* أعمل المستشار أحمد رفعت قاضي «محكمة القرن» التي مثل أمامها الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وآخرون لمحاكمتهم على الإتهامات المنسوبة إليهم بقتل ثمانمائة متظاهر وجرح آلاف غيرهم.. والفساد المالي.. والتربُّح وغيرها من التهم.. أعمل القاضي المحترم المحترف «نص القانون» منذ لحظة إثبات مثول المتهمين أمامه وحتى آخر جلسة من جلسات المحاكمة التي قاربت الخمسين جلسة. وهو ينادي المتهمين بالاسم الكامل وينتظر أن يسمع منهم الرد.. «محمد حسني السيد مبارك!!.. أفندم.. أنا موجود.. حبيب إبراهيم حبيب العادلي.. أفندم.. أنا موجود.. علاء الدين محمد حسني السيد مبارك.. أفندم.. أنا موجود.. جمال محمد حسني السيد مبارك.. أفندم أنا موجود.. « وهكذا.. وتضايق القاضي من وجود الإعلام فمنع دخوله.. واكتفى بالتلفزة المصرية واستمرت المحاكمة لعشرة أشهر وفي جلسة النطق بالحكم زجر الحضور قائلاً «أي كلمة أو شوشرة سنعتذر «عن المواصلة».. وقدَّم لقرار المحكمة بكلمات رصينة وقانونية قضت بإدانة حسني مبارك وحبيب العادلي في تهمة قتل متظاهرين وحكمت عليهما بالسجن المؤبد وبرأت ساحتيهما من بقية التهم وساحة بقية المتهمين من جميع التهم المنسوبة إليهم لسقوط التهم بالتقادم نسبة لمرور عشرة أعوام على إرتكابها «بنص القانون» ولو أعمل القاضي المحترم «روح القانون» لأدان جميع المتهمين ولشدَّد عليهم العقوبات التي قد تصل للإعدام ، فما حدث في عهد الرئيس المخلوع طيلة ثلاثة عقود من الحكم في أرض مصر الطيبة وفي العالم العربي الذي تمثل مصر فيه مكان القلب من الجسد وما فعلته طغمة مبارك بالقضية الفلسطينية وأهلها.. وبالعراق وما حلَّ به .. وبدعم السياسة الصهيونية الإمبريالية على حساب قضايا العرب المركزية.. وما حلَّ بالإقتصاد المصري وبمكانة مصر جراء سياسات مبارك وأجهزته التنفيذية والأمنية والسياسية.. وكل ما أدى إلى ثورة الشباب المصري وإنضمام كل ألوان الطيف السياسي المصري لها عدا القلة المنتفعة من بقاء نظام مبارك.. والعبث بمقدرات الدولة المصرية على أيدي «إبنيه وحرمه» وكانوا هم في حقيقة الأمر من يديرون دفة الحكم.. قال لي مسئول سوداني:- «ذهبت لمقابلة جمال في نادي الطيران بالقاهرة.. حيث يعقد الإجتماعات والصفقات.. فقال لي:- هل قابلت د.أحمد نظيف رئيس الوزراء؟ فقلت له:- أبداً. وعلى الفور إتصل هاتفياً وقال:- «يا أحمد بكرة الساعة عشرة تقابل فلان.» وأشار إليّ وأغلق الخط.. وهذا ما حدث بالضبط في اليوم التالي.. وكانت مهمة المسئول خاصة!!.. يقول الرجل «إستغربت!! رئيس الوزراء يتلقى تعليمات من نجل الرئيس مباشرة.. وهو لا يحمل أية صفة رسمية.. ويفرض عليه المواعيد بالساعة والتاريخ!!!.. وأيقنت أن الوضع لن يستمر كثيراً على هذه الحال. وكان مبارك بعد وفاة»حفيده» نجل علاء الذي سقط من صهوة جواد.. قد دخل في حالة إكتئاب وذهول.. وكان لا يوجِّه بأي شئ في الإجتماعات الرسمية والتي يقضي وقته فيها ساهماً أو متشاغلاً بما لا يفيد.. وكان عليه الإستقالة في ذلك الحين.. ولكن!!.. * إنها بطانة السوء التي نالت البراءة وهي التي تستحق أقصى العقاب خاصة جمال.. وزكريا عزمي.. وعمر سليمان.. وحسين سالم.. والعادلي.. وسوزان.. ولو استقبل مبارك من مرة ما أستدبر إذن لقام بإعفاء حكومة نظيف.. وحل البرلمان المزوَّر .. وحل الحزب الوطني الديمقراطي الهلامي.. وأمر بتشكيل لجان تحقيق عليا.. ونصب المحاكم للنصابين.. ودعا المعارضة لحوار مفتوح.. وشكل حكومة إنتقالية تراعي التمثيل المناسب لكل القوى السياسية.. وأشرف بنفسه على قيام جمعية تأسيسية تجيز الدستور الجديد ثمَّ تدعو لقيام إنتخابات عامة وإنتخابات رئاسية لا يكون بعد مرشحاً فيها.. ويتسلم مقاليد الحكم من تجئ به الإنتخابات ويذهب إلى التقاعد بالمعاش عزيزاً مكرَّماً.. على طريقة الفريق المرحوم إبراهيم عبود وجبهة الهيئات.. لكن من يعترف لنا بالريادة؟!.. وبمقاييس ما حدث في دول الربيع العربي «ما عدا تونس» فإن مبارك لم يكلف شعبه ضحايا كُثر مقارنة مع ليبيا واليمن وسوريا.. مع إحترامنا الكامل لكل شهيد أو جريح في مصر .. ولن يشفع له ما قدمه في العبور أو في الإنفتاح الإقتصادي في مصر .. «كل واحد بي دربه» ومره أخرى لو أعمل «قاضي محكمة القرن» روح القانون لا نصوصه لأدان كل رموز حقبة مبارك «بدون فرز». * أُحي قضاء بلادي الذي برأ ساحة الزميل الأستاذ فيصل محمد صالح حتى لو كان معارضاً للنظام في نظر الأمن أو شيوعي وبيسكر ويشرب بنقو ويقول إن حلايب مصرية!!.. مع إنه سوداني مسلم ووطني وصحفي حر . أسعدتني تبرئة ساحته فهو زميل عزيز .. وأعجبني أمر القضاء السوداني بحق الأسرة الجنوبية في ضم الطفل مجهول الوالدين الذي تبنَّته.. وشطب تهمة اختطافه.. وساءني جداً أن تكون هناك محكمة سودانية قد حكمت على أم شابة بالإعدام رجماً بتهمة الزنا!!.. وقد إمتلأت المواقع الأسفيرية تدافع عن المحكوم عليها بإعتبارها «قاصر .. أو لم تمنح حق الدفاع عن نفسها.. أو لم توفر لها المحكمة مترجماً لأن العربية ليست لغتها.. أو أن الرجم أسلوب وحشي وبدائي.. ما كان أغنانا عن هذا.. وكبار علماء المسلمين بين أخذ ورد بجواز رجم الزاني المحصن من عدمه.. أفتونا رحمكم الله. وهذا هو المفروض