فصل الخريف في البلاد هو موسم الحياة للناس، ففيه الاجتهاد من اجل وقت الحصاد، والآن قد شارف على نهايته وانقضت «عينة» السماك.. ويا سماء امسكي ماءك.. وباتت انظار الجميع نحو فترة «الدرت» التي هى فترة قطف ثمار العمل الجاد، وفيها ينال الناس مبتغاهم، «الصحافة» شاركت الناس ايامهم في ايام «الدرت». الزراعة مواقيت مقولة سار على نهجها الناس، وموسم الخريف «عينات» وفترات موقوتة تفصل للعامة احوال موسم الخريف وفترات هطول المطر ومدى شدته وضعفه، والآن بدأ الناس في حصاد ما عملته ايديهم طوال الاشهر الماضية، وتسمى هذه الفترة «الدرت»، ففيها يعمل البعض على حصاد بعض انواع المحاصيل لضمان بيعها باسعار مجزية لمقابلة منصرفات ايام الخريف التي تقل فيها النقود كثيراً، ويقول المزارع احمد عبد الجليل إنهم يستفيدون من فترة «الدرت» في رص السمسم وربطه في حزم استعداداً لحصده، مشيراً الى أنهم يعمدون الى قطع قناديل الذرة في مرحلة الفريك لعمل ذرة المليل، وأبان عبد الجليل ان فترة «الدرت» من اهم فترات حياتهم، ويقول إن فترة «الدرت» تعني لهم تنوع موائد الطعام بكل طيبات الخريف، مشيراً الى ثمرات البطيخ والتبش والشمام والعنكوليب وبعض المحاصيل الاخرى التي تعني تنوع مائدة الناس. ويصف البعض من سكان ولايات كردفان والنيل الابيض والنيل الازرق وسنار فترة «الدرت» بأنها «الخير الوفير» و «موسم التكاتف والتعاون بين الناس»، ويؤكد العديد من سكان تلك المناطق أن «الدرت» يعني «الشبع»، مشيرين الى توفير الناس مؤونة عام كامل حتى الخريف القادم، بينما ماشيتهم وجدت المراعي وكثرت اعدادها. على أن فترة «الدرت» تحمل في نفس الوقت معاناة الناس، ويقول الفاضل البشرى ان فترة «الدرت» تعني العمل الشديد في غضون ايام قليلة من أجل حصاد المحاصيل، واشار الى ضرورة الانتهاء من الحصاد سريعاً قبل تلفه بعوامل الطبيعة وحركة الحيوانات. وأبان البشرى ان فترة «الدرت» يكثر فيها الحسكنيت والضريسة التي تؤلم اطرافهم وتتلف ثيابهم، ويذهب عبد الله حسن في ذات اتجاه معاناة الناس في موسم «الدرت» ويقول إن فترة «الدرت» تشهد ارتفاعاً حاداً في درجة الحرارة في مناطقهم، الأمر الذي يساعد في سرعة نضوج المحاصيل، مشيراً الى شيوع حميات تسود في هذه الفترة يعرفها السكان المحليون باسم «حمى «الدرت»» نتيجة العمل المضني وارتفاع درجة حرارة تلك المناطق. وأيام «الدرت» ليست كلها شقاء ففيها تكثر الافراح، ويؤكد الصادق عبد الله ان فترة «الدرت» تشهد معظم حالات الزواج، مشيراً الى انه هذه الفترة يحصل فيها الناس على «مؤونة» العام القادم من المحاصيل وتتوفر فيها النقود، مؤكداً أنها فترة الراحة للمزارعين والرعاة بعد انتهاء موسم الخريف، مضيفاً: «من لا يتزوج في هذه الفترة ليس بمقدوره الزواج الا بعد موسم الخريف القادم». والشاهد أن فترة «الدرت» بالرغم من صعوبات الحياة فيها جراء ارتفاع درجة الحرارة وشدة آلام العمل المضني، الا انها في الوقت نفسه تعني استمرارية الحياة، والاحساس بحالة من الأمن الغذائي تسود في تلك المجتمعات.