هذا العنوان كان «مانشتاً» بالخط العريض في صحف دولة اثيوبيا عندما بدأ التحرش لحرب بينها والسودان وذلك في سبعينيات القرن الماضي، وكان هذا الجنرال المعني هو العميد الركن توفيق صالح حسن ابو كدوك قائد القيادة الشرقية آنذاك، وقد اذاعت ال «بي بي سي» اللندنية تحليلاً من كبار محلليها ان الدولة المعادية للسودان تمتلك ترسانة من الاسلحة الجبارة وقاعدة جوية اميركية وسلاح جو مقتدر هو الاكبر في المنطقة، رجح هؤلاء المحللون ان كفة الجيش الاثيوبي في تعادل القوى هي الراجحة ولكن لخصوا بان: اقوى جنرال بالمنطقة الافريقية يقود القوات السودانية بالجبهة الشرقية مما يرجح الكفة والنصر للقوات السودانية!! لقد انضم ابو كدوك للجيش السوداني عائدا من الجيش المصري والذي رقاه الرئيس جمال عبد الناصر الى رتبة العقيد واحاله للمعاش للاستيعاب في السودان عقب الاستقلال وبرتبة النقيب ووضع بالدفعة السابعة كلية حربية، وقد تدرج في الرتب والقيادات واشهرها القيادة الشرقية وقائدا للكلية الحربية السودانية ونائباً لرئيس الاركان للعمليات، في القيادة الشرقية كان مرعباً للعدو المرتقب وفي الكلية الحربية كان اباً للتدريب والمشاريع الخلوية وتمارين المعارك وفي هيئة القيادة كان مخططاً يستعد لحرب التمرد الاخيرة ونشهد بذلك والكثيرون انه اولى وحدات سلاح المظلات اهتمامه الشخصي بالتدريب الخلوي مدخراً كل الامكانيات للتدريب الخلوي لدرء التمرد وحرب الغابات والادغال. كان المرحوم الفريق ابو كدوك قوي الشخصية وصارم يحب الانضباط حتى على المستوى الشخصي في اسرته وحياته الخاصة، وقد كان لا يحب من المرؤوسين ضعاف الشخصية والذين تنقصهم الشجاعة ويرفع ويقرب الاقوياء الشجعان، لقد حاول الأستاذ عمر الجنرال التوثيق لعلم من اعلام القوات المسلحة ولقد حاولنا نحن ايضاً ابناؤه ولكنه رفض متعللاً بحجة ترتيب افكاره وعرفنا انه لا يحب سرد قصص ومواقف وتاريخ قد يجرح بعض الشخصيات التي زاملته في الجيش. لقد كان ابو كدوك مهموماً بقضايا الوطن وما سيرة حياته العسكرية الا تأكيداً على ذلك، لقد رفد الوطن العزيز بفلذات كبده العميد عمرو والعميد منى والنقيب الشهيد هشام والذين كانوا من خيرة ضباط القوات المسلحة. في صحيفة «التيار» الغراء وفي حلقات «أسألوا صديق البنا» هذه العبارة التي رد بها العقيد جون قرنق افاد اللواء «م» صديق البنا: ان للفريق ابو كدوك دوراً غامضاً في افشال الهدف من عمليات «البرق الخاطف»، وانه حال دون اجتماعه بالرئيس نميري ولم يرسل له طائرتين عموديتين لمطاردة المتمردين ومنعهم من الوصول للبر الاثيوبي!! هذه العملية التي خطط لها واقرها اللواء صديق البنا قائد القيادة الجنوبية «كانت تحصيل حاصل» وفشلت فشلا ذريعاً في اخماد شرارة التمرد الاولى بل سرعت وتيرته واعطت الفرصة لانضمام العقيد جون قرنق الذي كان بين يديه ولم يستطع اللواء البنا وضعه بالايقاف «اعتقاله» مما جعل الطريق سالكاً لاعطاء الصيغة السياسية على تمرد لاسباب ادارية هو رفض كتائب جنوبية للغيار والتوجه شمالا وايضا ارادة الضباط المختلسين.. كاربينو ووليم نوت للهرب من المحاكمة العسكرية. من أشهر الضباط الذين قامت على اكتافهم شرارة التمرد في 3891م الرائد كاربينو كوانين، الضابط المستوعب والمدلل في قيادته «اللواء 31 ملكال وقيادة الفرقة بجوبا» ولقد يحضر في مأموريات لرئاسة القيادة مدججاً بالسلاح والقرنيت ومحروساً بقوات كبيرة! مظهراً عدم انضباط والغريب ان قادة القيادة كانوا يحتفون به ولعل جميع الضباط كانوا يعلمون انه يحضر معه الغالي من حيوانات الغابة وخيراتها للقادة ويرجع محملاً بالذخائر والاموال وغض النظر عن اخطائه المالية وسوء سلوكه والفوضى التي كان يثيرها!!! رغماً عن كل شيء افاد اللواء «م» صديق البنا بانه كان يخطط لدحر التمرد اي كان يملك المعلومات المؤكدة ونسأله لماذا لم يمنع الطوف الاداري «المواهي» والذي كان يقوده النقيب الشهيد يوسف وضابط آخر من التحرك الى محطة ابود مما جعلهم فريسة للمقدم المتمرد وليم نوت والذي قام بدوره باعتقالهم وذبحهم وتكسير جماجمهم ورمى جثثهم ببئر المدرسة!! وكان الفريق ابو كدوك بصفته مسؤولاً اولاً عن عمليات الجيش السوداني يكافح من اجل معالجة سلمية لتمرد الكتائب الجنوبية والتي من المفروض ان تغير وحدات شمالية، رافضا اي عمليات عسكرية ضدهم مما اضطر اللواء صديق البنا لتجاوز نظم العمل والقيادة العامة والذهاب للنائب الاول لرئيس الجمهورية اللواء عمر محمد الطيب والذي بدوره صحبه للرئيس الذي لاقت افكار اللواء صديق هواه السياسي في ظاهرة واضحة لتخطي الرتب بل قيادة القوات المسلحة مما اغضب الفريق ابو كدوك فلم يعر قائد القيادة الجنوبية اهتماماً الذي اربك الحسابات العسكرية والتخطيط بهذا التجاوز مما افشل حتى عمليته المسماة «البرق الخاطف»، وقد كان نتاجاً لذلك ان رد العقيد جون قرنق بان: اسألوا صديق البنا. ليس للفريق المرحوم ابو كدوك ادنى مسؤولية او لعب دور سلبي في فشل عملية البرق الخاطف المزعومة او بدء شرارة التمرد الاولى، فماذا كانت ستفعل طائرتان عموديتان في مطاردة عدو هارب؟ وهل تطاردهم بالقوات ام بالطائرات فهذه مغالطات لا تعفي من المسؤولية ولا تصحح خطأ تجاوز القيادة العامة والهرولة للسيد رئيس الجمهورية «آنذاك» وسوء التخطيط. الفريق ابو كدوك كان ذو نظرة فاحصة للضباط تحت قيادته وذلك من خلال تعامله المباشر ومن خلال التقارير الامنية التي ترفع له واغلب الظن انه لم يكن مرتاحاً للتعامل مع اللواء صديق البنا «اذا صدقت روايات الاخير عن ذلك». طلب اللواء «م» صديق البنا نقله للقيادة الجنوبية بعد حضوره من خارج السودان واظن المعلوم ان من يحضر من خارج السودان يتحاشى المناطق الملتهبة وخاصة التي بها عمليات عسكرية او مسرح عمليات مرتقب وهذه من طبائع الاشياء، ولكن مسألة طلبه بنفسه القيادة الجنوبية التي كانت تنعم بالأمن وكثرة الخيرات!! كان للفريق ابو كدوك تنظيم سري ضم خيرة ضباط القوات المسلحة وعند نجاح انقلاب الانقاذ حضر له احد من ضباط التنظيم برتبة الرائد وابلغه بانه قد انضم للتنظيم الذي قام بثورة الانقاذ فأفاده ابو كدوك بانه سيقاتلهم ولكن الضابط اوضح له بانه قد حلف القسم ولن يحنث به وانصرف فما كان من الفريق ابو كدوك الا التفت لضابط آخر وقال له: ان هذا الضابط واضح وصادق وشجاع! في رد فعل وكلمات عن المسؤولية واحترامها. سُئل العقيد جون قرنق عن احداث ما قبل تمرده فرد بانه اسألوا صديق البنا!!؟ اين كانت المعلومات عن العقيد قرنق واين كان سعادة الجنرال قائد القيادة عند خروج قرنق والوصول لبور وقيادة التمرد من هناك؟ واين كان ولماذا لم يلهمه المولى بايقاف واعتقال وليم توت وكاربينو وصمويل قاي توت وعبد الله سول واروك تون اروك!! وهل كان يمارس القيادة ام تشغله اشياء اخرى هو يعلمها والجميع. ثم هناك سؤال مهم لماذا لم يدل اللواء صديق البنا بهذه المعلومات التي يعتقدها حقائق وشهادات عن بداية التمرد في ايام حياة الفريق ابو كدوك واليوم يتمشدق بها في صفحات الصحف حينما تيقن ان الساحة قد خلت ولكن هيهات فالشهود على هذه الفترة المؤلمة احياء يشهدون على سيرة عطرة للقائد الفريق ابو كدوك، وايضاً يشهدون وتوجد بذاكرتهم ذكرى اللواء صديق البنا يلبس الكاب والفنلة والشورت ويحمل في يده المضرب في ميدان التنس الارضي واليوم يحارب المقابر. والله من وراء القصد