كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    السفير السعودي: المملكة لن تسمح باستخدام أراضيها لأي نشاط يهدد السودان    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    الحرس الثوري الإيراني "يخترق" خط الاستواء    المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة مع دول عربية في غزة بعد الحرب    تمندل المليشيا بطلبة العلم    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع ومشاهد يوم 6/6/ 2011
«الكتمة» (12)

وقفنا فى الحلقة السابقة على العوامل التى أثرت على إنفاذ الإتفاقية بالولاية، مضافةً للعوامل العامة التى أثرت على مجمل الأداء الكلى للإتفاقية بالسودان، وبإقترانهما مع بعضهما البعض، فإنهما يقدمان الصورة الكلية لحالة السلام بالسودان عامة، وبجنوب كردفان خاصة .
وإنعاشاً للذاكرة فقد أوردنا بشأن العوامل التى أثرت على إنفاذ الإتفاقية بالولاية ما يمكن أن نلخصه فى الآتي :
1/ إعادت الحركة الشعبية بالولاية إنتاج سياسة المناطق المقفولة التى طبقها الإستعمار فى العام 1922م بالسودان، وتأثرت بها أجزاء من ولاية جنوب كردفان، تحت مسمى جديد هو (المناطق المحررة)، فنشأ وضع إداري وأمنى متسم بالإزدواجية، وحرمت المناطق الأكثر تأثراً بالحرب من الإستفادة من أية برامج تنموية أو خدمية تتيح لأهل تلك المناطق تذوق ثمار السلام.
2/ إنتهاج الحركة الشعبية لسياسة إستخدام الإثنية المسيسة، الأمر الذي أضر بالنسيج الإجتماعي بالولاية، وأحدث شروخاً واسعة فيه، مما أدى إلى صراعات قبلية دامية راح ضحيتها المئات من المواطنين فأصبح الوضع وكأننا إستبدلنا القتال بين الجيشين (القوات المسلحة / الجيش الشعبي) والذي أوقفته إتفاقية وقف إطلاق النار، بالقتال بين القبائل وعلى أسس وأسباب إثنية بحتة
3/ المفهوم الخاطئ للحركة الشعبية بالولاية لعملية بناء السلام، إذ نظرت لتلك العملية بوصفها عملاً أحادياً يتعين أن يقوم به المؤتمر الوطني وحده، وأن دورها لا يتعدى المطالبة والتقويم والتصحيح، فى حين أن عملية إنفاذ السلام (بناء السلام) لا يمكن أن تتم إلا بجهد مشترك، ووصفناها بأنها تشابه تماماً رقصة التانغو .
4/ عجز الحركة الشعبية عن التحول من حركة عصابات عسكرية (غوريلا) إلى حزب سياسي، أضر بمجمل العملية السياسية التى تضمنتها الإتفاقية، خاصة سلسلة الإجراءات المرتبطة بالتحول الديمقراطي والتعافي الإجتماعي.
5/ سيطرة المنضمون الجدد للحركة الشعبية بالولاية على مقاليد الأمور بالجهاز السياسي للحركة الشعبية، وإحتكارهم لتمثيلها بأجهزة الحكومة، نتيجة لإستعانة قيادة الحركة الشعبية الجديدة بهم بسبب إفتقار القادة العسكريين بالحركة الشعبية لأية مؤهلات تمكنهم من الإضطلاع بتلك المهام، فعمد هؤلاء للتقوقع بما أسموها بالمناطق المحررة فارضين سلطانهم عليها، وزايد المنضمون الجدد لإثبات ولائهم فأفسدوا المناخ العام المطلوب لإنفاذ الإتفاقية، ولم يكلفوا أنفسهم عناء الإطلاع على الإتفاقية، فإجترحوا لأنفسهم إتفاقية أخرى من وحى خيالاتهم ومزايداتهم، فتعقدت عملية إنفاذ الإتفاقية وأضحت عملية بناء السلام عملية تفاوض جديدة لإنفاذ ما سبق أن تم التفاوض والإتفاق عليه.
والحال كذلك فقد إنطلقت عدة مبادرات لإنقاذ الإتفاقية، منها الإجتماع المشترك للمكتبين القيادي والسياسي للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية فى مايو 2006م بقاعة الصداقة بالخرطوم، والذي تمخضت عنه عدة لجان مشتركة بين الحزبين لتطلع بمهمة إعطاء قوة دفع جديدة لإنفاذ الإتفاقية.
إضراب وزراء الحركة الشعبية :
وأهل السودان يستعدون للإحتفال بعيد الفطر المبارك فى العام 1428ه الموافق إكتوبر 2007م، فوجئوا والمهتمون بأمر السودان فى العالم قاطبة عشية يوم (وقفة العيد) بعيدية حملها بيان من المكتب السياسي للحركة الشعبية يعلن فيه نبأ تجميد مشاركة الوزراء من طرف الحركة الشعبية فى حكومة الوحدة الوطنية، وإمتناعهم عن مباشرة مهامهم إلى أن تحل الأسباب التى أدت إلى ذلك الموقف !!! ويسبب ذلك القرار بإمتناع السيد رئيس الجمهورية عن إمضاء تعديلات إقترحتها الحركة الشعبية لمن يشغلون حقائبها الوزارية بحكومة الوحدة الوطنية، وتلكؤ المؤتمر الوطني فى إنفاذ إتفاقية السلام الشامل .
وفقاً لهذا الموقف لا بد لنا أن نسجل أن هذه أول سابقة فى العالم لإضراب الوزراء وتستحق أن توثق بموسوعة جنيز .
التساؤل الذي يثور هو ما هى الدوافع الحقيقية وراء ذلك الموقف؟
فى إجتماع لرئاسة الجمهورية فى 17 رمضان من ذات العام، تقدم السيد رئيس الحركة الشعبية بقائمة تحوى تعديلات وزارية لمن يشغلون حقائب الوزارات التى تتولاها الحركة الشعبية بحكومة الوحدة الوطنية، طرح السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب ورئيس الحركة الشعبية قائمته الجديدة، واللافت للنظر أنها إستهدفت الوزراء الذين تميز أداؤهم بالإنسجام مع نظرائهم بحكومة الوحدة الوطنية، أو أولئك الذين أثبتوا نجاحاً واضحاً فى مهامهم، فعلى سبيل المثال شملت القائمة د. لام أكول وزير الخارجية، دكتورة تابيتا بطرس وزيرة الصحة، كان أمراً مفاجئاً تماماً لرئاسة الجمهورية، ولكن وحيث إن الأمر يعود كلية للحزب الذي يمثلونه وحقاً له من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن رئيس الجمهورية وبحسب موقعه كرئيس للجهاز التنفيذي (مجلس الوزراء) فإن الإتفاقية والدستور يكفلان له حق إبداء الملاحظات وتقويم أداء وزرائه ، وفقاً لذلك فقد أدارت رئاسة الجمهورية نقاشاً موضوعياً حول الأمر، فقد أثبت السيد رئيس الجمهورية للسيد النائب الأول حقه فى أن يسمى من يشاء لشغل المواقع الخاصة بحزبه، ولكنه أوعز له وبلطف شديد أنه كرئيس لكل مجموعة الوزراء سيبدى ملاحظاته بشأن أدائهم التنفيذي إذا كان الأمر يتعلق بالمسؤوليات الرسمية والدستورية التى يضطلعون بها، أما إن كان الأمر يتعلق بأوضاع حزبية فذلك شأن آخر، وفى كل الأحوال حفظ له حق الكلمة النهائية بشأن المرشحين من الحركة الشعبية لتولى المواقع المخصصة لها، كان رد فعل السيد سلفاكير غاية فى الإيجابية، إذ إستمع بإهتمام لملاحظات السيد الرئيس، ووفقاً لما جرى من نقاش فى رئاسة الجمهورية طلب السيد سلفا إعادة القائمة له، ومنحه فرصة لمراجعة القائمة وإعادتها مرة أخرى، وسبب ذلك الطلب بأنه وبحكم إنشغاله بترتيب الأوضاع بالجنوب فإنه لم يتابع أداء وزرائه بالحكومة القومية، وأن ما إستمع إليه من ملاحظات فى رئاسة الجمهورية بشأن أداء الوزراء جدير بأن يؤخذ فى الإعتبار، وبالفعل أرسل النائب الأول قائمة أخرى بالتعديلات الوزارية المطلوبة، وقد إحتوت على تعديلات جوهرية من القائمة الأولى، وتبعاً لذلك قام السيد رئيس الجمهورية بإصدارها، وأشير هنا إلى أن أهم التعديلات التى إحتوتها القائمة الجديدة أنها أبقت على د.لام أكول ضمن القائمة وإستبدلت موقعه من وزارة الخارجية إلى مجلس الوزراء (الموقع الذي كان يشغله دينق ألور) مع ملاحظة أن القائمة الأولى إستبعدته من الوزارة تماماً.
هل إعتقل وزير رئاسة الجمهورية النائب الأول لرئيس الجمهورية ؟ :
حضر السيد النائب الأول للخرطوم ليشهد مراسم أداء القسم، وإستقبله كما جرت العادة السيد الفريق بكرى حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، وحيث إن الموعد المحدد لأداء القسم كان قد حان فقد طلب وزير رئاسة الجمهورية من السيد النائب الأول أن يتحركا بسرعة ليدركا الموعد، بينما طلبت المجموعة المسماة أولاد قرنق والتى كانت ضمن المستقبلين له فى المطار، طلبت منه أن يُرجئ أداء القسم ويتحرك معهم لدار الحركة الشعبية فى شارع 33 بالعمارات للإجتماع معهم، هنا ظهر الإرتباك واضحاً فى عينيه وأصبح يتطلع إلى الوزير بكرى لإنقاذه من الموقف، أشار إليه الوزير بأن الرئيس فى إنتظاره بالقصر حسب التنسيق الذي جرى معه، وبالتالى من الأوفق أن يذهب للقاء الرئيس وإن كانت لديه أية أعمال حزبية أخرى فيمكن القيام بها فى وقت لاحق، لأن السبب الأساسي الذي حضر بموجبه للخرطوم هو حضور أداء قسم وزرائه الجدد !!! بالفعل إستصوب ذلك الرأى وذهب مباشرة مع الوزير بكرى إلى القصر وهنالك طلب من السيد الرئيس إرجاء أداء القسم لحين حل بعض المشكلات الداخلية الخاصة بهذا التعديل مع مجموعته، ويمكن أن يتم أداء القسم فى اليوم التالى، ولم يعد بعد ذلك حيث تسلل عائداً إلى جوبا دون أن يلتقى السيد الرئيس ليطلعه على نتائج مشاوراته بالخرطوم مع بعض قيادات حزبه، والمدهش أنه صرح لاحقاً وبعد أسبوع من تلك الحادثة وفى مؤتمر صحفى فى جوبا بأن الفريق بكرى إقتاده دون رغبته إلى القصر وشبه ذلك الموقف بالإعتقال ! (لاحقاً تقدم السيد سلفا بقائمة تعديلات وزارية ثالثة حملت باقان لوزارة مجلس الوزراء ودينق ألور للخارجية)، لتفسير موقف النائب الأول لا أملك منع نفسى من تكرار ما أثبته فى الحلقة السابقة والذي جاء فيه: ( الهدف من عقد إجتماع للمكتبين القيادي والسياسي للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية هو إقامة منبر حوار مؤسسي ذي طابع سياسي بين الطرفين لمناقشة وحل مشكلات تنفيذ الإتفاقية، فلقد إتضح من خلال أداء النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير فى مؤسسة الرئاسة، عجزه التام عن طرح أية مبادرات جديدة، علاوة على عجزه عن الدفاع عن أى قرار تصدره الرئاسة، والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر موقفه من قانون الوحدات المشتركة المدمجة، فبعد إجازة هذا القانون داخل مؤسسة الرئاسة وموافقته الشخصية الشفهية والكتابية عليه، عاد وعند طرح مشروع القانون فى مجلس الوزراء للإعتراض عليه !!! . رغم أنه مطروح باسم رئاسة الجمهورية ... وفى تفسير لأحد قادة الحركة الشعبية المقربين منه لمواقفه تلك أشار إلى أن سلفا مثل (السبورة) يمكن لأى شخص أن يأتى ويمسح ما كتب عليها ويكتب ما يود كتابته ... أيضاً تلاحظ عدم دقته فى نقل ما يدور فى الرئاسة لجماعته فى قيادة الحركة الشعبية، إذ أن لديه حديثا مختلفا فى كل منبر (ما يطلبه المستمعون)، لذا كان لا بد من مبادرة لإشراك أكبر قدر ممكن من قادة الحركة الشعبية فى العملية لمعالجة مشكلة نقص المعلومات أو النقل المشوه لها.)
تلك هى الخلفية التى شملت الوقائع والتفسيرات الحقيقية لواقعة إضراب وزراء الحركة الشعبية عن العمل فى حكومة الوحدة الوطنية، فالصراع داخل الحركة الشعبية هو السبب .
الحديث عن تلكؤ المؤتمر الوطني فى إنفاذ الإتفاقية، وإتخاذ وسيلة إضراب الوزراء لحل تلك المشكلة، يكشف عن خلل كبير فى مفهوم الحركة الشعبية لآليات إنفاذ إتفاقية السلام الشامل، فحكومة الوحدة الوطنية هى الآلية الأولى والأساسية فى تنفيذ الإتفاقية، فالناظر فى المرفق الثاني المضمن فى الإتفاقية تحت مسمى (وسائل التنفيذ والجداول الشاملة للتنفيذ وملحقاتها) الموقع فى نيفاشا بكينيا فى 31 ديسمبر 2004م ، والذي وصفته ديباجة ذلك الملحق بالآتي :
(وحيث إستكمل الطرفان الإتفاقية بشأن وسائل تنفيذ البروتوكولات والإتفاقيات، الآن يسجلان أن النص الموقع بالأحرف الأولى من وسائل التنفيذ المرفق طيه يشكل جزءاً مكملاً لإتفافية السلام الشامل، موضحاً التفاصيل بخصوص التمويل، الجهات المنفذة والأطر الزمنية لا سيما فيما يتعلق بتاريخ دخول إتفاقية السلام الشامل حيز التنفيذ ... إلخ)
حوت هذه الإتفاقية جداول على النحو الوارد أدناه :
الأنشطة
التوقيت
الجهة المنفذة
مصادر التمويل
التكوين والموقع
الإجراءات، الكيفية أو المعايير
الفقرة فى الإتفاقية
معظم الأنشطة الأساسية ذات الطابع التنفيذي القومي فى الإتفاقية تقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية، والحال كذلك فإنه من المتعين على كل طرف شريك فى الإتفاقية أن يحرص كامل الحرص على نجاعة وفاعلية هذه الآلية (مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية) لا أن يقاطع أعمالها ويجمد عملها ويعطل فاعليتها بالإمتناع عن القيام بالواجبات التى ألزم نفسه بها وأقسم قسماً غليظاً عليها، وهذا الفعل يقع بالمخالفة للإتفاقية من ناحية أخرى فإن مسؤولية تقييم سير إنفاذ الإتفاقية، وبموجب الإتفاقية نفسها قد أُنيطت بمفوضية تسمى مفوضية التقويم وهى تضم إضافة إلى طرفى الإتفاقية كل الشركاء الدوليين الذين أسهموا فى دفع إتفاق السلام فى مرحلة التفاوض، وتختص هى دون غيرها بالنظر فى تقويم التنفيذ والتفاكر حول معالجة العثرات والتحديات .
فالواضح أن المشكلة الحقيقية ليست هى تلكؤ المؤتمر الوطني فى إنفاذ الإتفاقية، ولكن المشكلة هى صراع حول تركة قرنق وميراثه، وقد أفاق أبناؤه من صدمة وهول فقده فأتوا يبحثون عن حقهم فى ذلك الميراث، وهذا ما عبروا عنه فى الإجتماعات التى إلتأمت فى منزل جمال الوالى .
عيد بأية حال عدت يا عيد (عشاء بمنزل جمال الوالي) :
قضى السودانيون عيداً ماسخاً نتيجة (عيدية) الحركة الشعبية تلك (إضراب الحركة الشعبية) .. ومن بعد العيد نشطت حركة إتصالات غير رسمية .. ساهم فيها الكثير من الوطنيين الحادبين على إستمرار عملية السلام ، نذكر فى هذا المقام الجهد الذي بذله الأستاذ / محمد لطيف صاحب مركز طيبة برس، إذ جمع بين كاتب هذه السطور بحكم موقعه آنذاك كنائب لأمين أمانة العلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني ورئيس لدائرة الحركة الشعبية بتلك الأمانة وهى المختصة والمكلفة حزبياً بملف متابعة إنفاذ الإتفاقية والعلاقة السياسية مع الحركة الشعبية، وياسر عرمان بحكم منصبه كنائب لأمين عام الحركة الشعبية وحاملاً لمهمة إعادة تقسيم التركة، إلتقى الإثنان بمكاتب طيبة برس لما يزيد عن الأربع ساعات وإتفقا فيها على ضرورة معالجة الأزمة بلقاءات تضم مجموعتين صغيرتين من الحزبين لإدارة حوار حول الأزمة، بموازاة ذلك سار جهد آخر عكف عليه الأخ جمال الوالى ود.منصور خالد، وأثمر الجهدان عن لقاء إلتأم بمنزل جمال الوالى فى مطلع نوفمبر 2007م فى عشاء جمع من المؤتمر الوطني د.نافع على نافع، الأستاذ سيد الخطيب، د. أمين حسن عمر، الأستاذ الدرديري محمد أحمد، د.مطرف صديق وأحمد هارون، ومن الحركة الشعبية كوال مانيانق، د.منصور خالد، كوستى مانيبي، اللواء مجاك أكوت، تعبان دينق، د. لوكا بيونق وياسر عرمان.
بعد العشاء دار نقاش طويل وعميق حول الأزمة، إتفق الطرفان على كونه نقاشا غير رسمى ويتعين أن يتسم بأكبر قدر ممكن من الصراحة والوضوح فى تحليل الموقف الماثل من الأزمة، وحدد الطرفان أهدافاً لذلك الحوار هى :
1/ كسر الجمود فى الموقف الماثل .
2/ التعرف على أفكار بعض بشكل واضح بشأن الأزمة .
3/ التعرف على آفاق حل الأزمة .
شرح المتحدثون باسم الحركة موقفهم والذي يمكن تلخيصه فى النقاط التالية :
- إن الحركة الشعبية بعد وفاة د.جون قرنق أصبحت يتيمة وبلا رؤية مركزية، وتتنازعها قيادات شتى، أهمها تيار المؤمنين برؤية د.جون قرنق حول السودان الجديد، وإنهم فى هذا التيار وهو تيار وحدوى، وتيار آخر يمكن تسميته (حسب توصيفهم) بالوطنيين الجنوبيين، وهو تيار إنفصالى، ووصفوا أنفسهم بأنهم وعلى الرغم من فقدهم لقرنق إلا أنهم التيار الأقوى فى الحركة وأنهم يتحكمون تماماً فى الحركة، وأنهم من حمل المكتب السياسي على اتخاذ قرار تجميد عمل وزراء الحركة، وبيدهم دون غيرهم حل تلك المشكلة بحكم أغلبيتهم فى المكتب السياسي، وأسهبوا فى شرح تطور الصراع داخل الحركة الشعبية، بين تلك التيارات منذ تأسيس الحركة الشعبية وإلى حين وفاة قرنق، وأن المقاربة التى وضعها قرنق وإستطاع أن يوفق بموجبها بين تياري الإنفصال والوحدة داخل الحركة الشعبية، أنه طلب منهما جميعاً العمل مع بعض، فإذا إستطاعت الحركة الشعبية تحرير جنوب السودان والإستيلاء عليه فيمكنهم التوقف عند خط 1/1/1956م، بينما يواصل الباقون إكمال المهمة.
- إنهم يحسون بحقارة شديدة ، من جانب المؤتمر الوطني لهم فى تعامله معهم بعد فقدانهم لقائدهم .
- إنهم يودون أن يوعزوا للمؤتمر الوطني بهذا الإضراب بأن لديهم خيارات أخرى بخلاف التحدث فى الصحف .
- وصفوا الأزمة الراهنة بأنها بلغت ذروتها ويجب التوقف هنا بحل يحفظ ماء الوجه للطرفين (WIN-WIN SLUATION) .
متحدثو المؤتمر الوطني شرحوا رؤيتهم للأزمة على النحو التالى :
- إنهم وقعوا الإتفاقية مع الحركة الشعبية ككيان واحد ، ويقفون على مسافة متساوية من تياراتها، ومصلحة المؤتمر الوطني أن يكمل إنفاذ الإتفاقية مع الحركة وهى متحدة، إذ أن أى إنقسام داخل الحركة الشعبية يعنى إنهيار الإتفاقية ، والإتفاقية بنظر المؤتمر الوطني مكسب وطنى وسياسي مهم للمؤتمر الوطني وهو حريص على الحفاظ عليه.
-إن الحركة الشعبية تعمل على أن تحكم وتعارض فى آن واحد، وهذا لا يمكن القبول به ، ويتناقض وإلتزامات الطرفين بموجب الإتفاقية .
-إن إلتزام الحركة الشعبية بالشراكة والوحدة هو إلتزام منشأه الإتفاقية أصبح محل شك كبير لدى المؤتمر الوطني نتيجة لمواقف عديدة تم إستعراضها.
-إن الحركة الشعبية لديها إتصالات خارجية مع قوى خارجية ضد مصلحة الوطن والإتفاقية، وتم فى هذا السياق شرح ما تقوم به الحركة الشعبية لإبقاء سيف العقوبات الإقتصادية وعدم الوفاء بإلتزام إسقاط ديون السودان كأدلة مادية ملموسة .
كانت تلك سياحة عامة من الطرفين فى اللقاء الأول وتم الإتفاق على مواصلة جلسات النقاش الحر والصريح بذات المكان (منزل جمال الوالى) ، فلننظر فى الحلقة القادمة يوم الأربعاء بإذن الله ما تم فى الإجتماع الثاني فى ذات المكان، وما تمخض عنه من إختراق مهم فى معالجة الأزمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.