استنكر الأخ د. سلمان محمد أحمد على المهندس كمال علي محمد، بما أنه غير قانوني، فكيف يتسنى له أن يعرف ويكتب عن خبراء القانون ومؤلفاتهم، ثم سرد د. سلمان قائمة مؤلفاته من الكتب والمقالات والمحاضرات. وأود أن أوضح للأخ د. سلمان أننا نحن جيل المهندسين الذين تخصصوا في علوم الهايدرولوجيا والموارد المائية منذ الستينيات، وقد قرأنا واستوعبنا مؤلفات القوانين الدولية للمياه منذ الستينيات وحتي اليوم، ونكاد نحفظ معظم نصوصها عن ظهر قلب، وقد اطلعنا تقريباً على كل ما كتبه د. سلمان. كما أن مهندسي المياه هم الذين يبتدرون ويضعون البنود الأساسية لقوانين المياه الدولية، ومهمة خبراء القانون هي صياغة تلك البنود صياغة قانونية لتعكس بجلاء المفهوم الذي يقصده المهندس من تلك البنود، وصياغة القانون هي مهمة أساسية أيضاً، وقد واكبنا وتابعنا من خلال الندوات والدوريات عندما كنا نواصل الدراسات فوق الجامعية بالمملكة المتحدة في الستينيات، التكامل بين مهندسي المياه وخبراء القانون في تناول القوانين الدولية للمياه والاتفاقيات ذات الصلة بالأنهار المشتركة بين عدد من الدول، وساهم مهندسو المياه بوزارة الري في المداولات التي سبقت مناقشة وإجازة القانون الدولي للمجاري المائية غير الملاحية بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1997م، وأننا تعودنا ألا نحصي في مثل هذا المقام نحن معشر مهندسي المياه ما أعددناه من بحوث وأوراق وكتيبات للعديد من المنظمات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، وكان لمهندسي الموارد المائية بوزارة الري والموارد المائية السودانيين دور مرموق في تضمين ما يتصل بقوانين المياه في استراتيجية الدول الإفريقية للمياه واستراتيجية الدول العربية للمياه، وفي أنشطة الأكاديمية العربية للمياه ولجان التحكيم حول نزاعات المياه والخ. ومما تقدم فإننا نحن معشر مهندسي المياه مؤهلون لكي نبدي وجهة النظر العلمية، ونقيم وننتقد كل من يكتب عن القوانين الدولية للمياه، وكذلك فإن د. سلمان لم يحالفه التوفيق حين استنكر علينا إبداء وجهة النظر بشأن مؤلفاته، حيث أن معرفة جيلنا من مهندسي المياه السودانيين بتفاصيل القوانين الدولية للمياه تمتد لأكثر من 45 عاماً. 2/ نؤكد مرة أخرى ما ذكرناه في ردنا الأول على د. سلمان بشأن مشاركتنا في اجتماع كنشاسا مايو 2009م حتى آخر بند في الأجندة، وأن نسخة المحضر التي لدى د. سلمان طالبنا بتصحيحها، وأعلن وفد السودان عدم توقيعه على المحضر، لأن قرار الدول السبع كان خرقاً للبند «6» من الاتفاق الذي أجمعت عليه كل دول الحوض في مارس 2004م. 3/ وتصحيحاً لخطأ د. سلمان نؤكد مرة أخرى أن اجتماع كنشاسا مايو 2009م الذي كانت الدعوة له أساساً لمناقشة مشروع البحيرات الاستوائية، فقد انعقد ذلك الاجتماع من 19 حتى 21 مايو 2009م، ويمكن الرجوع إلى محضر ذلك الاجتماع، وتواصل الاجتماع الوزاري ليوم 22 مايو، فقد كان فوق العادة للاستماع إلى إفادات من رئيس الدورة بشأن الاتفاقية الإطارية، وقد أوضحنا ما دار في اجتماع 22 مايو 2009م، ونرجو بهذا أن نكون قد صححنا خطأ د. سلمان. 4/ وتصحيحاً للخطأ المتكرر من د. سلمان نود أن نؤكد أن السودان منذ التوقف في أنشطة المبادرة لم يشارك في الاجتماعات الرسمية الوزارية أو اجتماعات اللجان الفنية الاستشارية، وأوضحنا أن الخبراء السودانيين معينون دولياً وليس حكومياً، وأوضحنا اتفاقنا مع المانحين بخصوص العون الفلندي والأنموذج ومسح البحيرة. وأن المشاركة في اجتماع المانحين NBTF والمستشار الذي يبحث مصير مبادرة حوض النيل كانت لعرض وجهة نظر السودان وتوضيح تجميده لأنشطته في المبادرة. 5/ وتصحيحاً للخطأ الذي كرره د. سلمان مرة أخرى مطالباً بالاعتراف بنظرية الانتفاع المنصف والمعقول، فقد أوضحنا في ردنا السابق أن السودان ومصر وافقا عليها وهي مضمنة في الاتفاقية الإطارية. 6/ وتصحيحاً للخطأ الذي كرره أيضاً د. سلمان بأن السودان ومصر يعترضان على الاتفاقية الإطارية كلياً، فهذا خطأ، لأن الاعتراض يتركز في عدم تضمين البند «14ب» وضرورة تسجيل ما اتفقت عليه كل دول الحوض سابقاً بشأن طريقة الإخطار والتصويت بشأن اتخاذ القرارات. 7/ لقد أخطأ د. سلمان خطأً غريباً حينما قال إن موافقة السودان الإيجابية التي بعث بها السودان للبنك الدولي وللحكومات على قيام مشروعات ري وخزانات لدول حوض النيل رواندا وبورندي وتنزانيا ويوغندا، قال إنها ليست مقياساً يعتد به على التعاون، ونتعجب من رأي د. سلمان، ونسأله كيف إذاً يكون التعاون إذا لم يكن بالموافقة الإيجابية من جانبنا على قيام تلك الدول بتنفيذ مشروعات ري وخزانات؟؟ وعندما عرضنا رد د. سلمان على عدد من الخبراء والمهندسين والقانونيين تعجبوا من رده. 8/ نوضح أيضاً بالوثائق خطأ د. سلمان حينما قال إن البنك الدولي أخطر السودان مجرد إخطار بمشروعات تلك الدول، ولكن طبقاً للوثائق التي بعث بها البنك الدولي لحكومة السودان فإن البنك الدولي أخطرنا وطلب منا رأينا وأن نرد عليه بالموافقة على قيام المشروع أو غير ذلك، وأعطانا مهلة ثلاثة شهور للرد TO COMMENT AND RESPOND ونقتطف من وثيقة البنك الدولي ما يلي: o Presentation of loans to the E.D. if the Bank is satisfied that the other Riparians have given a positive response to the Bank or to the beneficiary state. o The other Riparians are allowed a reasonable period to respond to the Bank. وتشير وثيقة البنك إلى أنه بعد أن يتسلم الرد سينظر فيه، فإذا كان بالموافقة يستمر في تنفيذ المشروع، وإذا كان بالرفض فإن البنك يدرس أسباب الرفض، وإذا رأي أنها غير معقولة وأن المشروع سوف لا يسبب ضرراً للدولة المتأثرة به فإن البنك في هذه الحالة يمضي في التمويل لتنفيذ المشروع. وبالطبع فإننا نعلم أن د. سلمان يدرك ذلك، ولكن لأندري لماذا قال إن البنك وجه للسودان مجرد إخطار.. ولكن البنك طلب رأي السودان بالموافقة، أو إذا كان لدى السودان أي تعليق أو أي رأي آخر. 9/ ما هو موقف المجتمع الدولي من قرار الدول السبع الانقسامي: إن موقف البنك الدولي والدول المانحة المعلن رسمياً لا يشير إلى تعاطف مع أية جهة، لأن الرأي الرسمي الذي أصدره البنك الدولي وكل الدول العظمي المانحة لمبادرة حوض النيل بعد قرار الدول السبع الإنقسامي في مايو 2009م، جاء في الرسالة المهمة التي بعث بها البنك الدولي والدول العظمى في يونيو 2009م إلى كل دول حوض النيل، والدول العظمي هي ألمانيا والنرويج والسويد والدنمارك وهولندا وكندا والاتحاد الأوربي والولايات المتحدةالأمريكية، وأوضحوا في تلك الرسالة انزعاجهم وعدم تعاطفهم مع الانقسام الذي تمخض عن ذلك الاجتماع، وطالبوا في الخطاب بمواصلة التفاوض حتى الوصول إلى توافق حول الاتفاقية الإطارية بالإجماع، وأوضحوا أنه بدون تحقيق هذا الإجماع عن طريق مواصلة التفاوض فإن مكاسب ومنافع مبادرة حوض النيل سوف تضيع، وهذا يوضح أنهم ضد قرار الدول السبع التي أعلنت إيقاف التفاوض وطرح الاتفاقية الإطارية للتوقيع قبل الوصول إلى توافق كامل. وأوضحوا في رسالتهم أنهم يعتبرون أن الوصول إلي إجماع حول الاتفاقية الإطارية مهم ويمكن الوصول إليه بمزيدٍ من التفاوض. ونقتطف هذه الفقرات من الرسالة التي وقعها نائبا مدير البنك الدولي وكل الدول العظمى المانحة التي ذكرناها: * We are very concerned about the outcome of the Kinshasa meeting. * We encourage further analysis to facilitate your negotiations. * We urge you to achieve an inclusive agreement. * The resolution in Kinshasa was elusive. * An inclusive agreement to establish the commission is essential and «ACHIEVABLE». * Without an inclusive agreement the gains of the NBI will be lost. وظل سفراء الاتحاد الأوربي وعدد من الدول المانحة يتصلون بنا عن طريق وزارة الخارجية منذ ذلك التاريخ وحتى بعد توقيع الدول السبع في مايو 2010م، ولم يعلنوا بعدها ما يفيد بغير ذلك، ليؤكد أن موقفهم الذي أعلنوه في تلك الرسالة ثابت ومستمر، وأنهم يدعمون مواصلة التفاوض، وبالطبع فإن وجهة نظر السودان ومصر هي أن يستمر التفاوض للوصول إلى توافق حول الاتفاقية الإطارية، ولكن الدول السبع هي التي ترفض فتح باب التفاوض لحل الخلاف للوصول إلى توافق، وكان النهج الصحيح هو أن يصوب د. سلمان نصائحه للدول السبع لتواصل التفاوض للوصول إلى توافق، بدلاً من أن يصوب سهامه نحو السودان ومصر، لأن الكرة في ملعب الدول السبع وليس السودان ومصر. 10/ تتلخص بقية آراء د. سلمان في رده في الآتي: إن سياسات مواقف السودان ومصر بتجميدهما للمشاركة في أنشطة المبادرة وتمسكهما بالبند «14» سوف يؤدي إلى عزلتهما خصوصاً بعد انضمام جنوب السودان والكنغو كما يرى إلى دول المنبع الرافضة للتفاوض والمتمسكة باستبعاد البند «14». وأشار د. سلمان إلى أن اتفاقية 1959م لن تزيد السودان إلا عزلةً على عزلته الحالية. أ ونكرر هنا مرة أخرى ما أوضحناه للدكتور سلمان في ردنا السابق، أن تجميد المشاركة في أنشطة المبادرة لم يكن إلا لأسباب ودواعٍ مؤسسية، وهي أن النظام الأساسي المتفق عليه بين المانحين ودول حوض النيل يقضي باستمرار المبادرة حتى الوصول إلى توافق وإجماع حول الاتفاقية الإطارية وقيام المفوضية، ولكن الدول السبع خرقت مبدأ الوصول لتوافق، وإذا تم إنشاء مفوضية بدون إجماع فإن هذه المفوضية لا يمكن أن ترث المبادرة. إن تجميد أنشطة المبادرة بالصورة التي تم إبلاغها للبنك الدولي والمانحين كان بموافقة السلطات العليا وبموافقة المجلس الوطني عند إجازته لخطط وزارة الري والموارد المائية وتقارير الأداء في العامين السابقين، هذا وإن المانحين يقدرون موقف السودان ومصر بتجميد مشاركتهم في أنشطة المبادرة لأنه مبني على أسس مؤسسية، وقد أوضحوا ذلك مراراً، ولهذا السبب فإنهم ظلوا يحثون على مواصلة التفاوض للوصول إلى توافق بشأن الاتفاقية الإطارية. ب ونكرر مرة أخرى أن استبعاد البند «14ب» ووضعه جانباً ثم توقيع كل الدول ثم بعد ذلك تتم مناقشته ثم التحكيم إلخ، يعني التخلي عن المشروعات والاستخدامات المائية الحالية، غير أنه بمواصلة التفاوض يمكن الوصول إلى صيغة تحقق التوافق والإجماع، وهذا هو أيضاً رأي البنك الدولي والدول العظمى المانحة الذي أشرنا إليه سابقاً في رسالتهم المهمة التي وجهوها إلى كل دول حوض النيل بعد اجتماع كنشاسا، ولم يعلنوا بعدها ما يفيد بغير ذلك، ولم يمارسوا ضغوطاً على السودان ومصر. إن الضغوط والتهديدات التي استمعنا إليها حتى الآن تأتي من عدد محدود من الأشخاص على السودان ومصر بأنهما سيكونان في عزلة ويدخلان في نفق إذا لم يرضخا ويفكا تجميد أنشطتهما في المبادرة، وإذا لم يتبعا ذلك بالتوقيع على نسخة الاتفاقية الإطارية التي أعدتها الدول السبع التي استبعدت منها البند «14ب». o لا يمكن أن تنجح تلك الضغوط والتهديدات في أن تدفع السودان ومصر إلى فك تجميد المشاركة في أنشطة المبادرة ويعقبها التوقيع على الصيغة الحالية للاتفاقية الإطارية التي تستبعد البند «14ب» ذاعنين راضخين مستسلمين دون قيد أو شرط، ومن دون أن ينتظرا أو يطلبا أي تجاوب إيجابي من الدول السبع بمعاودة التفاوض للوصول إلى توافق وإجماع حول الاتفاقية الإطارية بعد الاتفاق على صيغة لحل الخلاف ولو على مستوى رؤساء الجمهوريات كما تقرر سابقاً. o لاسيما أن رأي البنك الدولي والدول العظمى المانحة أنه يمكن التوصل إلى توافق حول الاتفاقية الإطارية، ولذلك دعوا إلى مواصلة التفاوض كما جاء في رسالتهم التي أشرنا إليها سابقاً. }{}