ان كنتم تذكرون ايام نيفاشا وجولاتها التفاوضية المارثونية؟ فما عليكم الا ان تعلموا شيئا واحدا، ما يدور الان في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا يختلف عما مضي، فنيفاشا كانت تسعي لايقاف الحرب المستعرة وقتها بين الحكومة السودانية وقوات الجيش الشعبي داخل حدود السودان الواحد، لكن المفاوضات التي تدور حاليا تريد ان تجنب دولتي السودان وجنوب السودان الانزلاق في حرب اشرس مما كانت عليه في حدود الوطن الواحد، فالمعادلة الان اختلفت تماما هذا ما تقوله التحركات المارثونية للوساطة خارج الغرف وداخلها. فالجميع يعلمون ما تعنيه كلمة «حرب» ويدركون عمق أزماتهما الداخلية وانعكاسات اي مواجهات غير محسوبة علي وضعيتهما، من هنا يمكنك ان تحدد التحديات الاساسية التي يحتاجها الطرفان الان بشكل دقيق، فالاتفاق علي حدود آمنة وتسوية النزاع حول الاراضي المتداخلة ستكون بداية ناجعة لاشك، لكن طريق الوصول الى مثل هذه التسويات وبشكل شامل وسريع يعد امرا عسيرا ايضاً، يقول مصدر مقرب من داخل مقر المباحثات أمس ل»الصحافة» لاتزال هناك أزمة ثقة بين الجانبين وهو ما يجعل كل الاحتمالات مفتوحة، نعم يمكن ان تتكرر ذات السيناريوهات والتي اخرها كانت هجليج. لكن رغم المحاذير والمخاوف ينتظر ظهر اليوم دوران عجلة المباحثات المباشرة بين الدولتين وهو ما اعتبره عدد من المراقبين هنا في اديس اختراقاً يمكن الاعتماد عليه للوصول الي تسويات تجنب البلدين والمنطقة أزمات لا يمكن الرجوع منها، ونقل كبير مفاوضي دولة جنوب السودان أمس للصحفيين عقب اجتماع ضمه ورئيس الوفد الحكومي والوساطة ان الاطراف اتفقت علي انطلاق المفاوضات دون الشروط التي تحدثت عنها الخرطوم ، واضاف سنعمل في كل الملفات بعد وصول الآلية السياسية اليوم، بيد ان عضو وفد التفاوض الحكومي مطرف صديق قال ان الوفد الحكومي لم يضع شروطاً، لكنه ملتزم بقرارات مجلس الأمن والسلم للاتحاد الافريقي، ومجلس الأمن الدولي، التي طالبت بانهاء الملف الأمني قبل الشروع في بقية الملفات العالقة بين الدولتين. وقال مطرف صديق ان اجتماعات الآلية السياسية الأمنية المشتركة ستنعقد لمناقشة القضايا المتفق عليها في خارطة الطريق المتمثلة في وقف أعمال العدائيات بين دولتي السودان، وجنوب السودان، بما فيها الحملات الاعلامية، والتأكد من وقف دعم ايواء أي حركات متمردة تعمل ضد الدولة الأخرى، وتحديد المنطقة العازلة بين البلدين، وكيفية جعلها منزوعة السلاح، وانسحاب أي قوة تخطت حدودها الأصلية. وقطع مطرف بان وصول وزير الدفاع والخارجية ووفدهم المرافق سيكون صباح اليوم، لينخرط مباشرة في اجتماعات تنويرية من الوفد المفاوض لاحاطتهم بأجواء التفاوض، وكيفية الوصول للأجندة المتفق عليها، بأن تكون الأولوية للترتيبات الأمنية، حسبما طلبت الحكومة السودانية. وتوقع عدد من المتابعين لمجريات المفاوضات وقوف عثرات طريق امام الدولتين للوصول الي تسوية تضمن استقرار الاوضاع كبيرة، فالخرطوم تتهم الجنوب بدعم التمرد بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق وهو ما يعتبره الجنوب شأنا شماليا لا دخل له فيه وتابع ان مقاتلي الولايتين حملوا السلاح طوال العشرين عاما من اجل قضايا تخصهم وليس دعما للجنوب، لكن احد النافذين بالوفد الحكومي قال ل»الصحافة» لا ننكر سودانية المقاتلين لكن نتحدث عن الدعم هناك اسلحة متطورة ومدرعات بحوزتهم، واضاف اين لحركة متمردة كل هذا العتاد وتابع هم يقاتلون الحكومة في مناطق حدودها مع الجنوب ودولة اثيوبيا لكن الاخيرة تتعامل مع الجيرة بمسؤولية، تعليقا علي هذا الحديث نقل مصدر مطلع ان المفاوضات الانية يمكن ان تصل مرحلة الجلوس الي الحركة الشعبية قطاع الشمال لبحث سبل التسوية السياسية، وكان رئيس الحركة مالك عقار وامينها العام ياسر عرمان انخرطا ما بعد ظهر الامس في اجتماع مغلق بمقر المفاوضات في اديس ضم اليكس دووال وعدد من اعضاء الآلية الافريقية والمهتمين بالملف السوداني، وقالت مصادر ان الامر يتعلق بما يدور هنا. في الأثناء رحب الاتحاد الافريقي باعادة انتشار القوات المسلحة السودانية والشرطة في منطقة «أبيي» بالتزامن مع خارطة الطريق. وقال رئيس مفوضية الاتحاد جان بينغ في تعميم صحافي حصلت «الصحافة» علي نسخة منه أمس ان قوات الأممالمتحدة الانتقالية في «أبيي» أكدت اعادة انتشار القوات، وناشد الاتحاد الطرفين بالوصول الى اتفاق حول المنطقة، والاسراع في تشكيل اداريتها للمساعدة في عودة المواطنين الى المنطقة، ومواصلة حياتهم بصورة طبيعية. ودعا الاتحاد الافريقي دولتي السودان وجنوب السودان الى الاتفاق على الخطوات المناسبة لتفعيل عمل مراقبة الحدود المشتركة، وانشاء منطقة خالية من السلاح، وطالب البيان أيضاً بضرورة اجتماع لجنة مراقبة منطقة «أبيي» في أسرع وقت ممكن، وحسب الاعلان من قبل الوساطة لخارطة طريق التفاوض التي يبتدرها وزراء الدفاع اليوم، وضعت السابع من يونيو موعدا للآلية السياسية حول أبيي لكن حسب ما توفر من معلومات فان الخلافات حول تشكيل ادارية أبيي يحتدم حول رئاسة المجلس التشريعي للادارية وهو ما تطالب به الخرطوم لكن جوبا تعتبر ان الامر لا يمكن وتستند علي تعريف من هم سكان أبيي. ونقل مساء امس السكرتير الصحفي لكبير مفاوضي دولة الجنوب عاطف كير ان وفدهم جاء بتفويض شامل لحل كل القضايا العالقة دون استثناء ، وتابع لا يمكننا ان نعلق علي ما تقوله الخرطوم فهو موقفها لكن موقفنا هو لا تجزئة في الملفات وهو امر متفق حوله داخل الاجتماع بين الوفدين. هذا ما نقله ل»الصحافة» احد المطلعين علي مجريات التفاوض من داخل مقر المباحثات أمس لافتاً الي هذا ما تقوله مجريات الاحداث هنا، فمفاوضو الدولتين يعلمون ان ما يحتاجه الطرفان هو اتفاق يحقق الاستقرار عبر مفاوضات اديس ابابا التي وصلنا اليها قبل شروق شمس نهار الامس.