في لحظة إنفعال وطنى مع الأحداث التى تقبض خانقة بتلابيب الوطن (المكتول كمد) جلست اتابع عبر الميديا المقروءة والمسموعة بشىء من القلق الممزوج بالخوف أخبار البؤر الملتهبة بجرثومة الاقتتال في جنوب كردفان والنيل الازرق وكهوف جبل مرة وعتاميردارفور.وبنفس القدر تبدو الصورة مرعبة تماما بالنسبة للوضع والحال الاقتصادى وتدهور مستوى معيشة الفرد، وتستقر موجة الأسى على ضفاف التمنى والوعود التى يجرفها تيار اللت والعجن السياسى ،وهكذا موجة تدفع موجة في نهر الحياة السودانى الذى تعكر صفوه وبتنا نشرب كدرا وطينا وهذه هى حال السواد الاعظم الغالب من الشعب السودانى الفضل ،وكأن الزمان يغالط أدبيات العقيد يونس محمود التى شنفت آذان المستمعين في بواكير عمر الإنقاذ التى أسرف أدباؤها في تمجيد المستقبل الذى أصبح واقعا ليس سعيدا بمنطق لقمة العيش التى بات الحصول عليها يحتاج إلى مهارة المظلى في الهبوط على سطح متحرك .. ومتابعة شريط الاحداث يقذف بى الى مستنقع أزمة دارفور التى باتت تهدد هوية الوطن على خلفية أن علة دارفور قد تجاوز علاجها البعد المحلى والقومى إلى فضاءات الاقليمية والعالمية، وتشابكت خيوط الأزمة الدارفورية السودانية مع خيوط السياسة الدولية وتقاطعاتها الحارقة جدا بالقدر الذى أصبح الدخول الى البيت الابيض أو البقاء فيه لدورة رئاسية ثانية مرهون الى حد كبير بالمزايدات في قضية دارفور كمدخل لتصفية الحسابات مع حكومة السودان القائمة على قاعدة (صبة الإنقاذ ) و التى انطبق عليها تماما المثل الشعبى :- تسوى بأيدك ويغلب أجاوديك ... ولعمرى إنها قمة الملهاة في القاموس السياسى السودانى بالرغم من قناعة جميع أطراف معادلة الازمة والنزاع بأن شفرة الحل مطمورة تحت تراب تراكمات الموروث السودانى المشهود له بالجودية والتراضى الاهلى ،ولكن يبدو ان الوضع تنطبق عليه بالمقاس كلمة الرئيس اليمنى التى وجهها لشعبه في لحظة سُكر ماجن بالسلطة (بضم السين ) والتى قال فيها:- لقد فاتكم القطار.. وقياسا بوضع الحافر على الحافر نجد أنها تنطبق على المبادرات السودانية في إحتواء الازمة التى قضى حريقها على الاخضر واليابس وبات في حكم المؤكد أن إطفاء حريق دارفور جزء من سيناريو ترتيبات في لعبة السياسة الدولية على النطاقين الاقليمى والدولى ( والله يكضب الشينة ) وقليل فقط من أوراق اللعبة مبعثرة عشوائيا في المسافة بين دارفور والخرطوم .... وبالرغم من رداءة الجو السياسى تصر الدولة على أن الرؤية ممكنة للطيران ولإرتفاعات شاهقة في مكابرة تجعل من اتفاقيات الحلول لإحتواء الازمة مجرد ضحية للتقديرات الخطأ أو القراءات المتعجلة وعلى مشرحة التقييم تتمدد جنازة اتفاقية أبوجا التى تبخرت كرغوة الصابون وحلت محلها اتفاقية الدوحة التى تسوق لها سلطة دارفور الاقليمية وهى تسعى بين صفا الدعم الدولى ومروة مصداقية الشريك الوطنى الذى يحفظ على ظهر قلب تفاصيل الدور المطلوب منه لانجاح الاتفاقية ،ولكنه يتلكأ في الوفاء بالوعود ليس لان الطبع يغلب التطبع ولكن لان التغييرات السياسية التى بترت دولة الجنوب عن الاصل قد أفرزت وضعا إقتصاديا جعل من غياب عائدات النفط واقعا دفع بكل الالتزامات المالية الى هاوية البناء للمجهول. وهنا تكتمل حلقة المؤامرة التى قصد منها تحجيم المارد الاسمو السودان أرض المليون ميل مربع وتمزيقه عن طريق شد الاطراف بتوتيرها وإفراغها من السكان وتهجيرهم ويبدو أن ملامح الصورة قد إكتملت في مواجهة أحلام اليقظة التى كنا نعيشها بعيدا عن العمق في التحليل لمجريات نهر التأريخ الحديث . وعلى منهجية برنامج نجوم الغد التلفزيونى الترفيهى المعروف تسير قافلة السلطة الاقليمية في محاولة لحمل بنود الاتفاقية الى حيز التطبيق وذلك بتزيين مقاعد السلطة الاقليمية بتعيينات لبعض أصحاب المواهب في الغناء للحاكم والبقاء بالقرب منه وفى بعض المواقع المفصلية كمان .. وكان من الاجدى للسلطة والانفع لدارفور أن يتم إستيعاب أهل القدرات والخبرات من كل السودانيين عن طريق المنافسة الحرة حتى يتم تشحيم مفاصل السلطة بأهل العطاء وما فتك بسلطة ابوجا إلا السوس الذى أكل مفاصلها لغياب المهنية والقدرات التى حلت القبيلة محلها .. وزاد الطين بلة غياب التوظيف الرشيد للموارد التى تم ضخها بسخاء في زمن كان النفط يتجول بمنتهى الحرية والامان في أنابيب الشمال.. وبما أنه مازالت هناك فرصة في الزمن قبل الضايع و يمكن للاخ \رئيس السلطة الانتقالية أن يستغلها مباشرة كسبا للوقت الذى إستغرق جزئا كبيرا منه في الاجتماعات واللقاءات وحفلات الاستقبال التى باتت جزءا من فصول رواية محرقة الحكام عليه ( والضمير راجع للاخ رئيس السلطة مباشرة ) أن يرتب أولوياته في حدود المتاح من الموارد التى بحوزته فعليا (إن كانت هناك موارد ) وبالتنسيق مع حكومات دارفور الخمس (إذا خلصت النوايا ) في عمل خارطة طريق مختصرة جدا وعملية جدا ترتكز على أهم المحاور وهى تنفيذ جاد لبرامج العودة الطوعية بمعناها الشامل..وحصر التعويضات وجدولة سدادها فورا لجبر الضرر..وتنفيذ عملى لتنمية شاملة مستدامة تصمم بمنهج من القاعدة إلى القمة وليس العكس ..والعمل على بسط هيبة الدولة بحيادية وطنية كاملة الدسم لا تعرف التمييز بين الناس إلا بالعطاء للوطن ..فلتكن تلك ملامح المرحلة الاولى لخطة إعادة بناء دارفور ولتعقبها خطط وبرامج لاحقة تعزز من مصداقية أطراف الاتفاقية التى وأن أصرت على محاكاة أسلوب برنامج نجوم الغدالغنائى سوف تجد نفسها اتفاقية بدون عنوان الذى هو عنوان لبرنامج شهير كان يقدمه الاستاذ\ محمد سليمان أحد أعضاء لجنة التحكيم القاسية على مواهب يافعة بدأت تطل على نافذة التاريخ والشهرة والابداع، وياخوفى على تنمية دارفور والتى هى جنين في أحشاء اتفاقية الدوحة من ميوعة رؤية السلطة الانتقالية ومن وعد عرقوب التمويل الدولى مضافا إليه ضبابية العلاقات الرابطة بين السلطة الانتقالية وحكومات دارفور التى على رأسها ولاة تبدو علاقتهم برئيس السلطة أقرب إلى علاقة مراسم تجلسهم الى يمينه وعلى آذانهم وقر التبعية إلى المؤتمر الوطنى الحزب البلدوزر الكاسح .. ودمممتم ودامت للوطن كرامته !!!