من الأمور المبشرة بقرب بزوغ فجر التغيير ولو سلمياً لإخراج البلاد والعباد من دائرة الاقتتال والفقر ومتلازمة الرجوع الى الخلف، هو التدافع الواضح لقوى الخير من اجل إيقاف شيطان وغول الغلاء الطاحن الذي بات يهدد مضاجع الملايين من ابناء السودان وينازعهم لقمة العيش وقطعة الخبز وملعقة السكر والدواء، والتدافع الذي نقصده أشارت إليه العديد من أخبار هذا الاسبوع، ورغم انها أخبار مازالت قيد التنفيذ الا انها تشير ضمنياً الى انتصار وتقدم القوى الوطنية المنحازة الى الشعب نحو آفاق التغيير. الخبر الاول جاء لافتاً النظر الي استشعار بعض اعضاء البرلمان المعين الى حقيقة دورهم البرلماني المنحاز للشعب في كبح جماح السياسات الاقتصادية الهوجاء التي ظلت ترمي بها كل حين وزارة المالية امام منضدة البرلمان، بغية البصم عليها بالعشرة وإجازتها، لتصبح سيفاً مسلطاً على الفقراء، فقد رفض نواب بالبرلمان اي تحرير لسلعة السكر بعد ان ادركوا حجم الضرر الذي سببته سياسة التحرير، خصوصاً في ما يلي السلع الضرورية، وبالتالي وإزاء الرفض الواسع من اعضاء البرلمان للقرار المرتقب تجاه زيادة اسعار السكر المنتج بواسطة مصانع الشعب وهو احد السلع ذاتية الاكتفاء، فإن مخططات وزارة المالية للعام الجديد ستبوء بالفشل لأنها تضع كامل حملها وثقلها على كاهل المواطن المسكين. الخبر الثاني وهو من جنس الاول، حيث قرر أخيراً السادة اعضاء مجلس الوزراء تجريم العمل باي اورنيك مالي ماعدا اورنيك «15» الذي يعيد الولاية على المال العام مجدداً وبعد طول غياب الى النظام المالي الموروث منذ الاستقلال، وبالتالي وبناءً على قرار مجلس الوزراء الموقر سيتم تجفيف كل اوكار الجبايات غير المشروعة. ويا حبذا لو تمت محاكمتها على ما سلف.. وسيكتشف العديد من الناس أن هذه الاوكار تعود الى الدولة نفسها، وبالتالي الخبر يشير الى بزوغ فجر الشعور بالمسؤولية من قبل المجلس الموقر تجاه البلد، وهو تقدم ملحوظ وحميد باتجاه الاصلاح. والخبر الثالث يجيء متسقاً مع الخبرين اللذين سبقاه، وإن جاء من قوى تقف في خط المواجهة مع الحكومة، الا وهو خبر اجتماع تحالف قوى المعارضة في دار الحزب الشيوعي لمناقشة الاوضاع المعيشية للمواطن السوداني على ضوء السياسات الاقتصادية المهلكة التي تتبعها الحكومة، وخروج المجتمعين ببيان واضح يدين ويجرم كافة السياسات الاقتصادية والممارسات الحكومية المخربة لمصالح الشعب السوداني، وانهيار «بيت المال العام» تحت وقع مطارق الفساد ومعاوله المحمية بسلطة الحكومة، وهو خبر يفيد بأن الوضع الحالي مرفوض من الجميع، وأن التغيير منشود بشدة. وهناك أخبار أخرى جيدة تصب في ذات الاتجاه الرامي الى تغيير نمط السلوك الحكومي ليرتقي الى درجة الشعور بالمسؤولية والاستحياء من الشعب ان لم يكن من الله، فقد قررت حكومة ولاية الخرطوم تقليص الدفعيات والحوافز التي كانت تغدقها على من تسميهم «خبراء وطنيين»، وهم نفر من الناس يعملون خارج منظومة الخدمة المدنية المعروفة، وحيث أن هذه الدفعيات تؤخذ من المال العام، فقد قررت الولاية تقليص الأخذ بنسبة 33% على ان يستمر الاخذ بنسبة 67%، وهي النسبة التي ستعتمد الى ان تظهر بادرة حياء او شعور مستقبلي بالمسؤولية تجاه المال العام. وهناك اخبار اخرى مفيدة، منها ان السيد نائب الرئيس يهيب بالولايات السيطرة على ملف الاسكان لخدمة السكان، وهو خبر جيد ويجيء بعد أن أصبح ملف الاراضي مرتعاً للمتلاعبين ونشاط شركات الانشاءات المشبوهة، وبعد أن أصبح الحق في السكن حقلاً للمزايدات وممارسة الارهاب السلطوي، وظهور بدعة تكوين القوات الشرطية التي تتبع لوزراء غير وزير الداخلية، تحت ستار حماية هيبة الدولة، وهو باب كبير من أبواب التجاوزات سنفرد له لاحقاً مساحة معتبرة.