صدر البرنامج الثلاثى مصاحباً لإجازة الميزانية بتوقيع مجلس الوزراء، بوعد و تطمينات من السيد وزير المالية بأن هذا البرنامج سيحقق الاستقرار الاقتصادى، و منوط به فوق ذلك تثبيت سعر الصرف للعملات الحرة و حرى به ان يسد ( الفرقة البسيطة فى النقد الاجنبى) ، والحديث للسيد الوزير ، وبذلك يتم تجاوز الفجوة الناتجة من ذهاب نفط الجنوب لدولة الجنوب ، السيد الوزير قدم ميزانية عبرت بسلاسة مجلس الوزراء و اجيزت فى البرلمان بعجز بلغ 1.7 مليون ج ، و افترضت الميزانية وحسبت وقدرت عائدات نقل بترول دولة الجنوب عبر خط الانابيب بمبلغ 6.559.92 مليون ج ، اى ما يعدل 28% من الايرادات المتوقعة والبالغة حسب الميزانية المجازة مبلغ 23.5 مليون ج . و بنسبة تضخم توقع خطاب الميزانية الا تتجاوز 17% ، فمن اين اتت التوقعات بنجاح البرنامج الثلاثى ؟ ،كما افترضت الميزانية سد العجز بنسبة 60% قروض اجنبية و 40% من عائد شهادات الاستثمار الحكومية ، هذا بالرغم من ان البرلمان السابق اجاز تقرير المراجع العام لسنة 2008 م بتوصياته و على رأسها ايقاف العمل بشهادات الاستثمار الحكومية ( شهامة) ، و ذلك لتكلفتها العالية، و لعدم صرفها فى المشاريع التنموية ( المخططة ) ، و التى لم يوجد تمويل لها ، و ذلك كما اجاز البرلمان و كلما اقتضى الحال . كما افترض البرنامج الثلاثى زيادة عائد برنامج الخصخصة ( خصخصة زيتنا فى بيتنا ) ، و التوسع فى اصدار صكوك الاستثمار الحكومية ، بمخالفة صريحة لقرارا ت سابقة اصدرها البرلمان استناداً على توصية المراجع العام و تزكية اللجنة الاقتصادية بالبرلمان التى كان يرأسها الدكتور بابكر محمد توم فى تلك الدورة البرلمانية، هذا وبالرغم من مطالبة نواب البرلمان بضرورة عرض البرنامج الثلاثى عليهم ، لاخذ التوصية بشأنه واجازته ، الا ان الحكومة اكتفت بعرضه و اجازته من مجلس الوزراء . هذا البرنامج افترض ترشيد الصرف الحكومى بما فى ذلك تخفيض مخصصات شاغلى المناصب الدستورية، و بالرغم من ان هذا القانون تم تجاوزه صعوداً بالزيادة فى المخصصات فى السنوات 2001، 2005 ( تعديلات نيفاشا ) و2008م ، دون الحاجة وقتها لتعديل القانون ، و الاكتفاء برفع توصية للسيد رئيس الجمهورية ، الا انه عندما اقتضى الحال تعديله نزولاً ، وجب وحسب رأى اولى الامر تعديل القانون ، و هذا التعديل وحسب الدستور الانتقالى لسنة 2005 م اما ان تقدمه الحكومة ، او بمبادرة من البرلمان ، و لكن بكل اسف لم تتقدم الحكومة بمشروع لتعديل القانون الذى يعينها على تنفيذ ميزانيتها ، و لا البرلمان الذى عليه ان يقدم و بمبادرة منه التشريعات التى تمكن الحكومة من تنفيذ برنامجها الثلاثى وهو الرقيب على ادائها . والنتيجة انهيار الميزانية فى الربع الاول للسنة المالية الحالية و هى الآن تلفظ انفاسها الاخيرة فى انتظار معجزة فى زمن انتهاء المعجزات . هذه الميزانية افترضت تقديم دعم للسلع الإستراتيجية 2.2 مليون جنيه ( وهو محض افتراء و سنعود له ) . و لو قبلنا ذلك فهو مبلغ يعادل اقل من ربع المبلغ المخصص للامن و الدفاع ، ويمكن اعتباره مبلغاً مهملاً ( بلغة السيد المراجع العام مقارنة بمخصصات شاغلى المناصب الدستورية ).!! إذن فالميزانية و بعد تعذر الاتفاق مع دولة الجنوب على رسوم عائدات نقل البترول والميزانية توشك على ولوج النصف الثانى لها ، اذن فالعجز وحسبما افترضت الميزانية المجازة قد تجاوز حاجز ال 30% ، و هو عملياً سيقترب من 60 % اذا استمر سعر الصرف على حاله ، و لم يتخطَ التضخم ال 24% فى احسن الاحوال . ( خدمة الدين الخارجى تتخطى مبلغ 2 مليار دولار سنوياً ) ، اى ما يعادل 6 مليون ج تقريباً بما يؤكد تجاوز العجز الفعلى لحاجز 70% بنهاية العام ، على كل حال فقد تم اعداد هذا البرنامج الانشائى الثلاثى بواسطة اربعة من اساطين اقتصادى الانقاذ ، و قبض كل منهم اجره كاملا عن كل جلسة اجتماع، فبأى آلاء ربكما تكذبان ... إلى آخر الآلاء ..