لقد طال تجوالنا في شارع غبيرا العام بوسط العاصمة الرياض، حيث جالسنا عدداً من السودانيين الذين يمتلكون محالاً تجارية بالشارع الشهير، وتحدثنا مع الباحثين عن فرص عمل جديدة، وهم يطيلون الجلوس على الرصيف لعل فرصة قد تأتي، ويرفضون بشدة ان يصفهم البعض بالمتسكعين. وفي الجانب الآخر تنشط حركة تسوق السودانيات برفقة ازواجهن خلال ساعات المساء، فيما يشكو الازواج من كثرة الطلبات. ومن خلال الحلقة الثالثة والاخيرة نختتم جولتنا في هذا الشارع الذي تتصاعد فيه ادخنة الشواء، وهي تعانق روائح العطور السودانية المعتقة.. فالى تفاصيل الجولة الاخيرة: قال سعد عز الدين: لقد ظللت ارابط بهذا الشارع لعدة اشهر، في اطار رحلة البحث عن عمل جديد، وخلال هذه الفترة اصبحت لي صداقات متميزة مع العاملين والزائرين لشارع غبيرا العام، وقد كنت اعمل من قبل محاسباً في احدى الشركات بمنطقة الخرج القريبة من الرياض، وتم الاستغناء عن خدماتي لخلاف مع الشركة، وسأظل اتردد على هذا الشارع كونه يمثل لي متنفسا واتجاها ربما ينقلني لوظيفة. واضاف شكري محمد عمر: لقد جئت من السودان قبل عام، واقمت بمدينة جدة لمدة ثمانية اشهر اشتغلت خلالها سائقاً خاصاً، وتخليت عن هذا العمل بحثاً عن فرصة افضل، واسكن الآن في حي منفوحة، وقد نصحني الاصدقاء بان اتردد على هذا الشارع الذي يكتظ بالسودانيين، متمنياً ان اجد فرصة للعمل في أي مجال مناسب، حتى اتمكن من مقابلة الالتزامات الاسرية التي من اجلها اغتربت. واشير الى ان البعض يعيب علينا كثرة التردد على شارع غبيرا العام، بلا اسباب موضوعية، وهم بذلك يلحقون بنا ظلماً كبيراً، فنحن لنا اقارب واصدقاء في هذا الشارع، فضلاً عن بحثنا عن عمل . واكد صبري محمد عيسى ان وجوده المستمر في هذا الشارع ليس فقط للبحث عن وظيفة، بل يجد نفسه هنا حيث كثير من الاصدقاء، وقال: صحيح انني في رحلة البحث عن فرصة عمل، ولكن ان تكون موجوداً بهذا الشارع الحيوي فإن ذلك يشعرك بانك في السودان، وهو شعور نحن نحتاجه دائما مهما كانت ظروف بلادنا الحالية. ويتفق معه سعد رياض وهو يشير الى ان وجود أي شخص هنا سيجعله اقرب للحصول عن فرصة عمل، باعتبار ان كثيراً من السودانيين بمختلف مستوياتهم يعبرون من هذا الشارع، ومن خلال «الونسة» يمكن للشخص ان يجد فرصة عمل. واضاف: ربما ينظر الينا البعض على اننا نعاني العطالة ونتسكع بهذا الشارع وهو امر غير صحيح، فنحن لا نتسكع وانما نبحث عن فرص عمل افضل. وفي الجانب الآخر تبدو حركة تسوق النساء نشطة خلال ساعات المساء، حيث يكتظ الشارع في محال بيع الثياب والعطور السودانية بالسودانيات وهن برفقة ازواجهن. وقالت سعاد عبد الله: جئت بصحبة زوجي لشراء «شيلة» لشقيق زوجي وهو بالسودان، وقد اشترينا الثياب والأحذية، وتبقت العطور. واشارت الى ان الشراء من السعودية في ظل ارتفاع الدولار والريال مكلف جداً، الا ان الاصرار من الاهل هناك على تأتي «الشيلة» من السعودية يجبرنا على ذلك .. ويختتم زوجها الحديث بابتسامة قائلاً: «الجماعة هنا يطلبوا ونحن نستجيب لتطول غربتنا». واكدت ام محمد ان شارع غبيرا العام نجد فيه مختلف الاحتياجات من الثياب السويسرية والعطور الاصلية، واضافت: بصراحة نحن عندنا محل واحد بنتعامل معه منذ سنوات طويلة وهو صادق معنا، ولن نذهب الى غيره، وحتى اذا كان لدينا طلب غير متوفر عنده نطلبه منه هو شخصيا بأن يحضره الينا من المحال الاخرى. واشارت عواطف آدم الى ان جميع السودانيات المقيمات بالعاصمة الرياض يتسوقن من شارع غبيرا العام، وخاصة عند السفر الى السودان، او شراء احتياجات الزواج، فهنا العديد من المحال التجارية التي تتنافس فيما بينها. وذكرت ان افضل الثياب حالياً هي الثياب المطرزة بعناية، وترتفع اسعارها بحسب «الشغل»، كما نجد في شارع غبيرا العام الاحتياجات السودانية الأخرى من البقوليات والمعدات من مكانس وكوانين الخ. ويرى زوجها حامد حسن أن الطلبات سواء أكانت من النساء هنا او من اسرنا في السودان قد أرهقتنا، الا اننا لا نملك الا ان نقول «حاضر».