخلفياتهم.. ولكنني أعود وأؤكد لكم أن هؤلاء الأعضاء بمجرد أدائهم للقسم بهذه الصيغة وهم اطلعوا على القانون الذي يقتضي أن يكونوا متجردين وغير منتمين.. فأنا اعتقد تماماً أنهم كلهم سيبرون بالقسم.. وسيعملون بالكيفية التي نص عليها القانون.. وأضيف بأنني على ثقة بأنهم سيأتون بتجرد من أية انتماءات.. وفق التكييف القانوني للقضية المعروضة أمامهم.. أضف إلى كل ذلك أن عمل المفوضية شبه قضائي.. فإذا لم تكن لدينا القدرة على العمل بهذه الكيفية.. يجب أن نتنحى ) والسؤال هو كيف يتم التوفيق بين معايير رئاسة الجمهورية التي تم بموجبها تعيين الاشخاص والمعايير الدولية التي تحدد كيفية تكوين واختيار اعضاء المفوضيات المستقلة لحقوق الانسان ؟ . وحول ذات الامر كيف يمكن للمراقبين ان يتفهموا عملية تعيين اشخاص ذوي انتماءات حزبية لأداء عمل مستقل محدد ثم الطلب منهم او التمني عليهم ان يتخلوا عن انتماءاتهم الحزبية وبحسب افادات رئيسة المفوضية هي لا تعرف خلفيات بعض اعضاء مفوضيتها وما اذا كانوا ينتمون الى احزاب سياسية واكتفت بالاطلاع على ملفاتهم المرفقة والسؤال هو هل يمكن للمفوضية وعلى سبيل تطبيق مبادئ الشفافية ان تنشر للرأي العام ( بروفايل ) يتضمن التعريف بالسيرة الذاتية والعملية لكل عضو من اعضاء المفوضية حتى يتسنى لجميع المستفيدين المفترضين من عمل المفوضية معرفة الاشخاص الذين يتعاملون معهم ومدى تمتعهم بالاستقلالية والحيادية والقدرة على انجاز كافة الاعمال المتعلقة بمناهضة ومكافحة كافة اشكال الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان ؟ ان الانتماء الحزبي يمنع الانسان من مصادمة مصالح مرؤوسيه - الا من رحم ربي - ولذلك وحتى لا يحدث اي لبس حددت مبادئ باريس شروط وضوابط تعيين الاشخاص المكلفين بالعمل في المفوضيات المستقلة وهي مبادئ ترفض اي احتمال ولو ضعيف بشبهة الانتماء الحزبي حين تعيين الاشخاص، ولا ترهن أداء الشخص لمهامه بتخليه عن انتمائه السابق ويكفي انه كان ( منتمياً ) لاستبعاده من التعيين . اما المسألة الشائكة التي تنتظر اعضاء مفوضية حقوق الانسان فهي تتعلق بما ذكرته السيدة التني عن رغبة المفوضية في مواءمة القوانين السودانية لتتماشى مع الاتفاقات والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان خصوصاً القانون الانساني الدولي والمواثيق الخاصة بالحريات وحرية الصحافة وما اذا كان بمقدور المفوضية العمل على تغيير قانون الامن الوطني الذي يخالف الدستور الانتقالي في كثير من البنود عوضاً عن مخالفة نصوصه لحرية الصحافة حينما اعطى لنفسه الحق في ايقاف ومصادرة الصحف رغم وجود المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية الذي انشئ خصيصاً للقيام بهذا الدور مع بعض التخفيف ؟ انه سؤال قانوني نحتاج الى معرفة رأي الخبيرة القانونية السيدة التني حوله خاصة وانها مشهود لها بالخبرة الطويلة الممتازة في العمل القانوني وفك الاشتباك بين القوانين ومواءمتها مع القوانين المطلوبة ، كما ان من مهام المفوضية مراقبة وزيارة السجون والمعتقلات لمعرفة الاحوال التي يعيشها السجناء والمعتقلون السياسيون ومدى توافقها مع ابسط الحقوق التي نص عليها القانون وتمتعهم بكامل حقوقهم في معرفة اسباب توقيفهم ومقابلتهم لذويهم ومحاميهم ،فهل تستطيع المفوضية انجاز هذا العمل والدخول في مواجهات مع الحكومة والحزب الحاكم ؟ ان الحكومة وحزبها يعتبران كافة الاجراءات الخاصة بايقاف الصحف هي اجراءات صحيحة تم تنفيذها لحماية الأمن القومي فكيف تخرج علينا المفوضية بالقول الفصل . [email protected]