* تحت عنوان.. وديل.. كتب الأستاذ إبراهيم الغبشاوي في «زوايا بعيدة» بصحيفة آخر لحظة الغراء «الجُباةُ القُساةُ..... أيضاً طابور خامس» وقد درسنا في تاريخ الثورة المهدية إنها كانت ضد ظلم وفساد الحكم التركي وزيادة الضرائب وقسوة جبايتها.. ولم تكن عقولنا الغضة تحتمل أكثر من ذلك. واكتفى من وضع المنهج بسرد سيرة محمد أحمد بن عبد الله مسقط رأسه وصناعة أهله وأشياخه الذين تلقى علومه الشرعية على أياديهم ثم إشهار دعوته وجهاده حتى فتح الخرطوم ثمَّ وفاته عليه سلام الله بعد ذلك بأشهر قليلة. فلم نتجاوز ذلك «التبسيط المخل والمقصود» فلم يورثنا المنهج الدراسي غير النظر إلى «مهدي الله المنتظر» بأنه ثائر عنيف وعالم حصيف حارب التركية السابقة وهي إمبراطورية في أعتى عنفوانها وأجلاها عن بلادنا بسبب الظلم والفساد وقسوة الجباة والضرائب الباهظة.. والثورة المهدية في حقيقة أمرها أعمق من ذلك بكثير ولها رؤى ثورية وأصول عقدية وأيدلوجية سياسية تقوم على نبذ الدنيا الفانية وإخلاص العمل لله وتوحيده في كل شئ . * وقد جابهت قسوة الجُباةُ وأنا أحتل مكتباً بسيطاً في مكوناته لكنه «مع عميق الأسف» يقع في حي العمارات في الخرطوم وتعاونني فيه سكرتيرة للطباعة وترتيب الأوراق .. وأهم ما يصدر عن هذا المكتب هو المقال اليومي الذي تنشره الصحافة الغراء بلا أي مقابل ولا «أبو نكلة».. لكن جباة ضرائب الخرطوم تحت قيادة أي معتمد حتى عهد اللواء عمر نمر حالياً.. والتي تعتمد على جباية الرسوم والعوائد يتفننون في مطاردتي ومضايقتي بإعتباري شركة ومن كبريات الشركات «إن قالوا ليك سمين قول آمين»وتبتدئ مطالباتهم برسوم النفايات ولا تنتهي بالعوائد.. مع أن النفايات تملأ الطرقات.. «أنا أتحدث عن العمارات أو إمتداد الدرجة الأولى ولا أقصد الأحياء الطرفية ولا وسط العاصمة» لذا لزم التنويه. * من بين قصص كثيرة وعديدة.. إذ يدخل على مكتبي في كل يوم مرة أو مرتين شاب يحمل دفتراً لإيصالات مالية «طباعة محلية» وليس هو «أورنيك 15 مالي إيرادات» ودفتر فلسكاب ووجهٍ عابس ولفظ قطيم ويطالب بسداد الرسوم!! ويتراوح ردي عليهم بين الحسنى والتحانيس. «إذ لا خيل عندي أهديها ولا مال» والقصة التي أنا بصددها.. دخل على مكتبي شاب بعد أن جاس خلال الديار وروَّع السكرتيرة.. وحدجني بنظره حااااارة.. وخاطبني بلهجة آمرة.. «ورِّينا عقد الإيجار .. وشهادة تسجيل الشركة..» قلت له «إنتو منو؟ شركة ولَّا حكومة؟» فقال لي بصرامة شديده «نحن الحكومة» قلت له «ياتو حكومة؟» فردَّ بضيق شديد: «المحلية» قلت له «مرحب بالحكومة إن شاء الله خير» فردَّ علىَّ «عاوزين منكم ثلاثمائة جنيه شهرياً رسوم نفايات» قلت له : «أنا ماعندي نفايات نووية.. وده مكتب صحفي زي ما أنت شايف» فقال لي إنت ما عاوز توريني عقد الإيجار عشان كده أنا بعتبركم شركة.. لو دفعت بالحسنى فبها وإلَّا سنتخذ ضدكم الإجراءات القانونية» ولم أتمالك أعصابي «فطردته شر طردة».. وعلى الطلاق بالتلاتة ندمت على أنني لم أجلده لوجه الله تعالى.. حتى تبقى قضية بالجد «والبياكلو الأسد أحسن له من الضبعة» وناديت «يا مهدي الله أبو زينب» بمثل هذه الأسباب . تشتعل الثورات!! يا سعادتو عمر نمر. * رسوم وضرائب بلا خدمات موازية لما يُجبى!! وتصنيف جُزافي للأحياء بلا دراسات موضوعية.. أنْ تسكن في العمارات يعين إنك فاحش الثراء مما يستدعي تغريمك ما يعادل عشرة جنيهات يومياً «رسوم النفايات» التي لا نرى من يجمعها أو ينقلها بشكل راتب والأوساخ والقاذورات تحيط بالشوارع وتزكم الأنوف.. ومن قال لكم إن سكان هذه الأحياء يطيقون مثل هذه الرسوم الباهظة وإن كانوا أثرياء جميعهم فكيف تستحلّون أخذ أموال الناس بالباطل نظير خدمة لا تُؤدي ولا يشعر بها أحد؟؟ وكيف تحصِّلون أموالاً عامة بأرانيك خاصة ليست أورنيك (15) مالي إيرادات؟؟ ثمَّ إن هناك محاكم تحاكم من يتخلف عن سداد هذه الأتاوات وللمحاكم قوانين.. وللمتحصلين نسبة من هذه الإيرادات مما يعني أن المتحصل صاحب مصلحة محققة في ما يتحصل عليه من إيرادات وبهذا ينتفي حياده كموظف عام ويصبح غريمك وخصمك فكيف تستقيم العدالة أمام موظف تتقدمه مصلحته الخاصة لا المصلحة العامة !! فيسعى لتجريمك أمام المحكمة بالقوانين الولائية.. ولا أظن أن هناك محاكم متخصصة في الدفاع عن جامعي القمامة أو متحصليها.. و من حسن الحظ إن محكمتنا تسمى بإسم البيئة.. لا النفايات ولا القمامة.. ولا مصلحة لها في رسوم النفايات نبرئ قضاءنا من ذلك براءة لا غَبَش فيها. * الأخ والي ولاية الخرطوم .. الأخ رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم.. الأخ معتمد محلية الخرطوم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم من وَلِيَ من أمر أُمتي شيئاً فترفق بهم اللهم فارفق به ومن وَلِيَ من أمر أُمتي شيئاً فَشَقَّ عليهم اللهم فأشقق عليه».. أو كما قال.. وإتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. * ولن أنسى إستغراب مدير مصنع الفلنكات الخرصانية بالسكة الحديد بحري عندما طالبته المحلية بملايين الجنيهات رسوم نفايات، علماً بأن المصنع جمع النفايات ونقلها بمعرفته ولم يكلف المحلية شيئاً.. قال تشجيع الإستثمار قال .. وهذا هو المفروض