كامل ادريس والسفير السعودي: العلاقات بين البلدين علاقات متميزة ومتجزرة ومستمرة ومتوسعة لصالح الشعبين    رئيس مجلس السيادة يتلقى برقية تهنئة من الرئيس التشادي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الهلال يعلن حسم ملف"أمير"    مامون الطاهر الصوت الهادئ في زحام الإعلام الرياضي    شاهد بالفيديو.. الفنانة حنان بلوبلو تعود للغناء وتغني مع نجلها بقطر وتشعل الحفل بأغنية (بالعصر مروره)    كريستيانو رونالدو يحسم مستقبله مع النصر السعودي    شاهد بالصورة.. المودل السودانية الحسناء تسابيح دياب تخطف الأضواء وتبهر المتابعين بالحجاب بعد أدائها فريضة الحج والجمهور يتغزل: (ملكة جمال الكون)    رئيس الوزراء: أتابع معاناة حجاج السودان وستتم محاسبة المتورطين في الكارثة    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    المشروع الساقط… والمجلس الصامت!"    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رونالدو…ذهب الاربعين    تنقّل بين 49 منزلاً.. أحمد الشرع يكشف تفاصيل حياته الزوجية    يوم عيد وانتهى    للمرة الثانية.. البرتغال تتوج بدوري الأمم الأوروبية بعد الفوز على إسبانيا بركلات الترجيح    7 وزارات لحركات الكفاح.. الكشف عن ملامح حكومة كامل إدريس الجديدة    د.ابراهيم الصديق على يكتب: الضعين..    ترامب يلوّح بنشر الجيش    السودان..الكشف عن تحرّك مريب لمجموعة حركة مسلّحة    شاهد بالصورة والفيديو.. بصوت جميل وطروب.. عريس سوداني يغني لعروسته ويتغزل فيها: (البنات مهما اتجملوا زي جمالك ما بلحقو الله منك يا زينبو)    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضجة غير مسبوقة: (ميادة قمر الدين تملك جنبات وصلب وشطرنج دايرة ليها راجل بس) والجمهور: (شكلك كترتي من الشربوت)    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (أنا رتبتي فريق مدينة لكن المرحوم حميدتي فريق خلا)    ضربات عسكرية ضدّ 5 قواعد في مالي    اتحاد الكرة السوداني يحدّد مكان المرحلة الأخيرة للدوري التأهيلي    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    التضليل الإعلامي .. السلاح الخطير..!    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    رواندا تعلن انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    السودان.. الشرطة تعلن عن"امرأتين" داخل دفار    برلمانيون تشاديون: روسيا من شركائنا الرئيسيين وسنرد بالمثل على قرارات ترامب    تفاصيل اللحظات الأخيرة لأستاذ جامعي سعودي قتله عامل توصيل مصري    شندي: السجن عشرين عاما لمتهم تعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    الشمالية.. أسعار الخراف بين 400 الف جنيه الى مليون جنيه    تشمل دول إفريقية..ترامب يحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة    شاهد بالفيديو.. المواطنون يقررون الاستمتاع بالعيد داخل منازلهم.. مئات البصات السفرية تغادر مدينة بورتسودان في يوم واحد صوب العاصمة الخرطوم وبعض الولايات    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    وفاة الفنانة سميحة أيوب .. سيدة المسرح والسينما    روضة الحاج: وأصيح بالدنيا هنا الخرطوم ! هل نيلُنا ما زال يجري رائقاً هل في السماءِ سحائبٌ وغيومُ؟ هل وجهُ (بحري) مثل سابقِ عهدِه متألِّقٌ وعلى الجبينِ نجومُ ؟    عناوين الصحف السياسية السودانية الصادرة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    تعرف على أسعار خراف الأضاحي بمدني وضعف في الشراء    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن حادثة سرقة ثمانية كيلو ذهب وتوقف المتهمين    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    بشاشة زرقاء.. "تيك توك" يساعد الشباب على أخذ استراحة من الهواتف    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    حبوب منع الحمل قد "تقتل" النساء    السلطات في بورتسودان تضبط تفشل المحاولة الخطيرة    "رئيس إلى الأبد".. ترامب يثير الجدل بفيديو ساخر    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشاكل الاجتماعية بين الحقيقة والأمل
وقفات مهمة
نشر في الصحافة يوم 22 - 04 - 2010


الغرق في عالم الجنس ولذة الجسد انحطاط حيواني
٭ عبر التلفون اتصلت بي قارئة.. اخجلت تواضعي كثيراً.. قالت لي انك تناقشين قضايا كثيرة وحيوية وتغوصين في اعماقها ولكني احسست بأنك لا تتعمقين في مشاكلنا نحن الشابات.. قلت لها هل مشاكلكن خارج اطار مشاكل هذا المجتمع؟ قالت مشكلة الزواج!! نريد منك ان تجعليها محل وقفتك القادمة.. وعدتها ووضعت التلفون وداهمتني دوامة العمل ومشاكل السياسة والانتخابات والانسحابات وتجمع جوبا وأمور كثيرة استغرقتني كما تستغرقكم ولا ندري الى أين نحن مساقون.. حكومة ومعارضة.
٭ ولما انفرد بنفسي.. وانفرادي بها هو لحظات عذابي الممتع.. ليس عذاب خلف الله الذي «جنن الناس» عذابي الممتع الذي اصارع فيه من اجل ان اعبر عما يدور في ذلك العالم المذهل.. عالم اغوص فيه بكل حواسي وعواطفي وعقلي.. عالم محاولاتي الذاتية لفهم الانسان.. الانسان في كل مكان وكل زمان.. الانسان ذلك الكائن العظيم.. النادر الغريب.. الانسان التراب الاثير.. النار.. الماء.. والهواء يتشبث بالمادة ويحلق في عوالم المثاليات ويلتهب في فراش النشوة الجسدية ويتجاوز حدود العقل.. والعاطفة.. ويشعل الحروب ويرعى الفتن.
٭ وظلت رسالات السماء كلها وجهود العلماء والفلاسفة والمصلحين الاجتماعيين تعمل على خلق التوازن على ظهر الارض.. التوازن الناتج من المزج المحكم بين لذة القلب والجسد والعقل.. فالفرق في عالم الجنس ولذة الجسد انحطاط حيواني.. والتهويم في المثاليات ضرب من التطاول على الله في صنعه لا يمتلكها إلا هو وهى الكمال.
٭ ومحاولات الانسان الكامل اوردت الكثيرين من المتصوفة موارد الهلاك.. والغرق في الماديات والمعادلات الحسابية يجرد الحياة من مباهجها ووجهه الانساني.. المهم هو حفظ التوازن بسيادة فرضيات الاخلاق السوية واحترام مكونات الانسان العاطفية والعقلية والجسدية.. ناقشت نفسي حول هذه المسألة طويلاً في اطار ما قالته محدثتي صباح ذلك اليوم.. وكنت قد فرغت لتوي من قراءة صحف اليوم.. مشاكل الزواج بالإكراه.. اعلانات المحاكم الشرعية.. وطلب الطلاق بسبب الغيبة والإعسار.. ابنة الاربعة عشر عاماً التي قتلت امها طعناً بالسكين لأنها منعتها من الجلوس في الانترنت وترك واجباتها في المنزل.. والاب الذي قاد اطفاله الاربعة واغرقهم في النهر.. شابة قتلت اختها لأنها هددتها بكشف سر علاقتها مع سائق الركشة الذي ينقلها الى المدرسة.
٭ حاولت ان استوعب كل مخزون معلوماتي في هذه الدائرة.. مشاكل الشابات ومشاكل المجتمع.. ذلك البحث الذي قراءته قبل أعوام طويلة قاربت الثلاثين عن احدى قبائل الانقسنا.. والزواج عند هذه القبيلة يتم عن طريق البدل.. تزوج اختك وتتزوج اختي وتظل حياة الاسرتين مرتبطة بلا ادنى أسس من العدل.. اذا حدث شجار في احدى الاسرتين وذهبت الزوجة الى بيت أهلها تذهب اخت الزوج تلقائياً الى بيت أهلها أيضاً.
٭ ومن المفارقات المذهلة والطريفة هى اذا حدث ان هربت احدى الزوجتين مع آخر يذهب زوج الهاربة ويأتي باخته الى ان ينظر في قضية الهاربة وان ظهرت ترجع الى زوجها كأن شيئاً لم يكن ويحاكم الذي هربت معه بغرامة طفيفة وبعدها يتباهى زوج الهاربة بأن زوجته جميلة ومرغوب فيها وإلا لما هربت.
٭ واستمر في الاستعراض العابر عن مفهوم هذه المؤسسة (الزواج) عند بعض القبائل فمثلاً في جنوب السودان سلطان قبيلة الباريا لا يعرف عدد زوجاته.. وآخر يتزوج من خمس وعشرين امرأة في وقت واحد.
٭ وفي كتاب ذكريات بابو نمر للدكتور فرانسيس دينق.. ذكر ان والده دينق سلطان الدينكا نقوك بلغ عدد زوجاته المائة وعشرين زوجة.. وفي بعض القبائل أيضاً يختطف الشاب الفتاة التي يود الزواج منها ويدخل بها الى الغابة وبعد العثور عليهما تتم مراسم الزواج بعد ذلك.. هذا يحدث في السودان وغيره كثير وكثير.
٭ دار في ذهني كل هذا وأنا اتذكر ثورة القارئة العزيزة واتساءل أى مشكلة للزواج تريدني ان اناقشها؟ أهى طريقة الاختيار؟ ام الزواج الجماعي؟ ام العادات والتقاليد التي تصاحب مراسم الزواج ام ماذا؟؟
٭ ولكني ارتأيت طرح هذه المسألة من زاوية اخرى.. زاوية مفهوم تلك المؤسسة الاجتماعية الهامة التي نطلق عليها اسم الاسرة او بيت الزوجية.
٭ في البداية فليسمح لي كل الذين يعتقدون ان المشاكل الاقتصادية التي تجابه الشباب هى وحدها التي تقف أمامهم ليسمحوا لي ان اقول لهم بالرغم من انها مشكلة كبيرة وعقبة كاداء في طريقهم لكنها ليست المشكلة الوحيدة ولا الخطيرة.. فالمشاكل لا تكمن في هذا الجانب وحده وإنما في جوانب كثيرة تختلف وتتعدد مفاهيم وعادات وتقاليد قبائل السودان الكثيرة او بعبارة اخرى المسألة تتلخص في العمل على ايجاد مفهوم جديد لعلاقة الرجل بالمرأة في السودان ومفهوم جديد للاسرة والتساؤلات هنا كثيرة:
- لماذا يتزوج الناس؟
- كيفية الاختيار؟
- ما معنى الاسرة ودورها في المجتمع؟
٭ وللاجابة على هذه التساؤلات يجب ان نضع الحقيقة الآتية وهى أن العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع السوداني بشكل عمومي تقوم على مثلث دعائمه اولاً مكانة المرأة الدونية باعتبار انها انثى خلقت لامتاع الرجل وخدمته.. وثانياً جهل كل من الجنسين بالآخر ما يفرغ الاختلاط وعلاقات الزمالة والمودة من كل معنى انساني إلا فيما ندر وثالثاً اعتمادية المرأة اقتصادياً على الرجل.. وكل ضلع من هذا المثلث يجر خلفه اطناناً من المشاكل والمتاعب المتعددة.
٭ ناقشت هذه المسائل مع كثير من الشابات وكنت ابتدرهن بالسؤال هل هناك مشاكل زواج؟ وفي الغالب الأعم تكون الاجابة عفوية وسريعة بأن المشكلة في عدم وجود العرسان وليست في الكيفية التي يتم بها (العرس) قالت لي إحداهن بثبات وثقة وأنا اشاركها الرأى.. لا توجد قوة في الارض تمنع ارتباط اثنين جمع بينهما (الحب) والكارثة هنا في العاصمة وواقع الشاب الذي يعاني من الازدواجية يحب ويقوم بدور العاشق الولهان مع زميلة الدراسة أو العمل ويتزوج بت العم أو الخال أو التي تختارها الأم او الاخت.
٭ لا اريد ان اقلل من شأن الجهود الجارية لدراسة مشاكل الزواج من جوانبها الاقتصادية.. فهى مشكلة قد تترك ظلالها السلبية على حياة المجتمع.. ولكن ارى وحسبما نأمل ان يكون سودان الغد.. السودان الجديد.. ان القضية يجب ان تقدم في اطار فهم واقعي ومتقدم لمعنى الثورة الاجتماعية وهى البحث الدؤوب والجاد عن تأسيس مفهوم جديد للزواج.. المفهوم الذي تتحقق فيه المعادلة الصعبة بين أركان الانسان الثلاثة العقل.. والقلب.. والجسد.. المفهوم الذي تتحرر فيه العلاقة بين الرجل والمرأة من عبودية (الجنس) بالشكل الحيواني.
٭ من الأشياء التي ازعجتني ووقفت عندها كثيراً تعريفاً للزواج ورد في كتاب (المرأة في الاسلام) للدكتور وافي والتعريف هو ( ان الحب والغرام من مقومات العشق وليس من المقومات الاساسية للزواج في شتى اشكاله فالزواج يقوم على دعائم عمرانية اسمى كثيراً من شؤون العواطف والوجدان.. انه وظيفة اجتماعية يؤديها كلا الزوجين لصالح المجتمع وصالح النوع الانساني وهى بمقتضياتها على كاهل كليهما واجبات حيال الآخر وحيال الاسرة والوطن والانسانية جمعاء).
٭ وأنا سقت هذا التعريف لا لاناقشه ولكن لاشير للذي يلحق بمفهوم الاسلام للزواج كأن الاسلام يرفض المودة والحب.. والله في كتابه العزيز يقول (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) صدق الله العظيم.
٭ عموماً الواجب المقدم في رأيي هو استهداف الافكار السائدة في ذهنية الرجل السوداني عن المرأة، الافكار التي تحاول إبقاء المرأة على ما هى عليه.. (فلان اخد بت فلان) (والمره دقها بأختها) عملية بيع وشراء وتأديب ومكايدة.. والافكار التي تفلسف وتعمق الوضع التقليدي للمرأة باعتبار انها انثى وخلقت هكذا.. وانها لغز غير قابل للحل.. اشير لافكار العقاد ومن تتلمذوا عليه.. والافكار التي تنادي بتحرير المرأة ويمارس اصحابها عكس ما يقولون.. ينادون بأن تخرج المرأة وتعمل ويغلقون الابواب على اخواتهم وزوجاتهم.
٭ هذه رؤوس موضوعات حول مشاكلنا الاجتماعية بين الحقيقة والأمل فتطور الانسان كان وما زال عملية مستمرة وبالتالي عمليات التغيير الاجتماعي ستظل مطروحة على الدوام الى ان تصل الانسانية الى حل المعادلة الصعبة.. ايجاد التوازن الذي يحول الانسان الى كائن قادر على تلقي جميع لذات الحياة.. لذة الرأس ولذة الجسد ولذة القلب داخل تلك المؤسسة الاجتماعية المقدسة (الزواج).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.