مشكلة كتابة التقارير انها ربما تضل طريقها الى أيدي غير محترفة فتتسرب من بين المسارب وهذا على ما يبدو قد انطبق على تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص الانشاءات والاستثمارات بمستشفى الخرطوم التعليمي فهذه الايام تدور تساؤلات كثيرة في أضابير وزارة الصحة وتحديداً وسط منسوبين للجنة تقصي الحقائق التي شكلها وزير الصحة مؤخراًبرئاسة د. احمد عبدالرازق ومجموعته...التساؤلات مبعثها وجود تقريرين يقال انهما صادران من لجنة التقصي احدهما وهو الذي تم تسليمه للوزير يحتوي على تفاصيل ما تم التوصل اليه بخصوص الانشاءات والاستثمارات بمستشفى الخرطوم ويتضمن اشارات واضحة لاسماء مسؤولين، اما التقرير الثاني الذي يقال ان وكالة خاصة تروج له فقد تضمن توصيات بضرورة تنفيذ تطويرات بالمستشفى ولا يحتوي على اي اتهامات او اشارات ومن الواضح بحسب مصادر موثوقة ان ايادٍ خفية ربما تدخلت لتعديل تقرير لجنة تقصي الحقائق رغم انه استقر في يد الوزير المعني فهل تشهد اوساط الصحة ضجة جديدة حول محتويات التقريرين وما ستثيره هذه المسألة من ردود افعال واسعة ؟ ثم ان الرأي العام يتساءل عن ( ثم ماذا بعد التقرير ؟ ) اي بمعنى هل ستحدث تحقيقات ومساءلات على طريقة الخدمة المدنية ثم يتم الدفع بنتائج التحقيقات الى النيابات المختصة. قال وزير العدل محمد بشارة دوسة ان التحقيقات حول المستشار بالعدل مدحت قضت بتوقيفه عن العمل تمهيداً لتقديمه للنيابة المختصة ومتى ما ثبتت وجود بينات كافية سيحال للمحاكمة . ان التقرير الذي سلمته لجنة د. عبدالرازق لوزير الصحة ما يزال مجهول المصير حيث لم تتخذ السلطات اي اجراء حتى تاريخه مما يثير الشكوك حول جدوى عمل اللجنة وما اذا كانت وزارة الصحة ترغب حقاً في معالجة الاشكالات وتغيير طريقة سير العمل التي افضت الى كل هذه الفوضى التي تضمنها التقرير ومن الواضح ان الصفة الرسمية السالبة تجاه تقارير التجاوزات ما تزال سارية .ولقد تابعنا هذه المسألة في العديد من قضايا التحقيقات التي اثارت الرأي العام بل اصبح في حكم المعمول به رسمياً ان تصدر كل حين قرارات توقف عمل لجان تحقيق جوهرية دون معرفة السبب وراء هذا الايقاف وفي حالة لجنة تقصي الحقائق حول مستشفى الخرطوم يبدو ان السلطات ( عملتها واضحة ) حيث صدر تقرير خلاف تقرير اللجنة تم توزيعه على بعض وسائل الاعلام ، والتقرير الاخير لا يتضمن اي تفاصيل وإنما يعج بالتوصيات وكأنه تقرير لجنة فنية وليس تقرير لجنة تقصي حقائق والسؤال هو من يقف وراء تغبيش الحقائق ؟. ان لجان التحقيقات يجب ان تستمر بصورة منتظمة في اعمالها دون تأثير ومتى ما توصلت الى نتائج ملموسة يجب ان يتم نشر تقاريرها على الملأ حتى اذا اكتملت الصورة يتم الدفع بكافة التفصيل والمحتويات الى النيابات المتخصصة وتأخذ العدالة مجراها ..خلاف ذلك سيكون من غير اللائق الحديث عن تكوين لجان تحقيق ثم تغطية الموضوع وتركه ليأكله النسيان .