«معاً لاستكمال النهضة» كان هذا الشعار المرفوع من قبل المؤتمر الوطني وهو يخوض الانتخابات الأخيرة في ابريل 2010م والتي انتهت بفوز كاسح حقق فيه الأغلبية التي مكنته من معظم «كراسي» البرلمان وتكوين الحكومة بغالبية مريحة دون النظر الي ما حققته القوى السياسية الأخرى التي نافست والتي لم تنافس بسبب انسحابها من سباق جولة الانتخابات وبعد عام ونصف تقريباً أو يزيد قليلاً تبدأ جولة جديدة للتنافس الانتخابي بين القوى السياسية للتنافس على صناديق الاقتراع وسط متغيرات دولية واقليمية ومحلية يكون لها تأثير واضح على مجرى الانتخابات أيا كان المستوى أو «الشعار» المرفوع للسباق للفوز بثقة المواطن. «ومعاً لاستكمال النهضة» ذلك الشعار المرفوع من قبل المؤتمر الوطني في الانتخابات السابقة والتي تبقى على نهاية دورتها حوالى العام ونصف العام، ويبدو السؤال المطروح الى أي مدى حقق المؤتمر الوطني الشعار المرفوع على أرض الواقع على كل مجالات النهضة ان كانت في المجال الزراعي او الصناعي او التجاري أو حتى في البنيات الأساسية او التحتية لتجد عمليات التطوير والنهضة المرتقبة أرضية ثابتة للانطلاق وفق موجهات الخطط الاستراتيجية، والكل حين ينظر الى شعار المؤتمر الوطني الانتخابي «معاً لاستكمال النهضة» يرى أن النهضة هي تكملة المشاريع القائمة مثل الطرق والجسور ومصانع الاسمنت والسكر، وبقية السدود التي تقف في صف التنفيذ مثل سد نهر عطبرة وستيت وسد كجبار وسد الشريك وغيرها، وقد يرى البعض ان النهضة هي تلك النفرة التي يقودها النائب الأول المعروفة بمشروع النهضة الزراعية والتي جاء التركيز عليها باعتبار ان الزراعة هي قوة الاقتصاد السوداني وهي التي تنبني عليها كل خطط النهضة في البلاد وهي كالصلاة ان صلحت صلحت سائر الاعمال في الصناعة والتجارة والتقانة والتعليم والصحة وغيرها من المجالات التي تسهم في النهضة. وان كانت كل تلك المجهودات هي محاولة لسد الاحتياج العاجل والسريع وفيها قد يتحقق المعنى العام للشعار «معاً لاستكمال النهضة» في النظرة العامة لهذا الموضوع.. ولكن يبدو واضحاً ان شعار المؤتمر الوطني الانتخابي لا يعني انه شعار قصير المدى او يتحقق في الزمن المنظورا «4 سنوات» هي فترة استكمال الدورة الانتخابية لكل المستويات عدا مستوى رئاسة الجمهورية، وهذا الشعار أيضاً يمكن ان يكون في الانتخابات القادمة «2015 - 2020م» وبذات الاسم حتى نحقق النهضة اذا استمر الوضع على المحيط الوطني والاقليمي والدولي كما هو. والنهضة لا تستكمل الا بالتعليم وليس التعليم العام والأكاديمي فقط ولكن هنالك نوعا من التعليم يجب الاهتمام به أكثر لأنه معهم وأساس وهو «التعليم الفني» وهو بالتأكيد أحد عناصر التعليم المهمة التي تعتمد عليها الدول المتقدمة في التخطيط الاستراتيجي المستقبلي للدولة، باعتبار ان هذا التعليم الفني او المهني هو الركيزة الاساسية التي تعتمد عليها الصناعة والزراعة والتجارة، والناظر الى المجالات الثلاثة المذكورة «الزراعة، الصناعة، التجارة» يمكن ان يحقق فيها السودان كسبا كبيرا وتتسع فيها مجالاته لتصل الى دول الجوار وغيرها من المنتجات السودانية ان كانت زراعية او صناعية او تجارية فالسودان يحتاج لاستكمال نهضته ولا تستكمل النهضة الا بازدهار التعليم الفني ورفع مستواه الحالي وقد كان السودان مبادرا في هذا المجال عندما اقام «المعهد الفني» والذي تطور ليصبح بعد ذلك معهد الكليات التكنولوجية ثم يصبح مؤخرا في ظل ثورة التعليم العالي الى جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وكان هذا «المعهد الفني» يغطي حاجة السوق من الفنيين في المجالات المختلفة فالامر تطور ليصبح معهد «الكليات التكنولوجية» وبالتالي التطور «التكنولوجي» الذي شهده العالم كان لابد ان يواكبه السودان حتى يكون في ركب الدول المتقدمة، وحسناً فعلت الجهات المسؤولة عن التعليم الى تغيير اسم المعهد الفني الى تكنولوجيا ثم الى جامعة. ويكفي أن تكون رسالة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا هي الرافد الاساسي لاحتياجات السوق بخريجي «البكالريوس» والدبلومات «ثلاث سنوات» في التخصصات المختلفة التي يحتاجها السوق ولكن قبل هذا كله ان يكون التعليم الفني في المرحلة الثانوية هو الاساس لقبول الطلاب في جامعة السودان بجانب القبول من المساق الأكاديمي، وذلك بعد حصر المدارس الفنية القائمة والمتوقفة واعادة تأهيل تلك المدارس وتوزيعها توزيعا جغرافيا يتناسب مع عدد الولايات واحتياجاتها في المستقبل، وبالتالي نضمن طلابا مؤهلين لدخول جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا والكليات الاخرى في بقية الجامعات السودانية ولهم خلفيات أكاديمية عن مجال التخصص في الجامعة، وبهذا الامر يتحقق اكثر من «هدف» الهدف الاول نضمن طلابا ناجحين بمستوى معين ونسبة معروفة مؤهلة للقبول في الجامعة وبالتالي تنتفي حجة ان التعليم الفني اصبح مكاناً للطلاب الحاصلين على المجاميع الضعيفة والهدف الثاني ترفع من مستوى التعليم الفني ليكون قبلة للطلاب ولذويهم ويحقق لهم تقديرا محترماً في سوق العمل ان كان في الشركات والمؤسسات أو في السوق الحر، والهدف الثالث تجد الحكومة أن هؤلاء الخريجين هم قادرون على تحقيق طموحاتهم دون ان توفر لهم الوظائف الشاغرة التي ينتظرونها زمنا طويلا. أما الذين لم تمكنهم نسبة نجاحهم من دخول الجامعات او الكليات المتخصصة بحسب نسبة القبول العامة فان الضرورة تستوجب معاهد فنية وسيطة تستوعب كل طلاب المدارس الثانوية الفنية الذين لم يلتحقوا بالجامعات نظام ثلاث سنوات باعتبار اذا كانت الكليات التقنية او الهندسية في الجامعات هي نظام الخمس سنوات وبالتالي فان هذه المعاهد الفنية الوسيطة ذات «الثلاث سنوات» يمكن ان تكون أكبر ممول لاحتياجات السوق من الفنيين ذوي الاختصاص والعلم اكثر من غيرهم. اذاً التوسع في التعليم الفني والتعليم التقني والتقاني في مراحل التعليم المختلفة يبقى هو الاساس لأي مشروع نهضوي في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها. ولكن حتى يكون هذا الامر واقعاً وذا فائدة مرجوة يجب عمل الآتي: 1 - حصر المدارس الفنية في مختلف اختصاصاتها ان كانت صناعية او تجارية واعادة تأهيلها وفتح المزيد منها في كل ولايات السودان لتكون واحدة من روافد التعليم الهندسي والتقني في الجامعات السودانية. 2 - انشاء معاهد فنية «3 سنوات» لاستيعاب الطلاب الذين لم يتأهلوا لدخول الجامعات وتضمن تلك المعاهد كل الاقسام التخصصية التي يحتاجها السودان بصفة عامة وسوق العمل بصفة خاصة. 3 - انشاء مدارس ومراكز تدريب جديدة في كل ولايات السودان ومزودة بأحدث الامكانيات ومزودة بالتكنولوجيا المطلوبة. 4 - توزيع المدارس على ولايات السودان توزيعا يتناسب مع عدد السكان وفرص العمل المتاحة. 5 - تكوين قاعدة بيانات كاملة تشترك في انشائها جميع الوزارات والمصالح الحكومية والخاصة وذات الصلة تحتوي على الامكانيات المتاحة العينية مثل المدارس ومراكز التدريب. 6 - تحتوي قاعدة البيانات على احتياجات سوق العمل في كل تخصص، وتوزيع الاحتياجات بين ولايات السودان. 7 - عقد اتفاقيات مع شركات القطاع العام والخاص في كل ولاية على برنامج تدريب اثناء الدراسة والتأهيل لسوق العمل حسب ما تمتاز به كل ولاية وما بها من شركات القطاع العام والخاص. 8 - عقد اتفاقيات مع الدول المتقدمة صناعياً في مثل هذه المجالات وغيرها مثل الصين واندونيسيا وماليزيا وايران او حتى الدول القريبة جداً مثل مصر في مصانع السكر في نجع حمادي والنسيج في المحلة ومصر لها مدن صناعية مثل العاشر من رمضان والسادس من اكتوبر، وذلك لتدريب المتفوقين من الطلاب. 9 - انشاء مجمعات صناعية كبرى وصغرى في مدن السودان المختلفة حسب ما تشتهر به كل ولاية، الدويم وشندي في صناعة النسيج ونيالا دباغة الجلود وعطبرة الاسمنت، والدمازين والقضارف صناعة زيوت الطعام بالاضافة الى المجمعات الموجودة في أم درمان وبحري والعمل على تطويرها. 10 - الإعلان المنظم الداعي والجاذب للتعليم الفني.