يتساءل كثير من المراقبين عن مصداقية الحكومة تجاه ما اعلنته من سياسات لتقليص الصرف البذخي المرهق للخزينة العامة ، هل صحيح ان هؤلاء الناس صادقون؟ واذا كانت الاجابة بنعم فماهي الخطوات التي اتخذتها الحكومة والقائمون على امر وزارة الخارجية لتقليص عدد وحجم الجيوش الجرارة من الدبلوماسيين بمختلف مسمياتهم من رؤساء البعثات ونواب رؤساء البعثات والوزراء المفوضين والسفراء والسفيرات والمستشارين والقناصل ومسؤولي الملفات والموظفين وغيرهم وغيرهم ، ان وزارة الخارجية السودانية من اكبر الوزارات ارهاقاً للخزينة العامة ولديها اساليب وانماط في اختراع برامج للصرف لا يمكن ان يفهمها السادة الجالسون خلف المناضد الوثيرة في مجلس الوزراء او رئاسة الجمهورية ورغم انه ربما يكون لدى البعض منهم شكوك وتحفظات على حجم الاموال التي يتم تحويلها الى البعثات الخارجية ومدى انتفاع السودان من تلك الاموال الا ان اللافت للنظر بوضوح ان اوضاع السودان من ناحية علاقاته الخارجية بائس لدرجة كبيرة الامر الذي يطرح تساؤلات ضرورية ألم يحن الوقت بعد لايقاف حنفية الاموال المهدرة خارجياً؟. ان الملفات الشائكة التي تزعم الخارجية السودانية انها تضطلع بها ما تزال تتخذ وضعية محلك سر ولنمسك ملف حقوق الانسان مثلاً هذا الملف الذي اصبحت الحكومة بموجبه تصرف يميناً وشمالاً وتهدر في اموال الشعب السوداني ليس على الخارجية فحسب وانما على الطواقم الرسمية وتلك المستترة غير المنظورة في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان ومفوضية حقوق الانسان والمجلس الاستشاري والمجموعة الوطنية ودائرة حقوق الانسان ، ان ملف حقوق الانسان لم يتقدم خطوة واحدة وحتى القرار الاخير الصادر من المجلس الدولي لحقوق الانسان والقاضي باخراج السودان من اجراءات البند الرابع الى البند العاشر ومنحه الدعم الفني هذا القرار في طريقه الى التلاشي والتبديل استنادا الى التراجع الاخير في البلاد تجاه حقوق الانسان بصفة عامة سواء الحريات العامة ،او بقية الحقوق الاخرى المنصوص عليها في الدستور او تلك المصادق عليها دولياً وهذا التراجع بالطبع يستلزم اعادة النظر في استمرار تمتع السودان بمزايا البند العاشر المذكور ويهدد بارجاع السودان الى المربع الاول والبند الرابع وربما يتم فرض المزيد من العقوبات والاجراءات وبالتالي تكون حكومة الخرطوم وطواقمها المنظورة والمستترة قد اهدرت اموال الشعب السوداني دون ان تحقق نجاحات على صعيد سمعة ووضعية السودان بين دول العالم . هذا مثال واحد على التخبط في معالجة الملفات وما خفي اعظم ونحن هنا لسنا بصدد محاسبة المتسببين في ما يحدث لسمعة البلاد وما تتعرض له من انتكاسات مؤسفة فهؤلاء محميون بسلطة القانون المخالف للدستور وللاعراف والمواثيق الدولية وهم سيدخلون حماتهم بحسب القاعدة الذهبية المعروفة الى جحر ضب امهق وسيوردونهم المورد المنكر ، نحن هنا بصدد التأكد من صدقية توجه الحكومة تجاه اهدار اموال الشعب واذا كان الشعب يدفع منذ سنوات بلا اي مبرر فاتورة تخبط السياسات الحكومية فإنه اليوم لن يدفع مليماً أحمرَ من اجل استمرار هذه السياسات ليس لان الحكومة رفعت الدعم عن المحروقات فحسب ولكن لان الوعي تنامى، وهو الآن في الصورة تماماً ويعيش في الحقيقة وقد قرر بحسب الدلائل والارهاصات ايقاف عملية الاهدار المستمر للمال العام وليس امام الحكومة من خيار سوى التوجه الصادق والفوري لانفاذ سياسة التقشف وتقليص الوزراء والدستوريين وكافة ملحقات الاهدار للمال العام، بعد ان اصبحت تطل بأعناقها بصفاقة في مختلف الآفاق وتسخر من ملايين البسطاء والفقراء من ابناء السودان ...ثم ان كل ذلك لا يعفي الحكومة بالطبع من الاسراع بايجاد المعالجة السياسية الشاملة والبحث عن كيفية الخروج والإفلات من انشوطة الوضع الراهن .