تزداد الترجيحات بشأن فرض عقوبات جديدة ضد السودان من قبل امريكا بعد مشروع القانون الذي طرحه ثلاثة سيناتورات في الكونغرس الامريكي جيم ماكجفرن ومايكل كابوانو وفرانك وولف، ويتضمن مشروع القانون فرض عقوبات جديدة تشمل افرادا بعينهم وملاحقة المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية ومنع من تفرض عليهم العقوبات او افراد عوائلهم من تأشيرة دخول الولاياتالمتحدة وابعاد الموجودين علي اراضيها ، ووسع مشروع القانون دائرة اهتمامه بفرض عقوبات علي الدول التي بامكانها توقيف المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية التي يزورونها كما يطال المشروع الدول التي تقدم مساعدات امريكية ومالية للحكومة السودانية ، ويدعو الي وضع خطة استراتيجية شاملة لكل السودان ويحظر التعامل مع الاشخاص المستهدفين في جميع الممتلكات بما في ذلك السلع والتكنولوجيا. وجاء مشروع القانون علي خلفية الجولات الماكوكية التي قام بها نواب الكونغرس المعنيون داخل وخارج السودان ، فقد زار السيناتور وولف عن دائرة «فرجينيا» معسكر ييدا للاجئين في جبال النوبة الشهر الماضى ، قادما من دولة جنوب السودان بصحبة الصحفى الأمريكى نيكولاس كريستوف وقابلت الحكومة زيارة عضو الكونغرس باحتجاج شديد اللهجة لوزارة الخارجية الأمريكية، معتبرة هذا التصرف انتهاكا صريحا للقانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة ولقوانين السودان، وحسب التقارير الصحفية فان الزيارة كانت تهدف للاطلاع على اوضاع الفارين من النزاع والاستماع الى اسباب فرارهم ، ومعرفة الاوضاع التى يعيش فيها باقى سكان جبال النوبة الذين لم يتمكنوا من الفرار والذين يعيشون عزلة عن العالم الخارجى بسبب منع الخرطوم لدخول المنظمات الانسانية والاعلام ، وحمل وولف معه شهادات اللاجئين التى بثتها اجهزة الاعلام الامريكية ، فيما تبني السيناتور مايكل كابوانو جمع التوقيع علي رسالة قدمها للرئيس الامريكي باراك اوباما وقع عليها» 62 « من اعضاء الكونغرس الامريكي يدعون فيها ادارة اوباما الى تغيير سياساتها تجاه السودان ، وضرورة وقف اعمال العنف التي تجري في مناطق كثيرة من السودان وذلك عقب لقائه وفد الجبهة الثورية السودانية في الولاياتالمتحدةالامريكية، اما السيناتور ماكجفرن فقد اعتبر ان مشروع العقوبات محاولة لوقف ما سماه بالانتهاك الجسيم لحقوق الانسان والابادة الجماعية للمدنيين في جبال النوبة . وفي قراءة لمشروع العقوبات اعتبر الكاتب عثمان نواي في مقال منشور بمواقع الكترونية بعنوان «السودان : مشروع قانون جديد امام الكونغرس الامريكى لاحكام الخناق على الخرطوم» ان مشروع القانون يشكل فى مضمونه فارقا حقيقيا فى توجه الادارة الامريكية نحو الخرطوم خاصة اذا عبر الكونغرس وتم تطبيقه ولم يعطل قدرا كبيرا من بنوده كما حدث لقانون سلام السودان 1997 والمعدل بعد حرب دارفور 2005 ، وقال نواي ان النقطة المحورية فى القانون الجديد هي التشديد على الا تتجزأ أزمة السودان مناطقيا بعد الان ، اى ان يتم التعامل مع النظام الحاكم فى السودان كأزمة في البلاد هي التى تتسبب فى الحروب والنزاعات والفقر والمجاعات والارهاب، وتابع الكاتب ان ذلك من شأنه ان يشكل ضغوطا اكبر على النظام الحالى وربما المطالبة العلنية بتغييره وهذا موقف السيناتور فرانك وولف الراعى الاول للقانون. الا ان الجزئية المتعلقة بالمطالبة العلنية بتغيير نظام الخرطوم التي يتبناها وولف تتعارض مع ما اعلنته الادارة الامريكية حيث ذكر المبعوث الامريكي برنستون ليمان في حواره مع صحيفة الشرق الاوسط السعودية قبل اكثر من شهر ان « ليس هذا جزءا من اجندتنا في السودان بصراحة لانريد اسقاط النظام ولا تغيير النظام ، نريد اصلاحا باجراءات دستورية ديمقراطية « وهو ما اعتبره المراقبون وقتها تحولا جديدا علي صعيد المواقف السياسية تجاه الخرطوم ، واعتبر المحلل السياسي البروفسور الطيب زين العابدين ان الكونغرس الامريكي لم يتبن يوما اسقاط الحكومة باستثناء بعض نوابه ، واستبعد زين العابدين في حديثه ل «الصحافة» عبر الهاتف امس اقرار الكونغرس للقانون بشكله الحالي لانه يمس دولا اخري بخلاف السودان فمثلا يفرض عقوبات علي الدول التي بامكانها توقيف المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية التي يزورونها، كما يطال المشروع الدول التي تقدم مساعدات امريكية ومالية للحكومة السودانية، واضاف زين العابدين «ليس في استطاعة الولاياتالمتحدة منع الدول من تقديم مساعدات للسودان». واشار الى ان القانون في حال تمريره سيجر المشكلات لواشنطن اكثر من الخرطوم وابدي زين العابدين استغرابه من مطالبة الكونغرس بملاحقة المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية، وقال ان الولاياتالمتحدة غير موقعة علي ميثاق المحكمة وهي اكثر الدول التي تسعي لحماية مواطنيها المتورطين في ارتكاب تجاوزات انسانية في العراق وافغانستان. وقال ان منع تأشيرات دخول امريكا لن تؤثر علي المسؤولين المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية لا سيما اذا كانت لديهم حصانات او اعمال رسمية تستدعي دخولهم لواشنطن مثل حضور اجتماعات الاممالمتحدة، ووصف زين العابدين مشروع القانون بانه لاقيمة له لان العقوبات الكبيرة مفروضة اصلا «الاقتصادية والمالية وتصنيف السودان ضمن الدول الراعية للارهاب»،ولكن زين العابدين رأى بان منع الاغاثة للمتأثرين من شأنه ان يكون القشة التي ستقصم ظهر النظام، وقال «لماذا تمنع الحكومة المنظمات من تقديم المساعدات في جنوب كردفان في الوقت الذي سمحت بذلك في دارفور» مشيرا الي ان المنظمات الامريكية قدمت لسنوات مواد اغاثية في دارفور بما يعادل 800 مليار ، وتساءل ما الفرق بين جنوب كردفان ودارفور. بينما يصف المحامي اديب نبيل مواقف الحكومة الامريكية بالتناقض من المحكمة الجنائية ففي الوقت الذي تعقد اتفاقيات مع الدول الاخري لعدم تسليم المطلوبين الامريكيين للمحكمة تأخذ موقفا مؤيدا لقرارات المحكمة فيما يتعلق بالسودان، وفسر اديب موقف الادارة الامريكية لذلك بخضوعها لمجلس الامن الذي حول قضية دارفور للمحكمة الجنائية لما رأى فيها من تهديد للامن والسلم الدوليين، وقال ان الحكومة تتحمل المسؤولية لانها رفضت التعامل مع المحكمة بعد ان ابدت شيئا من المرونة في بداية الامر، واضاف اديب في تقديري كان باماكان الخرطوم ان تتعامل مع المحكمة لان تجاهل الاتهامات لا ينفيها بل يثبتها اكثر ، واعتبر اديب ان مواقف الدول فيما يتعلق بالمحكمة متناقضة، مشيرا الي ان الحل يكمن في وضع قواعد للقانون الدولي تسري علي كل الدول وان تكون ملزمة بقرارات مجلس الامن . من جانبها ترفض الحكومة التعليق علي مشروع العقوبات المقترح من النواب الامريكان وتقول ان ردها سيكون عقب صدور المشروع كقرار من الكونغرس.