فى عام 2005م واعناق الشعب السودانى كله تشرئب الى ضاحية نيفاشا حيث المفاوضات تجرى هناك عسى ولعل ان يتحقق السلام ويقف نزيف الدم الذى طال امده بين السودانيين جنوبيين وشماليين ، كان الشعب السودانى كله يبحث عن السلام بعد ان ذاق ويلات الحرب وفقد اعز بنيه وتفاءل خيراً عندما امسك ملف التفاوض الشيخ / على عثمان محمد طه الرجل المعروف بحنكته السياسية وقدراته العقلية اللامحدودة ، فى هذا الوقت الذى يبحث فيه جميع السودانيين عن السلام كان لاهل غرب كردفان موقف لا ينساه التاريخ ولن تنساه لهم اجيال السودان الحاضرة واللاحقة حيث تنازلوا طواعية عن حقهم المشروع الذى كفله لهم دستور السودان بقيام ولاية غرب كردفان ، لكن لما كان السلام من اجل جميع الشعب السودانى رضى اهل غرب كردفان ان تذوب الولاية فى جنوب كردفان فداءاً للسلام وحقناً للدماء ، ودليل على وحدة النسيج الاجتماعى بين الولايتين ، كان لموقف اهل غرب كردفان مع عملية السلام اثر واضح على تحقيق الامن والاستقرار خاصة فى مناطق انتاج البترول ، الآن وقد انتهت الفترة المحددة لذوبان الولاية المقصود منه اصلاً دعم العملية الانتخابية لترجيح كفة الميزان لصالح المؤتمر الوطنى ضد خصمه اللدود الحركة الشعبية ، وقد تم ذلك بالفعل رغم المشاركة الضعيفة نسبياً فى انتخاب الوالى الذى اسعفه السيد رئيس الجمهورية فى اللحظات الاخيرة من الحملة الانتخابية ولولا تدخل الرئيس لسقط الوالى فى غرب كردفان دون ادنى شك ، والمشاركة الضعيفة رغم ثقل الولاية المعروف جاءت نتيجة للغبن وعدم الاهتمام بانسان الولاية وتقديم الخدمات الاساسية له من صحة وتعليم وتنمية شاملة ، لكن الذى لاشك فيه ان الذى انقذ الموقف الانتخابى هو مشاركة الرئيس الفاعلة وخطاباته القوية فى كل من الفولة وبابنوسة ولقاوة والمجلد ومسك الختام كادقلى ، ولان بين الرئيس واهل غرب كردفان مواقف بطولية يعرفونها عنه عندما كان ضابطاً فى تلك المناطق لذلك استجاب اهل غرب كردفان لدعوة الرئيس للمشاركة الفاعلة فى الانتخابات بعد ان وعدهم من خلال الحملة الانتخابية بعودة ولاية غرب كردفان بعد الانتخابات ، والوالى نفسه وعد بذلك فى اكثر من لقاء جماهيرى وظلت آمال الجماهير متعلقة بهذا الوعد الذى طال امده حتى اصبح كالوعد بالتنمية وتحسين الحال فى الخدمات الاساسية والضرورية ولاشئ من هذا ولا ذاك قد تحقق !!!! فقد عهدنا دائماً الساسة يكررون العبارة المشهورة ( الوفاء لاهل العطاء ) اذن فاين الوفاء فى حال غرب كردفان بعد ان اوفت هى بكل استحقاقات السلام راضية غير مكرهة ، ومازالت غرب كردفان من اهم الثغور التى تطل على دولة جنوب السودان وتصد عنا كثيراً من الفتن وشرور الجنوبيين خاصة اذا علمنا انها - اي غرب كرفان - تحادد ثلاث ولايات جنوبية شمال بحر الغزال ، وواراب ، وولاية الوحدة ، ان عودة ولاية غرب كردفان فى تقديرنا وفى هذا الوقت بالتحديد يعزز الامن الوطنى القومى بعد ان اصبحت غرب كردفان ولاية حدودية ومستهدفة من دولة الجنوب لما تتمتع به من ثروات حيوية ، سواءً كانت الثروة البترولية او الحيوانية او الزراعية او الغابية ، ولو ان الامور تأتى بالتمنى لتمنينا ان تعود غرب كردفان اليوم قبل الغد ، وان تعلن عاصمة السودان الاقتصادية وتوجه لها كل امكانيات الدولة لتقوم بدورها القيادى تجاه دولة الجنوب الحاقدة ، وامر كهذا ان تم يمكن ان يعالج كثيراً من الخلجات النفسية التى تساور بعض الشباب الثائر فى غرب كردفان كما كانت من قبل شهامة ، وشمم ، وغيرها وانى على يقين بان الساسة الجنوبيين يتخاطبون ويتناجون بالاثم والعدوان مع بعض الشباب من هذه المداخل الشيطانية التى لاتجد من قادتنا ومسئولينا على المستوى المحلى اى اهتمام وتقدير ويعتبرونها مجرد تفلتات امنية ان حصلت ، او حركات شبابية زائدة الطموح لدرجة الجنوح ، بالضبط كما حصل فى تفلتات الحمرة وام سردبة ، وام دورين - حسب زعمهم - والتى قضت من بعد ذلك على الاخضر واليابس ، نحن قوم ابتلانا الله بمسئولين لا يفرقون بين الاسباب والمسببات كما يفعل بعض المسئولين فى الدول المتقدمة - ولو نسبياً - كماليزيا ، طافت بمخيلتى وانا اكتب هذا المقال الحكمة الماليزية التى اتخذها رئيس الوزراء الماليزى محمد مهاتير مع بعض المتفلتين الصينيين فى ماليزيا وكيفية التعامل معهم حيث قال ( لقد هزمنا تلك العصابات الارهابية ليس عن طريق العمليات العسكرية فقط ولكن اكثر من ذلك بكسب قلوب وعقول الذين يساندونهم ويساعدونهم ، وبما ان العصابة كانت تنتمى الى العرقية الصينية فقد بحثنا وتعرفنا على الاسباب التى ادت الى تمردهم وقمنا بمعالجتها اخيراً ووضعنا حداً للارهاب فى ماليزيا ) الشاهد فى كلام هذا الرجل طريقة تعامله مع المستجد من المشكلات من اللحظة الاولى حيث ان القاعدة الاساسية فى ذلك دراسة اسباب المشكلة اولاً ، والمسببات التى ادت الى ظهور الاسباب ثانياً ، وبالتالى وضع المعالجة المناسبة لاى حدث ولايمكن لعاقل ان يرى اسباباً ظاهرةً ثم يغض الطرف عنها باعتبار انها سحابة صيف عابرة ليس وراءها غزير امطارٍ ، هكذا نحن نتعامل مع قضايانا دائماً ولاندرك ان مستصغر النار من معظم الشرر ، وان العود المافيهو شق ما بقول طق ، وانه لا دخان بدون نار نورد هذه الشواهد وعلمنا ان هناك حراك واسع وسط بعض القيادات والشباب واهل المنطقة عموماً ، ومجالس سمر هنا وهناك كلها تدور حول عودة غرب كردفان الى ماكانت عليه قبل الذوبان باعتبار ان ذلك وعد من الرئيس والوالى وان عودة غرب كردفان ليس لها علاقة بما يجرى فى اديس ابابا فذلك امر يخص جنوب كردفان بوضعها الجغرافى القديم ، ويتساءل بعضهم من الذى يقف وراء عدم عودة غرب كردفان خاصة وان رئيس الجمهورية خطا خطوات جادة وعملية وصادقة تؤكد حرصه على الوفاء بالعهد الذى قطعه لاهل غرب كردفان اثناء الحملة الانتخابية ، والدليل على ذلك القرار الجمهورى رقم 103 لسنة 2012م بتاريخ 11/4/2012م الذى كون بموجبه لجنة لدراسة الترتيبات الخاصة باعادة ولاية غرب كردفان عملاً باحكام المادة (51 / أ) من دستور جمهورية السودان الانتقالى لسنة 2005م ، وقد ضمت اللجنة عدداً من القيادات الوطنية البارزة على رأسهم اللواء حقوقى / حاتم الوسيلة الشيخ السمانى ، والبروفسير / ابراهيم ابوعوف ، والادارى المتميز على جماع وآخرون ، وتتلخص مهام اللجنة فى :- 1- دراسة الاوضاع القانونية والاجتماعية والادارية والامنية . 2- اقتراح الخيارات والحلول المناسبة لعودة غرب كردفان . 3- الاستماع الى وجهات نظر حكومة الولاية ممثلة فى جهازها التنفيذى والتشريعى ، والهيئة التشريعية القومية ، وكافة فعاليات المنطقة السياسية والاجتماعية . 4- واخيراً وضع خارطة طريق تحدد الاجراءات الدستورية مع اقتراح جدول زمنى مناسب لذلك الامر ، هذه الاجراءات اعتبرها اهل غرب كردفان بمثابة رد الجميل الى اهله ووفاءاً للعهود والالتزامات باعتبار ان الرائد لايكذب اهله ، اذن الطرف الاول وهو الرئيس اوفى بالتزامه الادبى والاخلاقى بقى الطرف الثانى وهو حكومة الولاية التى يقع عليها عبء متابعة اجراءات اللجنة المركزية - مش للحزب الشيوعى - بل لعودة غرب كردفان لترفع تقريرها النهائى للسيد الرئيس لاصدار الحكم بالعودة بعد ان انتهت كل مسببات التذويب او الاندماج اللهم الا ان كان مايتعلق بالاجراءات الدستورية المتعلقة بشأن الولاة لحين تقسيم الولاية الى ولايتين كما حصل فى بعض ولايات دارفور. ان عودة غرب كردفان فى تقديرنا يمكن ان يحقق الكثير للسودان وعدم عودتها والاستجابة لرغبة اهلها يمكن ان يأتى بنتائج عكسية اقلها عدم الرضا عن المركز ولسنا فى حاجة لسماع اصوات نشاز هنا او هناك طالما ان العودة ستخرص ألسن الجميع ، ولنا فى تقسيم ولايات دارفور بعد مؤتمر الدوحة سابقة حكمية يمكن ان تُبنى عليها جملة من الاحكام الدستورية . اخيراً نهمس فى اذن القيادة المركزية وبالاخص - المؤتمر الوطنى - لابد من الانصات الجيد لاى صوت خاصة اذا كان من حوش المؤتمر الوطنى وان الاستماع الى الاصوات الرسمية فقط هو السبب الرئيسى فى كثير من مشاكلنا فالمسئول الرسمى على بقائه فى السلطة لاطول فترة ممكنة حتى ولو كان ذلك على حساب ارواح البشر ، وقد يكون للطرف الآخر غرض شخصى كذلك طالما انهم جميعاً بشر لكن المقارنة بين الاقوال قد تساعد فى الوصول الى نتائج افضل ولهذا السبب كانت الحكمة من عدد الشهود اكثر من واحد فى معظم القضايا . اللهم ألا هل بلغت اللهم فاشهد ، وعوداً حميداً ياغرب كردفان .