اثر تطوّر الأوضاع بين شركاء الأمس «اعداء اليوم» وتحوّل مسرحها من غرف التفاوض الى ميادين القصف العسكري، اضطر مجلس الأمن الى التلويح بفرض عقوبات على دولتي السودان، مالم تضعا حداً للاشتباكات الحدودية التى يخشى ان تتصاعد الى حرب شاملة. حيث أثارت المندوبة الامريكية في الاممالمتحدة سوزان رايس قضية دولتي السودان فى مجلس الأمن فى جلسته الأخيرة وامكانية فرض عقوبات على السودان وجنوب السودان ما لم يضع البلدان حدا للاشتباكات الحدودية التي يخشى المجتمع الدولى ان تتصاعد الى حرب شاملة بينهما، وطالب مجلس الامن بوضع نهاية «كاملة وفورية وغير مشروطة» للقتال وانسحاب قوات جنوب السودان من هجليج ووقف الغارات الجوية التي تقوم بها القوات السودانية. وقالت رايس ان اعضاء مجلس الأمن بالاجماع ناقشوا سبل ممارسة نفوذ المجلس لحمل الطرفين على تنفيذ هذه الخطوات ومن بين ما شملته هذه المناقشات امكان فرض عقوبات، الا انها لم تكشف عن مزيد من التفاصيل عن طبيعة العقوبات التى قد يفرضها مجلس الأمن الدولى. وثمة أسئلة تطرح نفسها هل ستقطع العقوبات الدولية الطريق على السودان فى حق الرد على اعتداءات دولة جنوب السودان باحتلالها لمنطقة هجليج وهو الحق الذى كفلته المواثيق الدولية، وماهى طبيعة العقوبات حال لم يلتزم الطرفان بقرارات مجلس الأمن، وهل ستنجح ضغوطات المجتمع الدولى بوقف الحرب بين البلدين؟. الخبير الدبلوماسى ومدير العلاقات السودانية الأمريكية الأسبق بوزارة الخارجية الدكتور الرشيد ابو شامة يتوقع حال عدم التزام البلدين بقرارات مجلس الأمن ان يفرض الأخير عقوبات اقتصادية على الخرطوموجوبا، او حظر للطيران على السودان، وقال ابوشامة ل «الصحافة» اذا تطور الأمر اكثر من ذلك وتدهورت الأوضاع الأمنية وانزلق البلدان الى حرب شاملة يمكن ان تصل العقوبات الى البند السابع والذى يسمح بالتدخل العسكرى فى الشريط الحدودى بين الشمال والجنوب، واوضح ابو شامة ان قرارات مجلس الأمن قد تقطع الطريق على السودان فى رد الاعتداء على منطقة هجليج حال انسحاب دولة الجنوب منها، وفى هذه الحالة على السودان الايرتكب اى مخالفات جديدة داخل حدود دولة الجنوب اذا تم الانسحاب من المنطقة المحتلة ، وقال ابو شامة انه حسب نص القانون الدولى واعتداء دولة على أخرى يحق للثانية ان تطالب بالخسائر ودفع تعويضات من المعتدى لما تسبب فيه من دمار وتخريب، واوضح ابو شامة ان الكرة حالياً فى ملعب مندوب السودان لدى الأممالمتحدة بشرح موقف بلاده لدى مجلس الأمن من العدوان والاعتداء والزام دولة الجنوب بدفع تعويضات، وقال ابو شامة اذا كانت هناك اى مجهودات عسكرية لحسم النزاع ورد العدوان يجب ان تتم قبل تحرير هجليج او انسحاب جيش جنوب السودان منها، لانه اذا تم اى اعتداء من قبل الخرطوم على جنوب السودان بعد ذلك سيفتح الباب ايضاً للدولة الوليدة بالمطالبة بتعويضات واى خسائر تحدث جراء اى هجوم من السودان. ولم يذهب المحلل السياسي الدكتور عبدالرحمن ابو خريس بعيداً عن وجهات نظر ابو شامة بشأن رد العدوان بعد تحرير هجليج او انسحاب الجيش الشعبى لجنوب السودان منها، الا انه وصف مشروع العقوبات على البلدين فى حديثه ل «الصحافة» بالمتحامل على السودان وان القرار به نوع من المجاملة لجوبا ومساواتها بالخرطوم مع انها هى التى اعتدت، وأشار ابو خريس الى ان حكومة الجنوب اصطدمت نوعاً ما بمواقف المجتمع الدولى التى ادانت الاعتداء علي منطقة هجليج لأنها تفكر بعقلية مطلقة ان المجتمع الدولى متساهل معها، ولكنه قال نعم المجتمع الدولى متحامل على السودان ومتساهل مع دولة الجنوب ولكن ليس الى ابعد الحدود كما تظن الدولة الوليدة، وأرجع ابوخريس مشروع قرار فرض عقوبات تشمل الدولتين الى حالة الاستنفار التى انتظمت السودان والخوف من عودة الروح الجهادية وانفجار الحرب الشاملة، واوضح ان القرار يصب فى مصلحة دولة جنوب السودان بمساواتها بالخرطوم ووضع «الضحية والجلاد» فى قائمة واحدة، وقال ان السودان اذا اراد حسم عسكرى قاطع ورد العدوان بالمثل او أكثر داخل اراضى الجنوب عليه ان يستبق قرار مجلس الأمن قبل انسحاب الجيش الشعبى من هجليج او تحريرها، واضاف ابو خريس ان قرار مجلس الأمن لم يراع الحقائق على الأرض باعتبار ان هجليج منطقة سودانية خالصة غير متنازع عليها ولذلك يجب ان يتم الضغط على دولة الجنوب وحدها من اجل الانسحاب ووضع عقوبات مشروطة على السودان حال اعتدائه على جوبا بعد انسحابها، واضاف الكرة الأن فى ملعب جوبا وعليها ان تنسحب حتى لا تخسر المجتمع الدولى الذى يتعاطف معها حتى الأن، وتوقع ابو خريس اذا طبق مشروع القرار ان تكون العقوبات اقتصادية على البلدين خاصة وانهما يعانيان من مشاكل اقتصادية. ويفسر المحلل السياسى الدكتور الحاج حمد محمد خير التلويح بفرض عقوبات على دولتى السودان انه مخرج وانقاذ لدولة الجنوب بعد تورطها فى احتلال هجليج، وقال الحاج حمد ل»الصحافة» ان قرار مجلس الأمن ماهو الا تمهيد لانسحاب جيش جنوب السودان من هجليج خاصة وان قواتها اصبحت محاصرة ولم تتمكن من تطوير الهجوم بعد 10 أيام من الاحتلال او تطويعه لصالحها فى مفاوضات، وقال ان الفرصة حالياً مؤاتية للسودان الاستفادة من هذه الوضعية فى الشق العسكرى اذا اراد توجيه اى ضربات عسكرية مشروعة لدولة الجنوب بحجة قطع امداد العدو الذى يحتل ارضه، واضاف هذه الوضعية فرصة للسودان لشل مقدرات الجيش الشعبى لجنوب السودان وتدميرها، ونوه الى ان الخرطوم ستصبح فى خانة المساءلة الدولية وفتح باب التعويضات والخسائر اذا واصلت هجماتها على الدولة الوليدة بعد تحرير هجليج او انسحاب جيش جنوب السودان منها.