مكافحة الثراء الحرام هو عنوان القانون الذى قرر بشارة دوسة البدء به امس الاول ليكون السؤال الذى بدأ داخل البرلمان وسيظل بين الناس هو (من أين لك هذا)؟ مؤكدا -اى دوسة- انه سيكون هو القائد الرسمى للمهمة الصعبة بعد ان ينتقل بنفسه لمكتب المكافحة التى ستعتمد مبدأ المحاسبة العاجلة. لم يكن الفساد والافساد فى البلاد امرا خافيا على المواطن فلقد تناقلته جلسات الصباح والمساء والعصارى سرا فى بدايته، ولكن مالبث ان تحول الى جهر جهير فأوكلت الدولة المهمة لأبي قناية لمحاصرة مايمكن حصاره ولكن ..لم تكن آلية أبي قناية بالقوة المطلوبة اذ مر من امامها تسعة من الاشخاص الى خارج الوطن ففلت من يدها التشخيص ولم تستطع اللحاق بهم فظلت الآلية اسما لعمل لم يستطع حسم الملفات الموجودة على الطاولة بعد ،مايدل ان الآلية ظلت مكتوفة الايدى عن تقديم فرد واحد للمحاكمة _رغم تحويل القضايا للنيابات _ فظل الداء موجودا والملفات فى الاضابير فقرر دوسة نفض الغبار عنها ومواجهة الفساد بنفسه، لكن السؤال كيف يمكن لدوسة القبض على مفاصل الفساد وآلية معنية ومتخصصة لم تفلح فى ملاحقته؟ ولربما يصطدم السيد الوزير بالآلية وبدلا من السعى خلف الفساد للقضاء عليه ستظهر على السطح مشكلات اخرى واجب القضاء عليها لانها قد تقضى على المكافحة والآلية فيخرج الإثنان ب(إقالة أو استقالة) كما يحدث دائما كنوع من( الحل). حماس الوزير لن يزيح الفساد عن صدر المجتمع الذى يعرف ويسمع ويشاهد ويأتى على لسانه نفس سؤال الوزير ويظل بلا اجابة تذكر، وكم يداهمنى الخوف ان يكون هذا هو حال الوزير نفسه ..تتوه عليه الاجابة حتى بعد ان يجلس داخل مكتب المكافحة الذى لم نشاهده يوما (مكافحا) لثراء حرام . ورغم ان الوزير على سدة الوزارة سنين لكنه لم يتحرك فى اتجاه القضاء على هذا الداء اللعين الذى استشرى فى المجتمع لذلك يأتى السؤال لماذا وقع اختياره الآن و(دق سدرو) ليفعل القانون ويباشر المهمة بنفسه؟ وليخرج بالمجتمع الذى أزكمت أنفه روائح الفساد المتعددة الأوجه إلى بر التعافى منه؟ استمرار الفساد والافساد يشوه وجه المجتمع ويقلل من قيمة التعهدات التى التزمت بها الحكومة (وكالعادة لم توف بها) لتباغت الفكرة الوزير الآن فيحجز لنفسه مقعدا فى قطار متجه نحو محطة محاسبة مفسدين لم تتم محاكمة بعضهم عيانا بيانا وعلى الملأ، ليصل المجتمع الى سقف القناعة التامة بأن الدولة فعلا تجتهد لاقتلاع جذور الفساد او حتى ملاحقته بشفافية، فغياب النتائج يصبغ عدم ثقة المواطن فى تعاطى الدولة مع هذا الملف بالذات ب(الجدية). لا أخال ان خطوة الوزير سيحالفها الحظ فلقد مرت مياه الفساد من تحت جسر الآلية والمكافحة معا ولم يكن هنالك قيد على(هذا) ولاسلاسل على (ذلك)! لتبقى (أين) عائمة فى المياه. همسة بعثت له بخطاب أنيق.... ملفوف بعناية..... لتعلن له سراً... هجرتها إلى صحراء قاحلة..... بعد أن وجدت...أنها أدفأ من جنته الوهمية