يلاحظ الزائر لمدينة جنيف السويسرية توفر احياء المدينة على ساحات خضراء واسعة وميادين رياضية تقوم وسط العمائر والبنايات السامقة وتكسب النفوس والبيئة جمالا وراحة عوضا عن مساهمة هذه الساحات في بناء اجيال رياضية تتمتع بالصحة والعافية ،هذه الساحات والميادين بحسب المعلومات المتحصلة ظلت قائمة بصورتها المشاهدة حاليا دون ان تمتد اليها ايادي العابثين لا على مستوى السلطات المحلية او الفيدرالية الكانتونية التي تعادل في بلادنا السلطات الولائية او المركزية ولم تصمد هذه الميادين والساحات وسط العمران السويسري المتزايد الا لانها ظلت محمية بواسطة السلطات الشعبية وسكان الاحياء ولذلك فشلت كل محاولات البيع والاستحواز على تلك المساحات والميادين او مفاوضة السكان من اجل تحويلها الى مباني تجارية او خدمية. واذا علمنا ان عملية اتخاذ اي قرار في دولة الاتحاد الفيدرالي السويسري تمر عبر استفتاء الجمهور ومعرفة رأيه فاننا نستطيع ان ندرك لماذا تقدم هؤلاء الناس وتأخرنا نحن . ودعونا نضرب مثلا قريبا من هذا المعنى لقد نشرت في هذه الزاوية عدة مرات وعلى فترات متفاوتة موضوعات تتعلق بتغول بعض المتغولين على ميادين وساحات وسط احياء محليات ولاية الخرطوم المختلفة مثل ميدان الحارة الثالثة ام درمان وميدان الفيحاء الحاج يوسف مربع 6 وميدان جبرة وغيرها من الميادين والساحات التي تم بيعها وتخصيصها بواسطة سلطات فردية لا تعتمد او تعترف بحق الآخرين في اتخاذ القرار، الامر الذي تسبب في خلق مشكلات لا حصر لها بين سكان الاحياء ومن يمثلونهم من جهة وبين أولئك النفر القليل المستفيدين من قرارات التخصيص للميادين والساحات العامة وقد فتحت فعليا دعاوي قضائية لدى محكمة الطعون الادارية للبت في فوضى تخصيص الميادين المعزولة عن الحماية رغم صدور قرارات من رئيس الجمهورية تحظر التغول والتصرف في هذه الساحات. ولكن يبدو ان القرارات الشعبية التي يصدرها السكان في احياء المدن السويسرية تجد الهيبة والاحترام اكثر من قرارات الرئاسة المبجلة في السودان. ان جرائم التغول على الميادين والساحات العامة في السودان اصبحت لافتة للنظر وعادة ما تتم تحت جنح الليل فاللجان الشعبية تنفي علمها بالاجراءات التي تتم في هذه الحالات مع ان القانون والاجراءات المتبعة في منح التراخيص لمزاولة اي اعمال داخل الاحياء تشترط الحصول على موافقة اللجان الشعبية بالاحياء وعدم تضرر السكان من الانشطة المراد تنفيذها وسط المساكن ،ولكن من الواضح للمراقبين ان كافة القضايا المتعلقة بالنزاعات حول الميادين داخل الاحياء جرت منذ الخطوة الاولى بطرق غير سليمة ويمكن الكشف عن ذلك بواسطة المحاكم وعادة ما يتضح للجميع ان المستندات التي يدعي المتغولون على الميادين انهم حصلوا عليها من الدولة هي في الاساس مستندات مضروبة او صدرت بطرق ملتوية ولعل هذا ما يعمل على اثباته امام المحاكم سكان الكثير من الاحياء خصوصاً سكان الحارة الثالثة الثورة ام درمان عبر رئيس اللجنة الشعبية السيد عبدالرحمن يحى الكوارتي والذين قطعوا شوطاً كبيراً باتجاه كشف التجاوزات المتعلقة بهذه المسألة ، والسؤال هو هل يقوم السيد والي ولاية الخرطوم باعمال صلاحياته لايقاف العبث بطمأنينة سكان احياء الولاية ام يترك لهم الخيار في اللجوء الى القانون والقضاء السوداني ؟ ان قضية سكان الحارة الثالثة كان يمكن ان تنتهي بتدخل الوالي بهدف حفظ طمأنينة المواطنين وبهدف حفظ الامن ولمنع تداخل واختلاط طلاب وطالبات الجامعات بسكان الحي خصوصا في حالات المناسبات وبهدف دعم وتشجيع سكان الاحياء على انشاء مدارسهم وقيام انشطتهم الرياضية وغيرها في ميادينهم وساحاتهم الداخلية .