من الأصوات الشعرية المميزة التى ارتبطت بولاية دارفور، ويجيد نظم الشعرالعامى، ونفذت قصائده الى وجدان الناس لأنها صادقة وتلامس احلام البسطاء، وكتب الشعر الغنائى، وصدحت باعماله مجموعة من المطربين منهم عمر احساس والهادى حامد ود الجبل.. التقاه ابو ذر الغفارى فى نيالا، وكانت هذه المقابلة القصيرة حول تجربته الشعرية. ٭ كيف يبدو المشهد الشعري العام بنظرك؟ المشهد الشعري يعانى من حالة خذلان في اعلى مستوياته، وهناك ازمة حقيقة يعيشها الشعر ليس في دارفور فحسب، وانما في كل ارجاء الوطن، ويرجع ذلك للتهميش الكبير الذي يلاقيه على كل الاصعدة. ٭ ماذا عن تجربتك مع الفنان الهادي حامد «ود الجبل»؟ الفنان الهادي حامد فنان ملتزم وشفاف، وصاحب بصيرة متفتحة، وهو متألق دائماً في حضوره الفني وعبقريته في الانتقاء، والصدفة وحدها هي التي جمعتني به، واثمر ذلك تلحينه لاحدى قصائدى، اغنية «حبيتو فرادي».. متعه الله بالصحة والعافية. ٭ الشعر موهبة ام اكتساب وبمن تأثرت؟ في الشق الاول من السؤال ارى أنه ليس في مقدور كل شخص ان يصبح شاعراً، خاصة اذا كان عاطل عن الموهبة، فإن من يكتب القصيدة يشعر بها يسافر بها الى عوالم يتنفسها، فتخرج صادقة وقوية. ويعجبنى شعر الشاعر المصرى الابنودي والراحل حميد والقدال، والثلاثة رواد مدارس شعرية مميزة، وتأثرت بهم لحد كبير، وهذا ما ظللت اذكره، ولكل اسلوبه الذي يكتب به ويناضل من اجله.. نعم إننا نتشابه في التناول الانساني العميق لقضايا الواقع الاجتماعي ولكن نختلف كثيراً ايضاً. ٭ يلاحظ القارئ لأعمالك الشعرية انحيازك للمفردة الموغلة في العامية الدارفورية؟ لكي يكون الشاعر اصيلاً ومجدداً ومميزاً يجب أن يستصحب معه تراثه المعرفي من خلال الادوات نفسها. وفي هذا الحيز اختار لغتي الخاصة اخلق وابتكر، لذلك تجدني اتكلم من داخلي واراقب احساسي باقتدار وانتج شعري بدراية ومعرفة لأشبع حاجتي، واتحاور مع نفسي كما اعتقد بحميمة وصدق، واختار المفردات التي تلامسني دون غيري. ولأني محاصر بالتراث تجدني متصالحاً معه ومهتماً به بالرغم من تجازوي له في بعض الاحيان ولكن بشرط، والتراث في الغالب يكون مثل قطعة الاسفنج لا تستطيع ان تستخدمها ما لم تفرغها من محتواها القديم. ٭ هل أنت راض عما كتبت؟ مهم جداً أن نكتب وتحت اي ظرف وفي اي وقت مهما كان حجم التحدي، وبالذات في هذا الوضع الذى تعيشه دارفور، وهنا تصبح كتابة الشعر ضرورة، وفي ظل هذه الظروف الحرجة والسديم الهائل الذي يتقاذفنا ينتابني كثير من اليأس بعدم جدوى الكتابة لكن هل من مناص؟ والرضاء متاهة غير محددة المعالم لأنه لا يمكنني ان أرضى بتحقيق بعض من طموحي واحتياجي، وتهزم مقابل ذلك مخاوفي، وبهذا الفهم يمكن أن يكون الرضاء ممكناً، لكن ان كنت تعني بالرضاء ان امتلك جهازاً نفسياً ولا احتج ولا اغضب ولا اتعذب، ومع ذلك اكون سعيداً، فإن سعادتي هنا غير ممكنة. ٭ لماذا توقفت عن التعامل من الفنان عمر إحساس بالرغم من النجاح الكبير الذي حققته أغنية «ضل السحاب»؟ لسبب أو لآخر وللتعامل غير المنصف زهدت في التعاون معه. ٭ الفنانون السودانيون ودورهم الرسالي تجاه اهل دارفور؟ الفنانون بمختلف كياناتهم الابداعية هم اكثر قدرة وإسهاماً في حل القضايا وبصورة اكثر انسانية، من خلال دورهم الريادي ورغبتهم الاكيدة في حل اشكالات الوطن من اجل الحرية والأمن والسلام. ولكن للأسف فإن مبدعينا سجلوا غياباً واضحاً وكأن الامور لا تهمهم، عدا القليل منهم كعقد الجلاد وآخرين يعدون على اصباع اليد الواحدة. ونتمنى ان يسهم المجتمع الفني بصورة اوسع، وذلك من خلال تنظيم فعاليات ومهرجانات كبيرة يتنادي لها الجميع. ٭ متى تعز المفردة عليك وتكون غير قادر على كتابة الشعر؟ الشعر عندي مثل الحلم يفتح بابه على مصراعيه للتأويل، وقدرتي على كتابته مرهونة بتفاصيل حياتي، وبما يشبه اليقين فإن قاموسي في متناول يدي. ٭ الشعر عندك ما بين البداية والنضوج؟ بداياتي راسخة وعميقة، ودائما في البال، واتمني ان نتطور معا.. نعم انا بدأت الكتابة الشعرية منذ وقت بعيد، لكن لعوامل كثيرة لم تصل قصائدى للناس بسبب النشر، وهذا موضوع آخر، ومن ذلك التاريخ وأنا انقب وابحث عن المفردة التي اعبر بها، ولثراء وذكاء المفردة المحلية اشتهي الكتابة بها. ٭ كتاباتك تأخر نشرها ولم تكن حريصاً على التوثيق؟ التوثيق ازمة قديمة، ومرد ذلك لضعف حركة النشر والتأليف وغياب مدخلات انتاجه، اضف الى ذلك انقطاع الدوريات الفكرية الجادة ومعارض الكتب، وان وجدت تكون بتكاليف باهظة، ولا يوجد كاتب لا يتمنى ان تنشر اعماله وترى النور، لكن هناك متاريس كثيرة نأمل أن تزول. ٭ بدون تجارب عاطفية هل يكتب الشعر؟ وماذا عن قصيدة «اروى»؟ أولاً شكراً ل «أروى» التي عرفتني بالناس، وهى ليست القصيدة الافضل بين كتاباتي، لكن لحسن الحظ لاقت راوجاً اكثر من رصيفاتها لشيء في نفس المتلقى، وأنا ولدت لاكتب الشعر.. وهكذا دائما اناجي نفسي.