أجواء كرنفالية محمومة. صور تعبيرية لا أول لها ولا آخر. تغريدات ملتهبة تسري كالنار في الهشيم. قمصان زاهية توزع في الأحياء الشعبية. حرب ملصقات دائرة رحاها على كل ما يندرج تحت بند »السطح« سواء كان زجاج سيارة، جدران، أعمدة إنارة، أشجار أو حتى صدر أو ظهر آدمي. تلاسنات لفظية بين مرشحي الرئاسة، مشاحنات عنكبوتية بين أنصارهم، مناقشات شعبية بين الناخبين في الميكروباص وعلى المقاهي. »جربنا الإخوان في البرلمان، والنتيجة واضحة. نريد من له الخبرة والحنكة السياسية لأننا على حافة الهاوية«، »جربنا العلمانيين وأعداء الدين والنتيجة واضحة. نريد من له الخبرة والحنكة الدينية لأننا على حافة الهاوية«. حافة الهاوية التي يقف عندها الجميع مع اختلاف الانتماءات والأولويات والأهداف لدرجة التناقض تحمل في طياتها أيضاً تناقضاً غير مسبوق، فسائق الأجرة الذي يظلل سيارته ملصق ضخم لسليم العوا سينتخب أحمد شفيق »لأنه رجل حاسم ولا يتاجر بالكلام«. لكن »شربات« عاملة النظافة لدى أسرة الأستاذ عبدالله التي اتفق أعضاؤها على التصويت لعبدالمنعم أبو الفتوح »لأنه إسلامي وسطي وليبرالي متنور« ستصوت لحمدين صباحي »لأنه يجلس مع الغلابة في الشارع«. إلا أن حاتم ابن الأستاذ عبدالله والوحيد المنشق عن الأسرة سيعطي صوته لخالد علي »لأنه صوت الثورة الوحيد«. صوت الثورة المبحوح من كثرة الصياح بلا جدوى ما زال يجد في الفضاء العنكبوتي ملاذاً آمناً وساحة ذهبية للتحفيز حيناً والتثبيط أحياناً. وبين مؤيد لصباحي، وداعم لأبو الفتوح، ومدافع عن شفيق، ومقتنع بموسى، ومؤمن ب »الإخوان« من خلال مرشحهم مرسي يخوض الجميع حروباً افتراضية لا تخلو أبداً من الدعابة. وبين مرشح يطرح نفسه بقوة، ومرشح يطرحه آخرون غصباً، وثالث غير مطروح أصلاً، ورابع لا يجد إلا شجرة ليضع عليها ملصق باهت، وخامس يحلم بالمنصب رغم أنف الجميع، وسادس يؤسس له مسقبلاً، يعيش المصريون أجواء سياسية انتخابية كرنفالية مرشحة للتفاقم والتلون بألوان المواد الغذائية الداعمة لهذا، والوعود الوردية المزينة لذاك، وصك الغفران في الحياة الآخرة من ثالث، يتمتع الجميع بأزهى عصور الاختيار. وتصيغ الطرافة في أحيان كثيرا المزاج المتشنج والاتهامات المتبادلة بين المرشحين للرئاسة المصرية، وهذا ما قعله محمد فوزي الشهير ب»باكوس» على موقع يوتيوب في أبريل 2011 مؤديا دور مرشح للرئاسة يتكلم بلغة بسيطة أمام ميكروفونات مصنوعة من عبوات المياه الغازية الفارغة (الكنز). وأكد باكوس لبرنامج «سباق الرئاسة» على قناة «العربية» أن هذا المقطع ينتمي إلى نوع الكوميديا السوداء، ويحتوي على حرية منضبطة غير مبتذلة، كاشفاً أنه استوحى من الرئيس السابق في كتابته كما من الشعب المصري العادي. وعبر باكوس عن رضاه لهامش الحرية بعد الثورة بعد سقوط حاجز الخوف، كما عن الوعي السياسي الجديد للشعب المصري، الذي كان في السابق يهتم فقط بلقمة العيش، غير آبهٍ بالقضايا السياسية الكبرى. ومن جهته أكد باكوس أنه وبعد انتخاب رئيس جديد لن يخفف من لهجته، لأنه لن يخاف، مؤكداً أنه لم يكن في السابق يخشى الملاحقات ومذكراً أنه كان يكتب مقالات لاذعة منذ 2007. وكشف أنه بعد الرئاسة سيقدم برنامجاً أسبوعياً ينقل من خلاله رسائل الشريحة الشعبية التي ينتمي إليها إلى الرئيس القادم أياً كان.