ما يزال الشيخ الدكتور / حسن عبد الله الترابي الامين العام لحزب المؤتمر الشعبى يعيش شبابا ونشاطا وحيوية أذهلت خصومه رغم أنه دخل عامه الثمانين من عمره ، ولم يخف الترابي حيوية لسانه فدائماً ما يفتخر بأن الله لم يهبه مالا ولكنه وهبه هذا اللسان! ويعتبر الترابي من أشهر القادة الإسلاميين في العالم ومن أشهر المجتهدين على صعيد الفكر والفقه الإسلامي المعاصرين، الا أن له كذلك العديد من الرؤى الفقهيه المثيرة للجدل ، فان كان كذلك فلا عجب أن تكون أراؤه السياسية الأكثر اثارة للجدل فى الساحة السياسية السودانية ، وقد وصف سياسيون موالون للحكومة تصريحات الترابي الأخيرة التى قال فيها ان حزبه متمسك بمفهوم اقامة دولة إسلامية في السودان وانه تجاوز الخلافات مع القوى السياسية المعارضة حول « مدنية الدولة « ام «إسلاميتها « كخطة مرحلية لاسقاط نظام البشير وبعدها تحصل «المفارقة « ووصفوها بالتصريحات « المربكة» وقالوا انها تدلل على أن الخلافات كبيرة، وقالوا ان الترابي هدفه فقط اسقاط النظام ولا يأبه كثيرا لحلفائه الحاليين. ولكن ماذا يقول السياسيون والمحللون ؟ رئيس حزب البعث السودانى محمد علي جادين وصف تصريحات الترابي بانها « كلام غير موفق « وقال انه يتطلب المراجعة ، مؤكدا أن الخلاف مع الترابي لازال قائما حول «مدنية الدولة « ، وزاد ان كل الأحزاب والقوى السياسية بما فيها حزب الأمة القومى مع اسقاط النظام واقامة حكومة مدنية فى وقت لايزال فيه الترابي « يراوغ « ، ويعتقد جادين أن الترابي أطلق تصريحاته تلك مضطرا لأنه تعرض لضغوط الا ان جادين عاد قائلا ان كان الترابي جادا ومع الحكومة المدنية تكون المعارضة قد قطعت شوطا ،من جانبه اكتفى الأمين العام لحزب الأمة القومى الدكتور ابراهيم الأمين بالقول ل»الصحافة» ، نحن سنرد على كل ذلك خلال مؤتمر صحفي اليوم ،فيما ذهب رئيس هيئة قوى الاجماع الوطنى فاروق أبوعيسى فى ذات الاتجاه قائلا ل»الصحافة» سنناقش تصريحات الترابي فى داخل مؤسساتنا أما اتفاق أو شكلا آخر. ولكن هل يمكن تحقيق «الدولة الإسلامية « التى يعتزم الترابي اقامتها فى السودان من واقع تحالفاته ؟ يقول أبوعيسى حكومة إسلامية ! «مستحيل « وزاد لقد جربناها مكتملة ومتجزئة وهى «فاشلة» ويكررها ثلاث مرات ،فالشعب السودانى نفسه لا يقبل ذلك وقد ذاق الأمرين ولا يمكن تكرار ذات التجربة حكومة «ثيوقراطية» « ظلامية» ترجع السودان للخلف، بينما نعت جادين تمسك الترابي باقامة دولة إسلامية فى السودان ب» تكرار الخطأ مع سبق الاصرار» وقال ل» الصحافة « انها احدى مشاكل السياسة السودانية وتكرار ذات الخطأ فى ثورة اكتوبر ثم انتفاضة أبريل بل انقلاب مايو 1969 ثم الانقاذ 1989 لأجل «دستور إسلامى « الا أن جادين عاد قائلا فان كان «إسلاما لإسلام « الأفضل لنا ناس الانقاذ الذين هم على سدة الحكم على شاكلة «الجن البتعرفو أفضل من الجن الما بتعرفو» ، اذا على ماذا تواثقت الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية - قطاع الشمال عند توقيعها وثيقة « تحالف كاودا» فى السابع من أغسطس 2011 « تقول انها تحالفت لاسقاط النظام عبر العمل العسكرى المسلح والمدني ولقيام دولة السودان «الديمقراطية العلمانية الليبرالية» القائمة على الفصل الكامل « للدين عن الدولة « فيما تنادى بقية أحزب المعارضة ب«الدستور المدني» الذي يقر حيادية الدولة تجاه الدين وجعل المواطنة اساسا للهوية القومية وهى ذاتها الأحزاب التى وصف الترابي موقفها فى وقت سابق ب«النفاق» وقال انها تتوارى خلف مفهوم « الدولة المدنية « في حين أنها تعمل من أجل اقامة « دولة لا دينية» ، ووصف جادين ماذهب اليه الترابي ب«المعلومات المغلوطة». ولكن ماهو واقع التحالف نفسه فى ظل تحالف عسكرى يحمل السلاح ؟ فى وقت كشف فيه الدكتور الترابي عن اتصالات لحزبه مع الحركات المتمردة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية « تحالف كاودا « وأكد موافقة غالب تلك الفصائل على اطروحات المعارضة باستثناء الحركة الشعبية - قطاع الشمال وقال الترابي انها تتعرض لضغوط من قبل مجلس الامن لحملها على التقارب مع النظام ، غير ان الترابي ابدى ثقته مجددا فى قطاع الشمال أن يلحق بركب المعارضة ، مشيرا الى ان الاتصالات مستمرة بالتحالف المسلح عبر اشخاص غير معروفين فى الداخل والخارج الى جانب الاستفادة من وسائل الاتصال المتطورة، واضاف «نتحدث معهم مباشرة وجها لوجه بوسائل لا يعلمونها ولا يمكن تسجيلها». ولكن ماذا يقول الحزب الحاكم ؟ القيادى بالمؤتمر الوطنى عضو المكتب القيادى الدكتور ربيع عبد العاطى سخر بشدة من تصريحات الترابي وقال انها كشفت عن نواياه ومخادعاته، واصفا الترابي بالشخص الذى ركب الحمار ليعبر به البحر ثم عرضه للبيع بمجرد وصوله الشاطئ الآخر، وقال ل «الصحافة» انها ثقافة الاستغفال التى يجيدها الترابي للاستفادة من الآخرين ، أما بشأن تقارب الإسلاميين يتساءل عبد العاطى لماذا ندس رؤوسنا فى الرمال فكثيرون يعلمون الوفود والجماعات التى انسلخت من الشعبى وانضمت للوطنى فضلا عن جهود ظلت تبذلها قيادات وهى معلومة لدى الطرفين بشأن التقارب ، الا أن عبد العاطى عاد قائلا لا قدسية لأحد فى النظام الإسلامى ووصف حديث الترابي بالتطور الخطير فى حزب المؤتمر الشعبى ، أما بشأن اسقاط الحكومة بقوة السلاح دافع عبد العاطى بشدة عن حزبه ويقول بأن الوطنى حزب راسخ ويمتلك شرعية جماهيرية ويعتبر اسقاطه من اسقاط الشعب السودانى بكامله ويبين بأن الحركات المسلحة والأخرى التى فى صفها هزمتها جماهيريتها فى المنافسة ولجأت لحمل السلاح ،ويقول عضو المكتب القيادى للوطنى من أراد السلطة فعلية أن ينالها عبر التداول السلمى عبر صندوق الانتخابات وليس بقوة السلاح لإسقاط حكومة شرعية منتخبة ولها آلياتها لحماية سلطتها .