هذا هو الجزء الاخير في سلسلة المقالات الخاصة بموضوع قطاع التشييد وما يلاقيه من معاناة في ظل ظروف الاستهداف المقصود او غير المقصود، دون علم او دراية بأهمية هذا القطاع في استقرار الحكومات واستقرار وسلام المجتمعات، وان هذا القطاع اصبح دائناً للحكومة بمليارات الجنيهات، وتعثرت الدولة في إيفاء سدادها حتى تاريخ تغيير سعر صرف العملة السودانية، وما سيترتب على ذلك من إهلاك كامل، وما يعانيه هذا القطاع من ملاحقة من دائنيه من ممولين وبنوك وعاملين وضرائب وزكاة وتأمين اجتماعي. أما الموضوع الثاني الذي جرى الحديث فيه يتعلق ببند تعديل الأسعار في عقودات المقاولات جراء ارتفاع الاسعار نتيجة للإجراءات الاقتصادية الأخيرة. وقد استشعرت دول العالم أهمية هذا القطاع، فأصبح الاستثمار فيه وتمويل تنفيذ مشروعات التشييد يدخل ضمن سياستها الاستراتيجية في حفظ توازن الدخل والاستخدام للموارد (Resource Employment). هذا وقد أوفد اتحاد المقاولين السودانيين أفراداً من عضويته إلى كل من جمهورية جنوب إفريقيا وماليزيا ومصر، بغرض الوقوف على تجارب هذه الدول في رعاية قطاع التشييد والاطلاع على السياسات والاستراتيجيات التي تتخذها هذه الدول في ما يخص القطاع، وقد أسست هذه الدول مجلساً يسمى مجلس تنمية صناعة التشييد، ويعرف اختصاراً ب CIDB في كل من ماليزيا وجمهورية جنوب إفريقيا، بهدف تقديم خدمة قيادة ورعاية ونمو واستدامة وإصلاح وتطوير لقطاع التشييد، على أمل الوصول بهذا القطاع الى الفعالية وتعظيم إسهامه في الاقتصاد القومي. ويتعاون هذا المجلس مع وحدة التحقيقات الخاصة لمحاصرة المقاولين والمسؤولين الحكوميين الفاسدين، كما يهدف مجلس رعاية صناعة التشييد ليؤكد للعملاء والمستفيدين جدية منظمات المقاولين والمنظمات الاخرى والتزامهم في محاربة الفساد. كما يقوم المجلس بنشر وتعميم أدلة الممارسة الممتازة في الغازيتة الرسمية. ويقوم المجلس بكثير من الفعالية الراعية والداعمة لهذا القطاع، ويشرف ويوصي بالقوانين والإجراءات الحكومية التي تمس عافية وسلام هذا القطاع. وفي جمهورية ماليزيا تلك الدولة التي كانت من الدول السباقة في الابتكار والابداع، يهدف هذا المجلس إلى تنمية قدرات ومقدرات قطاع التشييد بتعزيز الجودة والإنتاجية والاهتمام بالاحترافية والابتكار والمعرفة لتحسين وترقية الحياة. هذا ما نصبو إليه في السودان، وهو أن يكون لدينا قطاع فاعل وحي في جسم المجتمع، لأنه يمثل شبكة الشرايين والأوردة التي تقوم بتوزيع الغذاء والحياة إلى بقية أجزاء الجسد. وإلى أن يعود علينا الوعي ونصحح كثيراً من أخطائنا وإلى أن ينعم الله على مسؤولينا بالوعي والإدراك لتصحيح فعلتهم هذه، نتمنى ألا تفارق الروح جسد هذا القطاع الذي أصيب في مقتل، لأن الروح إذا فارقت الجسد فإن جيش العطالى الخارج من هذا القطاع سوف يكون خميرة لكثير من القلاقل والاضطرابات التي تكلف كثيراً أرجو أن ننتبه.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.