في عتمة انشغال الناس بالخبز وزحمة الحياة نجتمع لتدشين كتاب هذا فعل يؤكد ان هناك عزيمة وارادة وتحديا، ويبقى الامل في ان تنطلق الثقافة نحو افق بعيد.. شكرا للدكتورة بخيتة امين التي قالت لنا (ان توقد شمعة خير من ان تلعن الظلام) وهي تقدم كتابها الجديد الانيق (الصحافة النسائية في السودان).. وشكرا لمؤسسة اروقة التي تعاونت مع كلية امدرمان للصحافة في تدشين هذا الكتاب، وشكرا للبروفيسور علي شمو الذي خط المقدمة الرصينة للكتاب، وهو يقول (نحمد للدكتورة بخيتة امين مبادراتها وحرصها على اصدار كتاب عن الصحافة النسوية في السودان باعتبارها استاذة في علوم الصحافة، ورائدة من رواد نساء السودان المؤسسات للحركة النسوية واستاذة في علوم الصحافة، ومن اللائي اتجهن لدراسة الصحافة في ريدينج، ثم حصلت على الدكتوراة في جامعة الخرطوم فاتجهت بكلياتها للعمل الصحفي المنتظم بجانب التدريس).. مهمة تاليف كتاب ليست بالامر الهين وفي السودان يزداد الامر تعقيدا مع المعلومات الشفاهية والأدوار المتعددة التي يقوم بها المؤلف من دور الكاتب الي دور الناشر الي دور الموزع هذه مهام صعبة ومتشابكة ولكن الدكتورة بخيتة امين التي اعتادت على مواجهة الصعاب واصلت مشروعها المستنير وهي تقدم كتابها الخامس للمكتبة السودانية (الصحافة النسائية في السودان)... وتختار لكتابها هذه المرة ان يكون باللغتين العربية والانجليزية، وهذا يسهم ان يكون التوثيق اكثر تأثيرا وايضا خرج الكتاب في طباعة انيقة وتصميم جذاب اضاف الكثير للمادة العلمية الرصينة للكتاب، الذي قدمت عبره الدكتور بخيتة سياحة موضوعية هادئة في حاضر وتاريخ الصحافة النسائية في السودان، وقدمت لنا ملامح من تاريخ الصحافة النسائية في الوطن العربي وقالت ان مصر احتلت المرتبة الاولى في الوطن العربي في اصدار الصحف النسائية، حيث اعتبر الباحثون ان مجلة الفتاة الشهرية التي اصدرتها اللبنانية هند نوفل بالاسكندرية في 20 نوفمبر 1892م، هي اول مجلة نسائية تصدر في العالم العربي، ولكنها توقفت نهائيا في بداية العام 1894 لانشغال مؤسستها بتبعات الحياة الزوجية. وهنا تشير الدكتورة بخيتة امين الي نقطة مهمة ومفصلية وهي ان بعض النساء يفشلن في التوفيق بين العمل والبيت.. وفي السودان نجد ان كثيرا من الاقلام النسائية توارت بعد الزواج ولكن هناك اقلام نسائية ما زالت تواصل المسير بعزيمة .. ووثقت بخيتة امين عبر هذا الكتاب لرائدات الصحافة النسوية مثل الاستاذة آمال عباس العجب التي بدأت علاقتها مبكرا بالقلم بمجلة صوت المرأة، وعملت بالعديد من الصحف وتولت رئاسة تحرير عدد من الصحف مثل (الرأي الآخر) و(المجالس) ونالت عدة جوائز عالمية في الصحافة. وسعاد ابراهيم عيسى وثريا امبابي وحاجة كاشف ود. سعاد الفاتح البدوي وحياة مصطفى وآمال مينا وفاطمة سعد الدين وغيرهن. وبالعودة الى تاريخ الصحافة السودانية يتضح ان مشاركة الاقلام النسائية في الصحف السودانية تعود الى ثلاثينيات القرن الماضي وتعد جريدة (الصراحة) اول صحيفة سودانية تتناول قضايا المرأة السودانية بجدية واهتمام، كما ان صحف (السودان الجديد) والرأي العام) و (الايام) و(الصحافة)) قامت بتخصيص صفحة للمرأة، ووفقا لاحدى رسائل الماجستير المنشورة فإن صحيفة الصحافة كانت اكثر اهتماما بقضايا وشؤون المرأة مقارنة برصيفتها الايام، ولكن الايام تميزت على الصحافة بثبات محررة الصفحة.. حيث ظلت الاستاذة فائزة شوكت تحرر الصفحة على مدار خمس سنوات وباسم ثابت (المرأة الجديدة،) بينما تعاقبت علي تحرير الصفحة بجريدة الصحافة اربع محررات في ذات الفترة وتحت مسميات مختلفة... رقية السيد الطيب: عالم المرأة ، امال مينا، المرأة، زينب ازرق: التحالف والمرأة. نور تاور: النصف الآخر.. كتاب الصحافة النسائية في السودان للدكتورة بخيتة امين، سفر قيم وجدير بالمطالعة والاقتناء.