عبارة (الكناتين) التى اطلقها الامين العام للمجلس القومى للصحافة والمطبوعات العبيد أحمد المروح على حال الصحافة فى السودان الاسبوع الحالى كانت تأشيرة دخول لحوار شفاف بينه والناشرين والصحافيين والموزعين بقاعة المؤتمرات بالمركز القومى للانتاج الاعلامى امس، حيث كان اللقاء مفتاحا لحديث اتسم بالوضوح ابتدره رئيس تحرير جريدة الاهرام اليوم عبد الماجد عبد الحميد بكلمات ترحيب اذابت الكثير من الشوائب واحدثت فلترة لما كان يعلق فى النفوس من روائش ناتجة عن ما اطلقه مروح من كلمات وصف بها الصحف اليومية فى الخرطوم (بالكناتين( . تحت عنوان (منتدى الاهرام اليوم الشهرى( تحدث الامين العام للمجلس القومى للصحافة والمطبوعات العبيد مروح قائلا (لقد اطلق على الكثير من الرصاص فى الايام الماضية ومازلت حيا( فى اشارة منه لما لحقه من نقد ازاء ما اطلقه من وصف بحق الصحافة الاسبوع الماضي. وقال مروح انه هنالك الكثير من المشاكل التى تحيط بالصحافة السودانية واذا لم ( نعترف بها لن تتطور الصحافة( واضاف ان الكثير من المؤسسات الصحافية فى البلاد تحتاج لاعادة نظر بغرض التقوية والوضع فى المسار الصحيح و اشار المروح الى انه وبالقانون يمكن للصحافة ان تنمو وتتطور فى وقت اكد فيه انه لابد من تشخيص دقيق لمشكلات الصحف قائلا (نحن امام مشكلة حقيقية ( للانطلاقة غير الموضوعية مشيرا الى ان الحل لا يأتى الا عن طريق وضع اليد على موقع الاذى باعتبار ان الصحافة صناعة وان الصناعة تحتاج لركائز . وشدد مروح على ضرورة وضع ميزانيات ومراجعة لهذه الميزانيات وكشف ان هنالك مؤسسات لا تلتزم بمناقشة موازناتها مع المجلس حتى حال مطالبته لها بذلك . (28) مؤسسة صحافية و(30) صحيفة هى حجم النشر الصحافى فى المجال السياسى وفقا لما اكده مروح الذى اشار الى ان هنالك 20 مؤسسة اتفقت على التأمين و15 لم تتفق قائلا ان بعض المؤسسات الصحافية ملاكها صحافيون الا انهم لم يلتزموا بما هو مطلوب وانه من المفترض ان يكون هؤلا من اكثر الناس حرصا على حقوق الصحافيين واكد مروح ان الصحافة الراهنة تفتقد للمصداقية لدرجة انها اصبحت (كلام جرايد( . و اشار مروح الى ان هنالك مشكلتين تواجهان الصحافة بصورة مستديمة ويضعانها كمجلس امام مسؤولية كبيرة هما مشكلتا العمل بدون عقود والعمل بدون اجر والاعلام المستتر وان اى صاحب توزيع له (رقشة( يوزع بها واصفا الامر باهدار للوقت والامكانات . مروح تطرق لارقام التوزيع لكل الصحف السودانية قائلا ان جملة ما توزعه صحف الخرطوم اليومية 600 الف نسخة وان نسبة التوزيع لا تتجاوز ال 70% لليوم الواحد فى الخرطوم اما الولايات فقال ان نسبة الوزيع فيها تصل ل 20% مرجعا الامر لضعف الامكانات وقلة منافذ التوزيع فيما اشار الى ان المادة الصحافية المنشورة لم تعد فى مستوى النشر وقال ان ما يتم توزيعه من نسب (فضيحة( واكد ان الصحف الاكثر توزيعا هى صحف الاثارة مشيرا الى ان هنالك صحفا توزيعها لايتعدى المائتين نسخة وتساءل عن الكيفية التى تغطى بها هذه الصحف تكاليف النشر وتغطية الانفاق اليومى ووصف الوضع الصحفى الراهن بالمأزوم الذى يحتاج لتحرك عاجل ويرى مروح ان المخرج الوحيد من هذه الازمة يتمثل فى دمج المؤسسات الصحافية مع بعضها البعض وصولا الى مؤسسات مقتدرة ومؤهلة من حيث البنيات وقال ان دمج المؤسسات الصحافية يحقق الكثير من المنافع واكد انه لا مقدرة للدولة على دعم هذه المؤسسات فى وقت اشار فيه الى ان للدولة مواعين نشرها الاخرى بشأن توصيل المعلومة الا نه عاد وقال ان المشكلة فى الناشرين الذين قال عنهم انهم يكنكشون فى ما لديهم ولا يريدون الدمج . مداخلات عنيفة من بعض الصحافيين كادت ان تجعل مروح يعمل على مبدأ المعاملة بالمثل باعتباره عرفا دبلوماسيا يجوز استخدامه متى ما دعت الضرورة الا ان مروح كانت ردوده عن التساؤلات تحمل شيئا من الحكمة فى وقت طالبه فيه بعض المتحدثين بتقديم استقالته عن الامانة العامة طالما فشلوا كمجلس فى وضع الصحافة فى مسارها الطبيعى بتحديد اللوائح وتفعيل القانون الذى يحكم المهنة ويحدد بيئة العمل المطلوبة . وقال رئيس تحرير الوطن عادل سيد احمد ان الصحافة السودانية تعانى ازمة طاحنة وان هنالك الكثير من المشاكل تحيط بها وتضعها عند مفترق طرق يصعب تجاوز مطباته وان المطابع تزيد تكاليف عملية الطباعة بصورة متواترة الى جانب الضرائب والتأمين الاجتماعى ووصف التأمين بالجباية الذى يأخذه الصندوق المعنى ويستثمر فيه واشار الى انهم كناشرين لا يريدون دعما مباشرا من الدولة ولكنهم يريدون تسهيلات ملموسة لتقديم خدمة ممتازة للقراء . واشار سيد احمد الى ان الصحافة الراهنة باتت تميل للجانب الاستثمارى اكثر من الجانب الذى من المفترض ان تقوم به . واضاف الكاتب الصحافى ياسر محجوب ان هنالك الكثير من القضايا المتعلقة بمشاكل الصحافة تحتاج للحل وان المشكلة على حد وصفه فى آليات تنفيذ الشروط المتعلقة بالصحافة وطالب المجلس ضرورة التدخل لمعرفة عقود الصحافيين ومن واجباته متابعة تطبيق الحد الادنى فى الاجور . وفى سياق متصل اكد الكاتب والصحفى عبد الباقى الظافر ان ما قاله العبيد مروح بشأن الصحافة ووصفه لها بالكناتين مسىء للدبلوماسية السودانية واعترف بوجود مشاكل كثيرة فى الصحافة السودانية الا انه اشار لغياب الحريات وشكا من الكيفية التى يتم بها توزيع الاعلانات الحكومية ووصف العملية بالازدواج وقال الظافر ان معظم مطابع الصحف تتبع وبصورة مباشرة لجهاز الامن واصفا الامر بالاشكال المزمن وقال ان المجلس يهتم بالقيود ويضع الكثير من العراقيل امام الصحافيين واضاف ان هذا لا يسنده منطق . وقال الظاهر ان مروح طالما فشل فى تهيئة المناخ لصناعة صحافة جيدة كان عليه ان يترجل ويعمل بأدب الاستقالة تجنبا للكثير من الحرج . وشكا بعض الصحافيين مما اسموه بقبضة النظام الشمولى وقال المدير العام لصحيفة رأى الشعب الموقوفة ناجى دهب (علتنا فى النظام الشمولى( وغياب الحريات فى وقت قال فيه ان هنالك صحفا بعينها تمارس الابتزاز الرخيص وتمتص عرق وجهود المحررين باحداث تسويات في الخفاء . وشكا مدير تحرير الرأى العام من فساد الاعلانات فيما اشار رئيس تحرير الوفاق رحاب طه الى ان المسؤولية مسؤولية تضامنية بين الناشرين والمجلس القومى للصحافة والمطبوعات وحمل المجلس مسؤولية ما يحدث من تدن للصحف قائلا ان ما يحدث جزء من ازمة ضعف اقتصاديات البلاد وما يمر به الوضع الاقتصادى من تعقيدات . وفى معرض رده على تساؤلات الصحافيين اشار المروح الى ان هنالك مبادرة سوف تطرح لتجاوز ازمة الصحافة السودانية، مبينا ان هذه المبادرة سوف ترى النور قريبا . وحول ما يتعلق بدورهم كمجلس مختص فى امر منح التراخيص اشار المروح الى انهم يقومون باجراءات معروفة وطواف يتعرفون من خلاله على مقومات وبيئة العمل وان هنالك اشتراطات كثيرة يضعوها لتمرير تصاديق الصحف وان الاشتراط الاساسى ان يكون هنالك مركز معلومات متكامل لكل صحيفة . وقال ان دور المجلس ينخفض تدريجيا ومن الممكن ان يتلاشى واشار الى ان المجلس قليل حيلة وان صناعة القرار فيه غير ساهلة وتمر باكثر من عقبة عبر لجان متخصصة وانتقد مروح بشدة اوضاع الحريات في السودان وقال انهم غير مرتاحين لوضع الحريات الصحافية بالبلاد الا انه قال كيف نمارس الحريات فى بلد تعيش اكثر من ازمة تتفشى فيه القبلية والجهوية وعن استقالته من منصبه كامين عام للمجلس قال مروح انه جاهز لتقديمها ان كانت تمثل حلا للازمات . واخيرا طفا السؤال هل من الممكن ان تقود مكاشفة الامس الى ما هو مرتجى ؟ ام ان الامور لا تخرج عن كونها مواجهة ساخنة على نار استندت على موقد الدبلوماسية ومعاناة الصحف ومشكلات الصحافيين التى تنتظر روشتات الحل.