نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    بالفيديو.. شاهد أول ظهور لنجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب على مواقع التواصل قبل 10 سنوات.. كان من عشاق الفنان أحمد الصادق وظهر وهو يغني بصوت جميل    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    هل انتهت المسألة الشرقية؟    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    لأهلي في الجزيرة    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول مقالات د. سلمان وما اشتملت عليه من أخطاء جسيمة
نشر في الصحافة يوم 24 - 09 - 2012


مقدمة مهمة:
لقد برزت في الآونة الأخيرة أشياء غريبة غير مألوفة، منها أن حديثي العهد بالقوانين الدولية جعلوا من أنفسهم خبراء عالميين، وكل حصيلة إنجازهم أنهم يقومون بنقل القوانين والاتفاقيات القائمة نقل مسطرة، ويملأون بها الصفحات ثم يختلقون «حادثة» لم تحدث أصلاً ولم تكن موجودة أصلاً على أرض الواقع، ثم يبدأون في تشريحها وتحليلها وتقييمها، ويصلون إلى نتائج وهمية، ثم يبدأون في توجيه النقد والهجوم والتهكم على شخص ما والوفد المرافق له، ثم ينكشف الأمر وتظهر الحقيقة.
وفي هذه المقالة نود أن نصوب ما كتبه الخبير الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان في العديد من المقالات، وأن نلقي الضوء على سياسات واستراتيجيات السودان المائية الراسخة المتطورة، مشيرين إلى مقالات الدكتور سلمان في كل الصحف ومنها صحيفتكم «الصحافة» الغراء، عن الناصح والمنصوح، وأن مقالاته تشتمل على أخطاء جسيمة وعلى بعض أحداث من نسج الخيال.. وقبل أن ندخل بتوضيح الأخطأ الجسيمة والرد عليها نود أن نلتمس من الإخوة الخبراء ألا يركنوا إلى التجني على السياسات والاستراتيجيات المائية السودانية الراسخة العريقة، وذلك خط أحمر لا يمكن السكوت عليه وألا يصطنعوا معلومات أو وقائع لم تحصل أصلاً على أرض الواقع ثم يتخذونها موضوعاً لتوجيه نقد غير مبرر لشخص ما أو للاستراتيجيات المائية نفسها، وذلك أمر لا يمكن التسامح فيه ولن يمر مرور الكرام، كما نود أن نذكر بأنه إذا كانت هنالك معركة بين خبير وآخر ينبغي عدم إقحام السياسات المائية السودانية الراسخة في مثل هذه المعارك.
أولاً الخطأ الجسيم الأول واجتماع كنشاسا مايو 2009م:
1/ الخطأ الكبير الذي وقع فيه دكتور سلمان محمد سلمان أنه في كل مقالاته وفي البند رقم «4» في مقاله أراد أن يشهر ويتندر على وفد السودان في الاجتماع الوزاري الذي انعقد في مايو 2009م بكنشاسا، حينما اصطنع واقعة لم تحدث أصلاً وفبرك مسرحية فاشلة «حيث ادعى أن السودان انسحب من اجتماع كنشاسا الذي انعقد في مايو 2009م بعد أقل من ساعة من بدايته وعاد إلى الخرطوم، احتجاجاً على مناقشة الاجتماع لاتفاقية عنتبي، وأن مصر واصلت حضور الاجتماع، وأن السودان أعلن بعد ذلك مباشرة انسحابه من مبادرة حوض النيل وعاد وأعلن تجميد عضويته، وأن الموظفين السودانيين ظلوا يعملون في المكاتب وفي النيل الشرقي، وأن السودان شارك في اجتماعات مجالس المبادرة»، إلى هنا انتهى حديث الأخ د. سلمان محمد سلمان، وفيما نورد أخطاء الأخ سلمان في ما ذكره في هذه الفقرة: وفي إخراج مسرحي ادعى أن الدهشة بدأت علي أعضاء الجانب المصري والوفود الأخرى.. يا لها من إدعاءات غريبة! وحتى دكتور مفتي نفسه الذي لم يكن حاضراً هذا الاجتماع أخطأ في تصوير ما دار في هذا الاجتماع .. لذلك لا بد من سرد الحقيقة بكل صدق وأمانة:
أ أولاً إن السودان لم ينسحب من اجتماع كنشاسا في مايو 2009م، بل غادر الاجتماع بعد الانتهاء من مناقشة الأجندة، وهي كانت بنداً واحداً فقط عبارة عن إخطارنا بقرارات دول حوض النيل الأعلى التي سبق أن اتخذتها بانفراد لوحدها قبل أيام من اجتماع كنشاسا، والتي تقضي بوقف التفاوض من جانبهم حول الاتفاقية الإطارية، حيث أن الاجتماع الوزاري بكنشاسا الذي انعقد في مايو 2009م كان مخصصاً أساساً لبحث تقدم العمل في مشروعات حوض النيل الاستوائي، ولكن قبل خمسة أيام من ذلك الاجتماع بعث الوزير الكنجولي بوصفه رئيس الدورة رسالة لوزراء دول حوض النيل طلب منهم فيها أن ينتظروا يوماً آخر بعد اجتماع دول حوض النيل الاستوائي لاجتماع قصير لأنه يود أن يقدم لهم تقريراً حول الاتفاقية الإطارية.. وفعلاً بعد الاجتماع الخاص بوزراء دول حوض النيل الاستوائي في 19 20 مايو 2009م انعقد الاجتماع الوزاري الذي دعا له الوزير الكنجولي مباشرة الذي استغرقت أجندته المقررة الأساسية زمناً قصيراً، حيث قرأ الوزير الكنجولي ورقةً من عدة أسطر قال فيها إن دول المنبع السبع اجتمعت لوحدها قبل أيام وقررت إيقاف التفاوض بشأن نقاط الخلاف الخاصة بالاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، وأنها قررت أن توقع كل دول حوض النيل على الاتفاقية الإطارية مع استبعاد البند «14 ب» الخاص بالاستخدامات الحالية والحقوق لكل دول حوض النيل، واستبعاده من الاتفاقية الإطارية ووضعه ملحقاً، على أن يتم توقيع كل الدول على الاتفاقية الإطارية بما فيها السودان ومصر كشرط، وبعد ذلك يتم بحث نقاط الخلاف خلال ستة أشهر، وإذا تعذر الوصول لاتفاق يحال الأمر إلى تحكيم دولي، وهنا سأل الوفد السوداني الوزير الكنجولي إن هذا الأمر كان مقرراً أن يبحث في اجتماع يوليو 2009م بالاسكندرية ولكنكم بادرتم باتخاذ هذا القرار المفاجئ الآن، كما أن هنالك قراراً بالإجماع من كل وزراء دول حوض النيل بأنه في حالة عدم توصل الوزراء لاتفاق بشأن نقاط الخلاف حول الاتفاقية الإطارية يرفع الأمر لرؤساء الجمهوريات، ورد الوزير الكنجولي قائلاً إن دول المنبع السبع قررت من جانبها إلغاء ذلك القرار ووقف أي تفاوض وعدم رفع الخلاف لرؤساء الجمهوريات، وقال الوزير الكنجولي: أمامي الآن تسع نسخ من الاتفاقية الإطارية نوزعها عليكم ليتم التوقيع عليها عندما تعودوا لبلادكم، مع استبعاد البند «14 ب». وإلي هنا انتهى تقرير الوزير الكنجولي، ثم سأل الوفد السوداني الوزير الكنجولي مرة أخرى: هل هنالك أي بند آخر في أجندة هذا الاجتماع؟ فقال لا .. البند الوحيد هو أن نخطركم بما توصل إليه وزراء دول المنبع أو النيل الأعلى. وإزاء ذلك قال الوفد السوداني إن هذه القرارات التي اتخذتها دول المنبع «أي دول النيل العليا» لا تصب في مصلحة التعاون بين دول حوض النيل وتؤدي إلى انقسام، وأرجو صادقاً مراجعة هذا الموقف من جانب دول حوض النيل الأعلى.. وهنا ذكر الوزير المصري وهو يحضر اجتماعات المجلس الوزاري لأول مرة منذ تعيينه، أن لديه استفسارات حول التحكيم الدولي بشأن نقاط الخلاف، وذكر له الوزير الكنجولي أنه إذا كان لديه أي اقتراح بشأن التحكيم الدولي عليه أن يقدمه كتابةً ليضمن في المحضر. وهنا سألنا الوزير الكنجولي عن مصير الاجتماع الوزاري في يوليو 2009م بالاسكندرية، فقال إن ذلك الاجتماع سيعقد في مواعيده، وكان هذا البند الخاص بتحديد زمان ومكان الاجتماع الوزاري القادم هو آخر بند في أجندة هذا الاجتماع، وسأله الوفد السوداني مرة أخري هل لديكم أي بند آخر في أجندة هذا الاجتماع، فأجاب بالنفي .. وكل ما دار في هذا الاجتماع لم يستغرق زمناً طويلاً، وهنا قلت للوزير الكنجولي طالما أن الغرض من اجتماعكم هو إخطارنا بما توصل إليه وزراء دول المنبع من قرارات فإني أرجو أن تسمحوا لي بالمغادرة، أما الوفد المصري فقد انتظر بعد ذلك مع بقية الوزراء، حيث كتب استفساراته حول التحكيم وسلمها لرئيس الاجتماع، وقد اتصلت فيما بعد بالوزير الكنغولي بشأن المحضر كما هي العادة المتبعة.. كما قام الوزير المصري بتصويب ذلك المحضر فيما بعد، وأفادنا الوزير الكنجولي بأنه أدخل التصويبات معتذراً.. وبالتالي فإن السودان لم ينسحب احتجاجاً على مناقشة اتفاقية عنتبي، لأن الاجتماع لم يناقش اتفاقية عنتبي أصلاً، بل استمع إلى قرارات دول حوض النيل الأعلى التي تتلخص في إيقاف التفاوض كليةً من جانبهم بشأن الاتفاقية الإطارية. وواصلت مصر الاجتماع لأن لديها استفسارات حول التحكيم بشأن نقاط الخلاف، ولم أرَ أية دهشة على وجوه أعضاء الوفود الأخرى.
ب الخطأ الثاني في الاجتماع الوزاري أنه لم يناقش اتفاقية عنتبي 2009م لأنها وقعت في مايو 2010م: أما الخطأ الثاني الذي وقع فيه دكتور سلمان فهو أنه أخطأ عندما ذكر أن السودان انسحب احتجاجاً على مناقشة اتفاقية عنتبي في اجتماع كنشاسا في مايو 2009م، بينما اتفاقية عنتبي وقعتها دول المنبع السبع في مايو 2010م أي بعد عام كامل من اجتماع كنشاسا، مما يوضح الخطأ الجسيم الذي وقع فيه د. سلمان.
ت الخطأ الثالث أن السودان لم يجمد أو ينسحب من مبادرة حوض النيل مباشرة بعد اجتماع مايو 2009م بل بعد يونيو 2010م: أما الخطأ الكبير الثالث فهو أن د. سلمان ادعى أن السودان أعلن بعد ذلك مباشرة انسحابه من مبادرة حوض النيل وتجميده، وهذا خطأ وافتراء آخر من د. سلمان، لأن السودان لم يعلن تجميده في المشاركة في أنشطة مبادرة حوض النيل إلا بعد اجتماع أديس أبابا في يونيو 2010م، وليس في مايو 2009م.. ويا لها من أخطاء فادحة يا د. سلمان.
ث الخطأ الرابع أنه لم تذكر دول حوض النيل ولا المانحون أن هنالك ربكة في تجميد السودان ومصر لأنشطة المبادرة: الخطأ الرابع الذي وقع فيه د. سلمان أنه ذكر أن السودان أعلن انسحابه من مبادرة حوض النيل ثم عاد وغير موقفه وأعلن أنه جمد نشاطه وأن الموظفين السودانيين ظلوا يعملون ووصف ذلك بالربكة والتخبط. ونود أن نؤكد للدكتور سلمان أنه لا توجد ربكة أو تخبط في موقف السودان آنذاك، لأننا حددنا بوضوح لدول حوض النيل وللمانحين ولرئاسة البنك الدولي في واشنطون، أن النظام المؤسسي والقانوني ينص على انتهاء دور المبادرة بمجرد التوقيع على الاتفاقية الإطارية لإنشاء المفوضية، وأن موقفنا بالتفصيل هو أننا سنظل نجمد نشاطنا طالما أن هنالك إصراراً على عدم الوصول إلى إجماع حول الاتفاقية الإطارية، وحددنا لدول حوض النيل ماذا نعني بتجميد النشاط، لا سيما في ما يتعلق بالأنموذج والعون الفنلندي والموظفين السودانيين المعينين دولياً، وإن هذا الموقف متفق عليه مع مصر، وقد وافقت عليه القيادة العليا في السودان وفي مصر. هذا وأن الاجتماع الوزاري الذي سبق أن اقترحه السودان وتأجل في عام 2010م و 2011م وحتي الآن هو لبحث التداعيات المؤسسية والقانونية لمبادرة حوض النيل. أما ما ورد بأن دول المنبع بصدد اتخاذ قرارات خطيرة بعدم حضور الوزيرين المختصين المصري والسوداني في اجتماع يناير 2012م، فمن المؤكد أن الوزيرين سوف يتخذان ترتيبات لمعالجة ذلك الموقف.
وبالتالي فقد أوضحنا الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها الأخ الدكتور سلمان.
ج ما هي حقيقة المبادرة السودانية الجديدة: أما بصدد ما ذكر بأن هنالك مبادرة سودانية لحل النزاع بين دول حوض النيل، فقد كان هنالك مقترح للتوافق سبق أن قدمه السودان في اجتماع الاسكندرية عام 2009م، ومبادرة أخرى لرؤساء دول حوض النيل عام 2010م، ومبادرة أخرى تمت بلورتها استجابة لمبادرة من كينيا بشأن البند «14 ب»، ولكن كل وزراء دول حوض النيل أوضحوا للسودان ومصر بجلاء أنهم لا يوافقون على أية مبادرات جديدة بشأن الاتفاقية الإطارية، ولا يفتحون باب التفاوض، وإنما للتوقيع التوقيع التوقيع، مع استبعاد بند «14 ب» الخاص بالاستخدامات الحالية، وهذا ما رفضه السودان ومصر. ومما يجدر ذكره أن الكنجو التي كان وزيرها متشدداً انضمت إلى السودان ومصر في عدم التوقيع علي اتفاقية عنتبي.
2/ من هو واضع سياسات السودان المائية: ليس صحيحاً ما ذكره دكتور سلمان بأن دكتور أحمد المفتي هو المهندس الرئيس للسياسات التي اتخذها السودان في مسألة مبادرة حوض النيل واتفاقية عنتبي، بل أن القطاع الهندسي بوزارة الري والموارد المائية هو الذي يضطلع بوضع تلك السياسات ليرفعها لأجهزة الدولة العليا للموافقة عليها، وليس صحيحاً ما يدعيه دكتور سلمان وآخرون من أن تلك السياسات أدت إلى عزلة السودان.
3/ موقف السودان ومصر إزاء نقاط الخلاف الثلاث يؤكد اعترافهما بحقوق كل دول حوض النيل الأخرى قانوناً وعلى أرض الوقع بعيداً عن التشدد: ثم بعد ذلك في الفقرة «3» في مذكرة دكتور سلمان أشار إلى الخلافات الأساسية الثلاثة وهي البند «14 ب» والإخطار المسبق والتصويت لاتخاذ القرارات. وقال الدكتور سلمان إن موقف السودان متشدد في ما يتعلق بهذه الخلافات الثلاثة، ونود أن نقول له إنه بالنسبة للإخطار المسبق فهذا بند منصوص عليه في الاتفاقية الدولية، وإن مشاورات السودان ومصر مع دول حوض النيل أوضحت أنه يمكن التغلب على هذه النقطة بأن يكون هنالك إخطار مسبق بوسيلة يتم الاتفاق عليها.. وكذلك الحال بالنسبة لمنهج التصويت في ما يتعلق بالتصويت لتعديل الاتفاقية. وقبل أن يتم تسجيل الاتفاق بشأن هذين البندين رسمياً أوقفت دول المنبع التفاوض، وبالتالي ليس هنالك تشدد من السودان ومصر.. أما الإدعاء الخاطئ من الدكتور سلمان بأن السودان ومصر لا يعترفان بحقوق الدول الأخرى وعدم الاعتراف بنظرية الانتفاع المنصف والمعقول، فهذا إدعاء خاطئ، لأن أول بند في سياساتنا المائية هو الاعتراف بحقوق دول حوض النيل الأخرى في مياه النيل، وأن نظرية الانتفاع المنصف والمعقول مضمنة في الاتفاق الإطاري، وقد وافقنا عليه نحن ومصر. كما أن اتفاقية 1959م تتضمن اعترافاً ضمنياً بحقوق دول حوض النيل الأخرى التي أشير إليها بعبارة مطالب، بل إن موافقة السودان ومصر على البند «14 أ» الخاص بالأمن المائي والمضمن في الاتفاقية الإطارية دليل على اعتراف السودان ومصر بحقوق دول حوض النيل الأخرى. إن البند «14 ب» ينص على المحافظة على الاستخدامات الحالية والحقوق لكل دول حوض النيل، لذلك لم نكن نرى أي سبب لرفض دول المنبع للبند «14 ب»، لذلك ليس هنالك أي تناقض أو ارتباك في موقف أو سياسات السودان.
4/ ما هو الدليل على اعتراف السودان ومصر بحقوق دول حوض النيل الأخرى قانوناً ونظرياً وعلى أرض الواقع؟: وكبرهان ودليل قاطع على أن اعتراف السودان بحقوق دول حوض النيل الأخرى فإنه عندما تقدم البنك الدولي قبل سنوات للسودان ومصر بطلب للموافقة على إنشاء سدود صغيرة في وديان في المنطقة الواقعة حول بحيرة تانا في إثيوبيا، فإن وزيري الري والموارد المائية تشاورا في الأمر ووجدا أن المياه التي سوف تستغل في تلك السدود لا تؤثر على الدولتين، ولذلك وافق السودان على طلب البنك الدولي.. كما أنه في الأعوام الثلاثة الماضية طلب البنك الدولي من السودان ومصر الموافقة على إنشاء مشروعات ري في رواندا، وتمت الموافقة، وأخطرنا وزارة الخارجية الرواندية عن طريق وزارة الخارجية السودانية بأن ذلك يصب في التعاون المشترك بين دول حوض النيل .. كما أن طلباً مماثلاً من البنك الدولي بشأن إنشاء مشروعات ري في بورندي وافقنا عليه .. كما أن السودان ومصر سبق أن وافقا على قيام خزان نهر الكاجيرا لصالح كل من رواندا وبورندي وتنزانيا.. كما أن السودان ومصر سبق أن وافقا على قيام سد بوكاجالي على نهر فكتوريا بيوغندا.. فهذه أمثلة توضح مدى سلامة السياسات والاستراتيجيات المائية التي ظللنا ننتهجها وليست في حاجة لورشة عمل لتضع سياسات جديدة.
وفي الختام نود أن نؤكد أن سياسات واستراتيجيات السودان المائية التي ظلت راسخة منذ الخمسينيات ليست في حاجة لوضع سياسات جديدة بواسطة ورشة العمل التي اتفق د. سلمان مع د. سيف الدين حمد على إقامتها، لوضع سياسات مائية جديدة للسودان تجاه دول حوض النيل، أو تجاه الاتفاقية الإطارية، أو تجاه مبادرة حوض النيل، وأنه ليس هناك تخبط وارتباك وتناقض، ولكن التخبط والارتباك في أذهان أولئك الذين لم يكلفوا أنفسهم تفهم استراتيجيات السودان المائية الراسخة، ولا مواقف السودان المعتدلة البناءة بين دول حوض النيل، كما لم يدركوا ما قام به السودان من تنفيذ استراتيجياته على أرض الواقع لتحقيق أقصى درجات التعاون مع مصر وإثيوبيا ودول حوض النيل الإستوائي التي استجبنا لما قدمته من مشروعات لتنفذها عن طريق البنك الدولي، وكذلك سياستنا المائية مع الجنوب سابقاً ولاحقاً.
ولا بد أن نشيد بالاستراتيجيات والسياسات التي وضع أسسها أمثال المهندس صغيرون الزين والمهندس يحيى عبد المجيد وغيرهم. وتطورت هذ السياسات والاستراتيجيات الراسخة لا سيما في إطار الاستراتيجية العشرية والاستراتيجية الربع قرنية وحتى اليوم.
والله الموفق.
وزير الري والموارد المائية سابقاً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.